kayhan.ir

رمز الخبر: 100344
تأريخ النشر : 2019September02 - 20:11

العقوبات على «الجمّال».. أميركا تُهدّد لبنان بالانهيار المالي؟


محمد حميّة

لم يكن توقيت قرار العقوبات الأميركية الجديدة على بنك الجمال بريئاً، فتزامنه مع تهديد السيد حسن نصر الله بردٍّ قاسٍ على العدوان الاسرائيلي الأخير وموقف الدولة اللبنانية الجامع بدعم المقاومة وردها ليس صدفة!

فما هي علاقة الخطوة الأميركية برد المقاومة المرتقب، وما هي الرسالة؟

تبدو واضحة العلاقة المباشرة بين تصعيد واشنطن عقوباتها المالية وبين الحالة النفسية والمعنوية لكيان الاحتلال نتيجة تهديدات حزب الله، وبحسب معلومات البناء فإن الضغوط الدبلوماسية الأميركية على الحكومة اللبنانية فشلت بانتزاع تعهد رسمي بثني حزب الله عن الردّ، فانتقلت واشنطن الى مرحلة ثانية من الضغط عبر استخدام سلاح العقوبات في رسالة واضحة للحكومة بأن صمتها عن اعمال حزب الله العسكرية ضد إسرائيل سيُقابَل بسياق متدرج من العقوبات يؤدي الى الانهيار المالي، ما يضع الحكومة أمام خيارين أحلاهما مرٌّ: الرضوخ للتهديدات الأميركية ما يؤدي الى خلاف الدولة مع حزب الله وبالتالي شرخ وطني تستفيد منه إسرائيل وإما مواجهة التحديات وتحمل تبعات الانهيار.

وما يعزّز الاعتقاد بوجود رابط بين الحدثين، هو البصمات الإسرائيلية على القرار الأميركي، وليس أدلُ على ذلك أكثر من ترحيب رئيس حكومة الاحتلال بالقرار وتوجيه التهنئة للرئيس الأميركي.

إنّ لبنان يتعرّض لحرب مالية جديدة لا تقلّ خطورة عن الحرب العسكرية وتشكل اعتداءً فاضحاً على السيادة اللبنانية المالية، وهنا لا بدّ من ملاحظة تزامن الاعتداءين العسكري على الضاحية والعدوان المالي الجديد على مصرف ينتمي مالكوه ومودعوه الى بيئة المقاومة، ما يعني أننا أمام مرحلة جديدة من حرب العقوبات بدأت طلائعها من بنك الجمّال وتُنذِر بإدراج مصارف جديدة على اللائحة السوداء اوفاك ما يضع الأمن المصرفي اللبناني في دائرة الخطر الكبير.

أما استهداف مصرف له علاقة بحركة أمل فيؤشر الى منحى جديد في مسار الحرب تطال حلفاء حزب الله، وبالتالي المسّ بالبيئة الشيعية برمّتها. وهذا مؤشر خطير يُنذِر أيضاً بعقوبات جديدة على حلفاء جدد للحزب كالتيار الوطني الحر والمردة والديمقراطي اللبناني وغيرهم.

وتشير مصادر مطلعة لـ البناء إلى أنّ التصعيد الأميركي الجديد رسالة لرئيس حركة أمل نبيه بري رداً على موقفه الثابت في ملف الحدود البرية والبحرية، لا سيما أنّ أجواء اللقاءات المتتالية بين رئيس المجلس والمسؤولين الأميركيين والدوليين كانت سلبية حيث رفض بري التنازل والرضوخ للضغوط .

وترى مصادر مقرّبة من حزب الله أنّ الخطوة الأميركية الجديدة تأتي في سياق التهديدات الأميركية والإسرائيلية من عواقب ردّ المقاومة، إلا أنها تؤكد لـ البناء هذه التهديدات لن تؤثر على قرار قيادة المقاومة بالردّ لتثبيت قواعد الاشتباك. وتكشف المصادر تحسُّب الحزب لهذه الحرب عبر لقاءات داخلية شرح خلالها السيد نصر الله أهداف الحرب المالية وأبعادها ووسائل مواجهتها، وتأكيده أنّ الحزب أمام مواجهة شرسة وصعبة على المستوى المالي والاقتصادي والاجتماعي للدفاع عن بيئته الشعبية. وهذه مسؤولية الحكومة ومؤسسات الدولة أيضاً باتخاذ إجراءات لحماية شعبها، لكن الحزب لن يرضخ لهذه التهديدات وكما انتصر في الحرب العسكرية والأمنية سيربح الحرب الجديدة.

القرار الأميركي تجاوز صلاحية ودور البنك المركزي أيضاً، إذ تتحدث مصادر محسوبة على بيئة المقاومة لـ البناء ، عن دور جهات داخلية للتحريض على اتخاذ هذا القرار، وتبدي المصادر استغرابها الشديد لغياب التضامن المصرفي مع الجمّال خشية اتخاذ خطوات أميركية بحق مصارف أخرى وسط مخاوف من إدراج 14 مصرفاً لبنانياً، تخوض مواجهة قانونية في أميركا وموضوعة على اللائحة السوداء، بحسب مصادر مصرفية. ما يُعَدّ محاولة أميركية لإرباك المصارف وإشاعة الهلع بين المودعين والمواطنين ما يؤثر على الثقة بالقطاع المصرفي، ودعت المصادر رئيس الجمهورية الى اتخاذ موقف يدين هذا العدوان المالي الجديد كموقفه من العدوان العسكري لحماية مصالح لبنان المالية، كما دعت الحكومة والبنك المركزي لاتخاذ إجراءات لحماية المصرف المستهدف، وتحذر من أنّ استهداف بيئة المقاومة تتوسّع وتتشعّب لتطال حلفاء الحزب لضرب البيئة الشعبية للمقاومة.

ما يدعو للتساؤل: هل يحق لدولة فرض عقوبات على مصرف في دولة أخرى؟ وهل يحق لواشنطن تجاوز صلاحية البنك المركزي الجهة الصالحة لضبط العلاقة بين المصارف اللبنانية والمؤسسات المالية العالمية والأميركية والمرجع المخوّل الحكم على مدى التزام المصارف بالقوانين والمعايير الدولية و اوفاك وليس دولة أخرى؟ فلا يكفي تطمين الحاكم رياض سلامة مودعي الجمال على أموالهم ولا طمأنة رئيس جمعية المصارف المصارف اللبنانية الأخرى بعدم استهدافها؟ فهل القضية قضية أموال المودعين على أهميتها أم قضية عدوان على سيادة دولة وحكومة وكرامة شعب؟ واستطراداً كيف وصلت داتا المعلومات عن مصرف الجمّال الى أميركا في ظلّ نظام مالي لبناني يعتمد السرية المصرفية؟

الدولة برمّتها أمام امتحان وتحدّ جديدين بمواجهة العدوان المالي لا يقلان أهمية عن التحدي في مواجهة العدوان العسكري فهل تُكرّم أو تُهان؟