هل نحن أمام الحرب اللبنانية الثالثة؟
بينما تلغي القيادة العسكرية الإسرائيلية إجازات الجنود العاملين في صفوف قواتها على الجبهة الشمالية، وتفرض حظرا للتجول في مدن الجليل تحسبا للضربة الانتقامية التي توعد بها السيد حسن نصر الله، أمين عام "حزب الله”، تنهال العروض على الحزب وقيادته من قبل وسطاء، عربا كانوا أو أوروبيين، تحث على الإقدام على انتقام محدود مثل آسقاط طائرة مسيرة إسرائيلية أو اثنتين، أو حتى مقتل جنديين أو ثلاثة، مقابل عدم تنفيذ القيادة الإسرائيلية على هذا الرد الوشيك بضربة موسعة على لبنان، ولكن الرفض الحاسم كان هو التعاطي مع جميع هؤلاء الوسطاء وعروضهم.
حزب الله يتكتم على مخططات العملية، وأصدر تعليماته لكل المقربين منه بتجنب التعليق أو التحليل حول هذه المسألة، وتعيش الضاحية الجنوبية معقل الحزب في بيروت حالة من الهدوء والحياة المعيشية العادية، بينما يتزايد القلق في أوساط الإسرائيليين.
بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي ارتكب خطأ استراتيجيا كبيرا عندما أقدم على إرسال طائراته المسيرة إلى الضاحية التي جرى إسقاطها على أمل تحقيق انتصار يرجح كفته في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية بعد أسبوعين تقريبا، فجاءت النتائج عكسية وكارثية، حيث أكدت استطلاعات الرأي الأخيرة تراجع شعبية حزب الليكود الذي يتزعمه أمام حزب الجنرالات "أبيض أزرق” المنافس.
صحيفة "معاريف” الإسرائيلية وجهت اللوم إلى نتنياهو بإقدامه على هذا التصعيد على الجبهة الشمالية، وتوقعت حربا مقبلة ووشيكة لا محالة، ربما تحمل اسم الحرب اللبنانية الثالثة، إذا اعتبرنا أن الحرب الأولى كانت عام 1982، والثانية عام 2006.
إسرائيل خسرت جميع حروبها في لبنان، والخسارة الأكبر كانت عام 2000 عندما أقرت بالهزيمة بسبب ضربات المقاومة، والثانية في حرب تموز (يوليو) عام 2006 التي كسرت شوكة الجيش الإسرائيلي وألحقت به هزيمة كبرى، ولا نعتقد أن الحرب الثالثة في حال اشتعال فتيلها ستكون استثناء.
"حزب الله” لا يخشى من أي رد إسرائيلي على أي عملية انتقامية يقدم عليها، لأنه يملك ترسانة هائلة من الصواريخ الذكية، والطائرات المسيرة، ومنظومة دفاع صاروخي تضاهي صواريخ "إس 300” الروسية، وقادر على الوصول إلى معظم المدن والأهداف الحيوية والاستراتيجية في فلسطين المحتلة، من مطارات وموانئ ومصانع ومحطات كهرباء ومياه، وهذا ما يفسر حالة الثقة والهدوء السائدة حاليا في صفوفه، وأنصاره داخل لبنان وخارجه.
الحرب المقبلة، إذا اشتعل فتيلها ستكون على كل الجبهات، برا وبحرا وجوا، ولن يخوضها "حزب الله” وحده وإنما مدعوما بالجيش اللبناني، والعديد من الحلفاء في محور المقاومة وأبرزهم الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، مثلما أكدت بياناتها التضامنية.
نتنياهو أوقع نفسه وكيانه في مصيدة صعبة محكمة الإعداد ولن يخرج منها إلا مهزوما مثلما كان حال نظيره إيهود أولمرت الذي أرسل الجيش إلى لبنان عام 2006، وأنهى بذلك حياته السياسية وانتهى خلف القضبان.. والله أعلم.
"رأي اليوم”