زخم الوساطات هل ستدفعه الى جادة الصواب
ايران وبعد توقيعها للاتفاق النووي مع دول (5+1) التي كانت حصيلة جهد استمر لاكثر من عشر سنوات، تفاءلت خيرا ان هذه الاتفاقية المصادقة عليها من قبل مجلس الامن الدولي ستأخذ طريقها للتنفيذ ايذانا ببدء مرحلة للتهدئة والتعاون بعيدا عن الصخب الاعلامي والتهديدات، لكن سرعان ما تبخرت بداية هذه الاحلام في عهد الرئيس الترامب الذي وقع الاتفاق وهو يضع العراقيل بحجج واهية لكن وصول الرئيس ترامب الى البيت الابيض نزل عريانا وكشف عن وجه اميركا الحقيقي كما هو، فلا أعراف ولا قوانين دولية، هذا الاتفاق ليس جيدا ولانه لا يصلح علينا توقيع اتفاق جديد يؤمن مصالح الولايات المتحدة الاميركية.
وبعد شد وجذب اعلنت واشنطن وبعد اسبوعين من وصول الرئيس ترامب الى البيت الابيض عن وضع 12 شرطاً للتفاوض مع طهران لكن الاخيرة التي اعتادت ان تتكسر على صخرتها جميع المؤامرات، رفضت ذلك بالمطلق وهذا ما اجبر واشنطن عن تعلن استعدادها للتفاوض هذه المرة دون أية شروط لكن طهران بقيت عند كلمتها لاتفاوض ولا تساوم على اميركا ما لا يسحب ترامب ان تسحب قراره ويعلن استعداده لتنفيذ الاتفاق الدولي بحذافيره والغاء جميع العقوبات التي وضعها.
وبقي هذا الملف يراوح مكانه بين الاخذ والعطاء حتى جاءت الضربة المزلزلة لانصار الله لمنشآت آرامكو والتي هزت بدورها العالم ، متزامنة مع الاجتماع السنوي للجمعية العامة للامم المتحدة الذي يحضره قادة العالم للبت في الشؤون الدولية وقضايا الساعة وترامب يقيم الدنيا ولا يقعدها ويستجدى الجميع لترتيب لقاء له مع الرئيس روحاني للبت في المواضيع الخلافية مع ايران، لكنها تصطدم بالحائط المسدود.
غير ان ايران لها جواب واحد لا يتغير وهو عودة ترامب للاتفاق النووي وتنفيذه ومن ثم الغاء جميع العقوبات التي فرضها على ايران التي تقف على ارض صلبه من خلال اصرارها وتمسكها باحترام هذا الاتفاق الذي يستند الى الشرعية والقوانين الدولية المفروض تنفيذها في حين ان الموقف الاميركي يستند الى البلطجية وهي فاضية اليدين ولا تستند الى اي معيار أو قانون يخولها المضي في موقفها لانه يعتبر انتهاكا للقوانين الدولية وهذا ما هو مرفوض حتى في القوانين السماوية والوضعية بالتالي هذا الامر يفضح اميركا ويظهرها على انها دولة منفلته وخارجة عن القانون الانساني والحضارى بل احسن ما يقال عنها انها احتجزت لنفسها المكان المخصص لها في "قانون الغاب" .
غير ان اميركا المهزومة ومعها النظام السعودي الذي بدأ جهارا نهارا يغرق في الرمال اليمنية المتحركة، يستغيثان النجدة لطلب الوساطات مع ايران، فزخم الوساطات لا تنقطع والتي بدأتها فرنسا نيابة عن الاتحاد الاوروبي حيث التقى الرئيس ماكرون ثلاث مرات بالرئيس روحاني خلال 24 ساعة ثم تلى ذلك الوساطه اليابانية ومن ثم العراق الذي طائر رئيس وزراءها عبدالمهدي للرياض لتحريك هذا الملف. لكن الجديد هو دخول عمران خان رئيس الوزراء الباكستاني الذي طلب منه محمد سلمان ولي العهد السعودي التوسط لدى ايران بهدف التهدئة ولم يكتف بهذا المقدار بل اعلن كذلك ان الرئيس ترامب طلب منه ايضا التحدث الى الرئيس روحاني في هذا المجال..
لكن يبقى جواب ايران واحدا و حاسما لا يتغير العودة الاتفاق والالتزام بحذافيره والغاء جميع العقوبات ومن ثم يأتي الدور لمواضيع اخرى أن اقتضى الامر واما ما يهم التهدئة والسلام في منطقة الخليج الفارسي وسلامة الملاحة فيها فهو مرهون بمبادرة هرمز للسلام الكفيلة لحلها .
واخيرا السؤال الذي يتردد بين اصحاب الرأي العام العالمي والاقليمي هل ان زخم الوساطات التي تبذلها الاطراف الدولية والاقليمية ستدفع ترامب الى جادة الصواب؟!