kayhan.ir

رمز الخبر: 101077
تأريخ النشر : 2019September17 - 19:55

نتنياهو ومحاولات التهرب من السجن

عادل ياسين

للمرة الثانية خلال عام يتوجه الناخبون في "إسرائيل" إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في الكنيست؛ إلا أن المعركة الانتخابية الحالية تختلف عن سابقاتها فهي أشد حدة وتنافساً بين الأحزاب السياسية.

وكما انها تتميز بتمحورها حول نتنياهو ومستقبله السياسي لاسيما وأنها تتزامن مع اقتراب الموعد الذي حدده المستشار القانوني للحكومة للاستماع لأقواله حول قضايا الفساد الموجهة ضده أمام لجنة قانونية خاصة قبل إصدار قراره النهائي.

فإما أن يفوز نتانياهو فيها ويتمكن من تشكيل حكومة تُقدم له طوق النجاة وتساعده على تمرير قانون الحصانة الذي يمنع تقديمه للمحاكمة طيلة فترة ولايته رئيساً للحكومة، وإما أن يخسرها ويضطر للخضوع لتحقيقات متتالية في قسم محاربة الفساد وما قد يترتب عليه من تقديم لائحة اتهام توصله للسجن بتهم تلقي الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في ظل توفر أدلة دامغة ضده، هذه الحقيقة يدركها نتنياهو جيداً ويعتبر فوزه في الانتخابات كملاذه الأخير لذلك يسعى بكل قوة لاستدراك الخطر قبل وقوعه من خلال عدة خطوات استباقية أهمها:

1- تجنب الحديث عن غزة أو القيام بزيارة للمستوطنات القريبة منها خشية تعرضه لانتقادات وتساؤلات لا يمتلك الإجابة عليها والاكتفاء بتكرار تهديداته بالقيام بعملية عسكرية واسعة في حال تطلب الأمر أو إتمام الاستعدادات للقيام بها، وهو بذلك يمهد الطريق لإلقاء اللائمة على الجيش واتهامه بعدم الوصول إلى المستوى المطلوب من الجاهزية للتنصل من انتقادات منافسيه.

2- الاعتراف بمسئولية "إسرائيل" عن العمليات التي تُنفذ ضد أهداف إيرانية في سوريا واستعراضها كإنجاز ضمن حملته الانتخابية رغم تعارضه مع سياسة التعتيم التي تبنتها "إسرائيل" على مدار سنوات.

3- استغلال علاقاته مع الرئيسين الأمريكي والروسي في حملته الانتخابية ورفع صورهما إلى جانب صورته للإشارة إلى مدى قبوله وتأثيره في الحلبة الدولية لاسيما وأن استطلاعات الرأي أشارت إلى أن 28% من الجمهور الإسرائيلي يعترفون بدوره في تعزيز مكانة "إسرائيل" الدولية، كما تعهد بالعمل على التوصل لتحالف دفاعي مشترك مع الولايات المتحدة.

4- استعراض قدرته على اختراق العالم العربي ونجاحه في تجنيد بعض قادته للعمل لمصلحة "إسرائيل" في إطار المصالح المشتركة خصوصا فيما يتعلق بما يسميه "الخطر الإيراني".

5- استمرار التحريض ضد الوسط العربي واتهام قادته بالعمل على تزييف الانتخابات تارة والسعي لتدمير دولة "إسرائيل" تارة أخرى، واستغلال مشاعر العداء ضدهم لزيادة نسبة التصويت لدى الجمهور اليهودي وللتأثير على الناخب العربي وخفض نسبة المشاركين في الانتخابات لكي يتمكن من تشكيل حكومته اليمينية بأريحية.

6- تعيين مقربيه في مناصب رفيعة داخل الجهاز القضائي كتعيين مراقب الدولة متنياهو انجلمان الذي أعلن فور توليه المنصب عن نيته إغلاق قسم محاربة الفساد، كما سمح لنتنياهو بالحصول على قرض لتمويل أتعاب المحاميين الذين يترافعون عنها خلافا لقرار المراقب السابق.

7- التعهد بفرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت ومستوطنات الضفة لدغدغة عواطف المستوطنين وكسب أصواتهم رغم الانتقادات الدولية والمحلية التي ترى في هذه الخطوة تمهيد لدولة ثنائية وما تشكله من خطر ديمغرافي على "إسرائيل" , ما عدا القضاء على إمكانية التوصل لتسوية سلمية وما قد يترتب عليه من مخاطر أمنية في حال اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية.

8- التجاهل المقصود للمشاكل التي يعاني منها الجمهور الإسرائيلي كمشكلة الجهاز الصحي الذي يعاني من حالة انهيار على حد وصف المختصين، ومشكلة الجهاز التعليمي والنقص الكبير في عدد المعلمين وارتفاع نسبة الفقر وزيادة العجز في الميزانية خلافا للتوقعات.

9- التحريض ضد وسائل الإعلام التي تتحدث عن ضلوعه في قضايا الفساد والتشهير ببعض الإعلاميين مما اضطر الشرطة إلى توفير حماية للصحفي جاي فيلج بسبب نشره معلومات عن فحوى التحقيقات معه في إحدى قضايا الفساد، وفي المقابل دعمه للمواقع اليمينية التي تتولى الدفاع عنه.

10- النزول إلى مستوى لا يليق برئيس حكومة أو أي شخصية سياسية تحترم نفسها كالمشاركة في فيديوهات قصيرة ولعب دور المرشد السياحي تارة والمنقذ البحري تارة أخرى.

هذه الخطوات وغيرها تعبر عن حالة التوتر التي يعيشها نتنياهو والتي وصفها بعض الإعلاميين بالهستيرية، فهل ستُسعفه خبرته الطويلة في خداع الجمهور الإسرائيلي للفوز بالانتخابات والخلاص من المصير المشئوم الذي ينتظره أم أن رياح التغيير التي لا تُحابي أحد ستعصف به وتلقيه في غياهب السجن لسنوات طويلة ليلاقي نفس المصير الذي لاقاه رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت ورئيس الدولة السابق موشيه كتساف.

وإن غداً لناظره قريب ...