إيران..أولوية فلسطين والمقاومة
علي إبراهيم مطر
تعد إيران أحد أهم اللاعبين السياسيين الرئيسيين في منطقة الشرق الأوسط. الدولة الوحيدة في الإقليم التي تقارع السياسة الأميركية. تقف في وجه سياسات التسلط التي تتبعها الإدارة الأميركية في اليمن، العراق، سوريا وفلسطين وغيرها. وقد شكلت طهران في دعمها اللامتناهي للقضية الفلسطينية على كافة الصعد، ومن ثم دخولها على خط مواجهة "داعش"، أحد أهم العوامل التي جعلتها قوة إقليمية مؤثرة جداً في اية ترتيبات سياسية وأمنية قد تحصل. ولم يعد يمكن إغفال دورها على المستوى الإقليمي، وتأثيرها في الأوضاع على الساحة السياسية الإقليمية عامةً.
هذا الدور الفاعل الذي تلعبه الجمهورية الإسلامية على مستوى الإقليم، يأتي نتيجة مواقفها المبدئية، القائمة على دعمها لحركات المقاومة بوجه الغطرسة الإسرائيلية وتصديها للتكبر الأميركي. هذا في حين غابت الدول العربية عن هذه القضية منذ حرب أكتوبر 1973 ولم نشهد أي دور فاعل للجامعة العربية في حفظ هذه القضية وإعادة الحقوق للشعب الفلسطيني.
لقد عمدت إيران منذ انتصار الثورة إلى بناء علاقات مميّزة مع الفصائل الفلسطينية، لِما يحمله موقف الجمهورية الإسلامية من عداء لإسرائيل "الشر المطلق". وقدّمت الجمهورية الإسلامية الدعم لحركة الجهاد الإسلامي منذ تأسيسها ولحركة المقاومة الإسلامية حماس. وقد واصلت تقديم الدعم للمقاومة الفلسطينية بكافة توجّهاتها، ومع كل جولة تصعيد تساهم إيران في بناء قدرات المقاومة الفلسطينية ومراكمة قوّتها.
كل ذلك يأتي انطلاقاً من رفض طهران الاعتراف بالكيان الصهيوني والمناداة بإزالته عن الخارطة الدولية. لذا يمثّل الثقل الإقليمي لإيران في المنطقة نقطة قوّة للقضية الفلسطينية وحركات المقاومة، فهي تدعم حزب الله في لبنان بما يشكّله من استنزافٍ وتهديدٍ متواصلٍ للعدو في الجبهة الشمالية، وتدعم المقاومة في قطاع غزّة، وتسعى دائماً إلى إيجاد خطوط إمداد للمقاومة.
الدعم الإيراني هو جزء أساسي لكل المستضعفين من البلدان التي تريد واشنطن أن تستغلها، فهي تعد داعماً أساسياً لشعوب المنطقة في مواجهة الإرهاب والسياسات الأميركية الاستعلائية، وقد عملت إيران منذ الاحتلال الأميركي للعراق وصولاً إلى صعود تنظيم "داعش" الإرهابي، على منع واشنطن من التفرد بالقرار في العراق، وتوسيع نفوذها ومن ثم احتلال قواتها لبلاد الرافدين، بشكل مقنّع تحت حجة محاربة تنظيم "داعش". لقد كان دور طهران في الحرب على "داعش" في العراق بارزاً وملموساً، من خلال إرسال مستشاريها ودعم هذا البلد بالسلاح والذخيرة، وتدريب عدة فصائل في الحشد الشعبي العراقي، وقد كان لإيران دور بناء في هذه المواجهة لقطع الطريق على تنظيم "داعش" من السيطرة على كامل العراق.
أما في سوريا، فقد شكلت إيران داعماً أساسياً للدولة السورية التي كانت تواجه حرباً كبرى تشن عليها، بأدوات إرهابية وقيادة أميركية ودعم عربي، ومنذ البداية تحسست إيران خطر المشروع الأميركي الساعي إلى محاصرة سوريا وكسر محور المقاومة، ما دفع الجمهورية الإسلامية بقيادة الإمام السيد علي الخامنئي لوضع كل ثقلها في حماية الدولة السورية، حيث شعرت طهران بقلق بالغ إزاء الآثار الجيوسياسية لتغيير النظام في سوريا، والذي يعتبر رأس حربة في محور المقاومة المواجه لـ"إسرائيل" والمشروع الأميركي لتقسيم الشرق الأوسط، وقد قدمت طهران كل أدوات الدعم السياسية الاقتصادية والعسكرية.
لقد كان الدور الإيراني هاماً جداً بالنسبة لسوريا والعراق، حيث ساهمت إيران بشكل كبير في الحرب على الإرهاب فيهما، كما قامت إيران بدور مؤثر وفاعل إلى جانب حلفائها في قوى المقاومة كحزب الله والحشد الشعبي وفصائل أخرى في محاربة كافة التنظيمات الإرهابية، فضلاً عن أنها لم تترك فلسطين والمقاومة الفلسطينية على الرغم من كل العقوبات الأميركية عليها ، فإيران تقف دائماً إلى جانب حركات وقوى المقاومة التي تدافع عن فلسطين في مواجهة العدو الإسرائيلي وتعمل على نصرة الشعوب المستضعفة.