kayhan.ir

رمز الخبر: 100406
تأريخ النشر : 2019September03 - 21:11

مجزرة أسرى حزب “الإصلاح الإخواني” التي نفّذتها طائرات التحالف السعودي الإماراتي في ذمار تعكِس عودةً لاستهداف المدنيين.. لماذا نرفُض رواية العقيد تركي المالكي “الكاذبة” التي تُؤكّد أنّ البناية المُستهدفة كانت مخزنًا للطائرات المُسيّرة؟


مُعظم التطوّرات في مِلف الحرب اليمنيّة تسير عكس ما يشتهيه التحالف العربي الذي يخوض هذه الحرب بقِيادة المملكة العربيّة السعوديّة، فبعد انسحاب الإمارات التّدريجي منه، واشتعال حرب بالإنابة بين الحليفين (الإماراتي السعودي) في عدن، ها هي الأنباء تُؤكّد ارتكاب طائرات التّحالف، مجزرة في مدينة ذمار جنوب صنعاء، راح ضحيّتها أكثر من مِئة مُعتقل و40 جريحًا من حركة الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح)، كانوا من ضِمن 170 مُعتقلًا في سجن تابع لحركة "أنصار الله” الحوثيّة.

هذه المجزرة، وتفاصيلها الصادمة، تأتي بعد فترة تمتد لعدّة أشهر، تجنّبت فيها طائرات التحالف أهدافًا مدنيّة بعد اتّهامات بارتكاب جرائم حرب من المجتمع الدولي، واستهداف مدنيين عُزّل، دفعت العديد من الدول إلى إدانة السعوديّة والإمارات، ووقف بيع صفقات أسلحة لهما حتى لا تستخدم في حرب اليمن وقتل المدنيين.

العقيد الركن تركي المالكي نفى أن يكون التحالف على علمٍ بوجود المُحتجزين، وقال إنّ الموقع المُستهدف كان هدفًا عسكريًّا مشروعًا يقوم الحوثيون باستخدامه لتخزين طائرات مُسيّرة وأسلحة دفاع جوي، وهذا التّبرير غير المُقنع يُصنّف في الأدبيّات الإنسانيّة بأنّه "عُذر أقبح من ذنب”، ويُذكّر بأعذارٍ مُشابهةٍ استخدمها التحالف والمُتحدّثون باسمه لتبرير مجازر جرى ارتكابها بقصف مجالس عزاء وحفَلات أعراس، ومدارس، ومستشفيات، وأسواق عامّة، أدّى إلى مقتل عشرات الآلاف على مدى السنوات الخمس الماضية من عُمر الحرب.

لا نعرف في هذه الصحيفة كيف عرف العقيد المالكي أنّ مركز الاحتجاز هذا يضُم طائرات مُسيّرة، ولهذا بات هدفًا عسكريًّا مشروعًا، فهُناك احتمالان: الأوّل أن تكون قيادة التحالف العسكريّة تُدرك جيّدًا أنّ المركز يضُم مُعتقلين أسرى، ومن حزب الإصلاح الإخواني، وتعمّدت قصفه، أمّا الثاني، أن تكون تلقّت معلومات استخباريّة خاطئة، وربّما مُتعمّدة، تُفيد بأنّه مخزن للطائرات المُسيّرة، وفي الحالين لا يُمكن أن تتهرّب من تحمّل المسؤوليّة عن هذه المجزرة.

كان لافتًا أنّ حركة "أنصار الله” الحوثيّة المُحاصرة عسكريًّا واقتصاديًّا بتُهم الإرهاب، ومُعظم أسلحتها مُصنّعة محليًّا، ونفّذت العديد من الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيّرة على العديد من المطارات والمصالح الحيويّة السعوديّة النفطيّة في جنوب المملكة وشمالها، دون أن تُسفِر هجماتها هذه عن أيّ خسائر في صُفوف المدنيين إلا في حالاتٍ نادرةٍ جدًّا، بينما طائرات التحالف التي تُمثّل درّة التّاج في الصناعات العسكريّة الأمريكيّة، وتُكلّف عشرات المِليارات من الدولارات، مُعزّزةً بأجهزة رصد مُتقدّمة في الجو والأرض، بعضها تحت إشراف أمريكي وأوروبي، ترتكب المجازر، وبشكلٍ مُضطّردٍ، في حق المدنيين اليمنيين المُحاصرين المُجوّعين الذين يُعانون من الأوبئة وسوء التغذية، هذا إذا وجَدت هذه التغذية أساسًا.

هذه المجزرة البشِعة التي ارتكبتها طائرات التحالف مُدانةٌ، وتُشكّل انتهاكًا لكُل القوانين الدوليّة والإنسانيّة، فالقانون الدولي يُوفِّر الحماية للأسرى والمُعتقلين، الأمر الذي يتطلّب اعترافًا سُعوديًّا بالمسؤوليّة وتحمّل تبِعاتها، وفتح تحقيق بإشرافٍ دوليٍّ إذا تعذّر هذا الاعتراف.

التحالف السعودي لن ينتصر في هذه الحرب، قُلناها مُنذ اليوم الأوّل لبدء "عاصفة الحزم” حتى لو استمرّت مئة عام، ولا يُضيرنا أن نُكرّرها ثانيةً اليوم وغدًا، ليس لأنّنا نضرب في الرّمل ونَقرأ الطالع، وإنّما لأنّنا في هذه الصحيفة "رأي اليوم”، نعرِف الشعب اليمني، ورصيده الهائل من الكرامة والعزّة، وقُدراته الصموديّة العالية في مُواجهة العُدوان، ودحره.

"رأي اليوم”