تونس على بوابة الحسم الانتخابي
تونس الخضراء.. تونس الزيتونة.. تونس التي انطلقت منها الثورة والصحوة تشهد اليوم عرسا انتخابيا حاميا يشارك وفيه 26 مرشحا حيث تخوض تجربة الانتقال الديمقراطي الجديد لانتخاب ثالث رئيس للجمهورية بعد الثورة التي اطاحت بنظام بورقيبه. وما يميز انتخابات تونس الرئاسية هذه المرة عن سابقاتها ولأول مرة يشهد فيها العالم العربي انتخابات نوعية حيث يتناظر فيه المتنافسون على الشاشة التلفزيونية الرسمية لطرح رؤاهم وبرامجهم لقيادة الدولة وهي ظاهرة حضارية ـ عصرية تسهل على الناخب انتخاب مرشحه من خلال برنامجه وليس الشعارات التي يطلقها.
ولا شك ان الحراك الديمقراطي التي تشهده هذه الايام تونس ظاهرة فريدة من نوعها في العالم العربي تستحق التوقف عندها كتجربة جديدة يجب ان تنقل الى الدول الاخرى لتنعم الشعوب العربية بطعم الحرية والمشاركة في اتخاذ القرار واستقلاله اما نجاح هذا التجربة يكمن في ديموميتها وسلامتها في الانتقال السلمي للسلطة والمحافظة على الدستور ، مما يعزز هذه المسيرة وصول رجال اكفاء الى دفة الحكم من خلال احترامهم الدستوري والقانون وتسخير كل امكاناتهم ونقاط قوتهم لبناء الدولة في ظل التزامهم بالقيم والمبادئ وان تكون بوصلتهم الاقتصاد والسياسة والامن ومحاربة الفساد والارهاب الذي تعاني منه وعانت طيلة السنوات الماضية.
لكن ان بوصلة فلسطين ستكون مميزة في هذه الانتخابات لانها ستعزز من حظوظ المرشح الذي سيضعها نصب عينيه لان الشعب التونسي له علاقة وجدانية بالقضية الفلسطينية وان ابناءه كانوا من اوائل المجاهدين الذين قاتلوا عام 1942 في فلسطين وقد يتطلع اليوم هذا الشعب لاحتجاز مقعد له في محور المقاومة ليأخذ دوره التاريخي في مواجهة العدو الصهيوني.
وفعلا بدأت الحملات الانتخابية الرئاسية رسميا منذ الثاني من ايلول الجاري وستستمر حتى الـ 13 منه ليدخل الصمت الانتخابي على مدى يومين و من ثم يقترع في الخامس عشر لانتخاب مرشحه الاوفر حظا لدخول قصر قرطاج لقيادة الدولة وحتى هذا الموعد تفصلنا عشرة ايام والمنافسة تحتدم بين المرشحين على شاشات التلفزة والعاصمة وبقية المدن التونسية وحتى الساعة لم يفرز المشهد التونسي مرشحا يكتسح الساحة لكن المرشحين الابرز والاوفر حظا للوصول الى قرطاج حسب المؤشرات والتوقعات تدور بين اربع شخصيات هم يوسف الشاهد رئيس الوزراء ومرشح "حركة تحيا تونس" وعبد الفتاح مورو مرشح حركة النهضة وعبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع المستقيل ومهدي جمعة رئيس الوزراء السابق.
لكن ما يهدد التجربة الديمقراطية في تونس واختطافها هو التدخل الاجنبي المتمثل بالاميركي والفرنسي وكذلك العربي المتمثل بالنظام الرجعي الذي تقوده السعودية وهذا ما يقف عنده الشعب التونسي الثوري ويتحسس منه بشدة لانه لمس ما جرى لسوريا والعراق وثورة السودان وما يجرى اليوم للشعب اليمني المظلوم جراء هذه التدخلات الهدامة التي اضرت بالبلاد والعباد معا، لذلك من المؤكد ان الشعب التونسي سيدقق في هوية مرشحه لينتخب من هو الوطني الاصلح لقيادة البلد وصيانة استقلاله وقراره.