خبير أمريكي: يمكن ان يتراجع ترامب و يعود للاتفاق النووي مقابل تنازلات ظاهرية
من ايران
بلال تامر
في خضم ما تعرضت له المملكة العربية السعودية مؤخرا من هجمات غاشمة استهدفت منشآتها النفطية والمأزق الذى يواجهه ترامب ما بين الوقوف إلى جانب السعودية، أو مواجهة إيران، نشر الموقع الالكتروني لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية الجمعة، بالتوقيت المحلى، مجموعة من التساؤلات في هذا الشأن للخبير بالمجلس فيليب إتش. جوردون، والذي أجاب عنها بالتفصيل.
وفي معرض رده على تساؤل حول ما إذا كان إعلان المسؤولين الأمريكيين عن قيامهم بتشكيل تحالف لمواجهة العدوان الإيراني في الخليج الفارسي في أعقاب الهجوم على منشآت النفط السعودية، يعنى الحد من تصعيد الحديث عن الحرب، أشار جوردون إلى أنه يبدو من الواضح أن ترامب حريص على تجنب الانزلاق نحو صراع قد يؤدى إلى رد فعل عسكري ضد إيران التي يفترض أنها المسؤولة عن الهجوم الأخير. وتدرك الإدارة الأمريكية أن عدم الرد سيشجع إيران على تنفيذ مزيد من الهجمات، لكن ترامب يدرك أيضا أن هجوما عسكريا على إيران يمكن أن يؤدى إلى صراع أوسع نطاقا، وإلى أزمة طاقة عالمية وإلى كساد في عام الانتخابات الأمريكية، كما سيؤدى إلى غضب أفراد قاعدته السياسية التي تعتمد عليه في تجنب المزيد من الحروب في الشرق الأوسط.
ويقول جوردون، الذي عمل مساعدا خاصا للرئيس الأمريكي ومنسقا للبيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، ومنطقة الخليج الفارسي في الفترة من عام 2013 وحتى عام 2015 ، إن هذا يفسر سبب لجوء ترامب، رغم تصريحاته المتشددة، إلى الاحتياط من خلال تعبيره عن عدم التأكد من هو المسؤول عن الهجمات، وأن الأمر يرجع للسعودية في أن تقرر كيفية الرد، والإعلان عن عقوبات جديدة على إيران رغم زعمه أن أمريكا بلغت بالفعل” الضغط القصوي”.
وفى إجابة عن تساؤل عما إذا كان يتعين على المسؤولين الأمريكيين استغلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبلة للدعوة إلى إجراء تحقيق في الهجوم الذي يرى كثير من الخبراء أنه لم يسبق له مثيل، قال جوردون إنه في الظروف العادية، وفي ضوء الاهتمام العالمي بحماية الامدادات النفطية، يتوقع المرء أن يكون هناك إجماع دولي، خلف رد فعل دولي قوى. ولكن في هذه الحالة، ونظرا لأن الكثير من دول العالم، تعتبر إدارة ترامب مسؤولة عن استفزاز الأزمة من خلال حرمان إيران من القدرة على تصدير نفطها، سوف يتعين على واشنطن أن تبذل جهدا كبيرا لكسب تأييد دول أخرى في الأمم المتحدة. كما يبدو من غير المحتمل أن تكون أي عقوبات دولية أخرى فعالة في ضوء قيام الولايات المتحدة بالفعل بمعاقبة الاقتصاد الإيراني بفرض عقوبات.
وفي رده على تساؤل حول إمكانية أن تؤدى أي محاولة جديدة بالنسبة لوقف إطلاق النار في اليمن، وعملية السلام هناك، إلى تخفيف أوسع نطاقا للتوترات، قال جوردون إن الصراع في اليمن أمر يتعلق بالتنافس بين السعودية وإيران أكثر من كونها قضية، وهى منافسة سياسية جغرافية وطائفية في الوقت نفسه، وبسبب تلك المنافسة، تجد إيران أن التدخل في اليمن طريقة أقل تكلفة نسبيا لخلق متاعب للسعودية. ومن المؤكد أن وقف إطلاق النار في اليمن سيساعد في الحد من التوترات في المنطقة ، وهو في صالح اليمنيين الذين يعيشون في معاناة، ومع ذلك، سيستمر التنافس الأوسع نطاقا في المنطقة. ويرى جوردون أنه طالما استمر الخلاف بين السعودية وإيران، من الصعب تصور تحقيق السلام في اليمن.
وحول احتمالات الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني في الوقت الحالي، ذكر جوردون أن هذا لا يمكن أن يحدث بدون تنازل كبير من إدارة ترامب أو إيران، ولكن ليس هناك احتمال لحدوث ذلك. ويبدو أنه لم تتحقق توقعات ترامب من وراء انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وأهمها إجبار إيران على العودة لمائدة المفاوضات من أجل التوصل لاتفاق جديد يلبي مطالبه بوقف برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم وإنهاء تدخل طهران في المنطقة.
ويقول جوردون أنه أصبح واضحا الآن أن هذا التوقع كان محض خيال دائما، وأن إيران تؤكد أنه إذا لم يكن باستطاعتها تصدير نفطها بسبب العقوبات الأمريكية، فسوف تعمل على التأكد من أن الآخرين لن يستطيعوا ذلك أيضا.
وأكد جوردون أن ترامب يواجه موقفا صعبا الآن: التراجع في وجه تهديدات إيران وتصرفاتها، أو تصعيد الصراع بطرق من الواضح أنه يريد أن يتجنبها- وهو مأزق كان يتعين عليه قبل كل شيء دراسته بعناية أكثر قبل انسحابه من الاتفاق النووي في أيار/مايو من عام 2018 وأشار جوردون إلى أنه من الممكن أن يتراجع ترامب عن قراره وأن يعود إلى الاتفاق النووي مقابل بعض التنازلات الظاهرية من جانب إيران، ولكن ذلك سيمثل تحولا كبيرا للغاية في السياسة.