مسيّرات صينية بثلاثة أضعاف سرعة الصوت.. والهدف السفن الحربية الأمريكية
د. علي دربج
مع تصاعد التوترات بين الصين والولايات المتحدة الاميركية على أكثر من جبهة وأبرزها تايوان، تعيش واشنطن حالة من القلق الكبير بعدما وصلت بكين الى مستويات متقدمة جدًا في صناعة المسيّرات، والتي ستقلب حتمًا الموازين العسكرية في المستقبل بين البلدين.
أصبح بإمكان الجيش الصيني أن ينشر قريبًا طائرة تجسس بدون طيار، باستطاعتها التحليق على ارتفاعات عالية، والسفر بسرعة تفوق ثلاثة أضعاف سرعة الصوت، وفقًا لتقييم عسكري أمريكي تم تسريبه مؤخرا. وهذا التطور من شأنه أن يعزز بشكل كبير قدرة الصين على إجراء عمليات المراقبة العسكرية بدون التعرض للمخاطر.
ما مضمون هذا التقييم الأمريكي المسرب؟
تُظهر وثيقة سرّية صادرة عن وكالة المخابرات الجغرافية المكانية الوطنية ــ لم يتم الإبلاغ عنها من قبل ـــ أن الجيش الصيني يحقق تقدمًا تقنيًا يمكن أن يساعده في استهداف السفن الحربية الأمريكية حول تايوان والقواعد العسكرية في المنطقة.
تحتوي الوثيقة على صور أقمار صناعية مؤرخة في 9 آب/ أغسطس الماضي، تظهر طائرتين بدون طيار من طراز WZ-8 للاستطلاع تعملان بالدفع الصاروخي في قاعدة جوية في شرق الصين، على بعد حوالي 350 ميلاً من شنغهاي. والأهم أن نظام المراقبة المتطور لهذا الطراز من الطائرات بدون طيار، يمكن أن يساعد الصين في جمع بيانات الخرائط، في الوقت الفعلي لإبلاغ القيادة الاستراتيجية أو تنفيذ ضربات صاروخية في أي صراع مستقبلي.
علاوة على ذلك، يؤكد التقييم أن جيش التحرير الشعبي الصيني (PLA) قد أنشأ "بشكل شبه مؤكد" أول وحدة جوية بدون طيار في القاعدة، التي تقع تحت قيادة المسرح الشرقي، فرع الجيش الصيني المسؤول عن فرض مطالبات بكين بالسيادة على تايوان.
وتعقيبًا على ذلك، قال مدير وكالة المخابرات المركزية وليام جيه بيرنز إن الزعيم الصيني شي جين بينغ يريد أن يكون "جيش التحرير الشعبي" قادرًا على الاستيلاء على تايوان بحلول عام 2027، على الرغم من أنه أضاف أن هذا لا يعني أن شي سيأمر بشن هجوم في ذلك الوقت.
ما تجدر معرفته، أن بكين كانت قد كشفت عن طائرات بدون طيار من طراز WZ-8 في عام 2019، عندما تم عرض طائرتين من الطائرات السوداء النفاثة بالقرب من ميدان تيان آن مان، خلال الاحتفالات بالذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. حينها اعتبر قلة من المحللين أن الطائرات بدون طيار تعمل بكامل طاقتها في ذلك الوقت.
ما المميزات التقنية لهذه الطائرة؟
تضمن تقييم وكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية الوطنية المسرّب مسارات طيران محتملة للطائرة بدون طيار بالإضافة إلى قاذفة H6-M Badger ذات المحركين المستخدمة لإطلاقها.
علاوة على ذلك، يمكن للكاميرات وأجهزة الاستشعار "الكهروبصرية" لتلك الطائرة بدون طيار، جمع المعلومات الاستخبارية في جزيرة تايوان الرئيسية والجانب الغربي من كوريا الجنوبية بما في ذلك العاصمة سيول. إذ إن استخدام الرادار ذي الفتحة الاصطناعية، سيسمح لها برسم خريطة المنطقة خلال الليل وفي الطقس الضبابي.
وتعليقًا على ذلك، قال تشي لي بين، مدير قسم أبحاث أنظمة الطيران في معهد تشونغ شان الوطني للعلوم والتكنولوجيا بالجيش التايواني، إن "الاستخدام الأساسي للطائرة بدون طيار لن يكون ضد تايوان ولكن ضد الولايات المتحدة وقواعدها العسكرية في المحيط الهادئ".
فالطائرة وفقا لدراسات تشي لا يبدو أنها مصممة حاليًا لشن هجمات، لكن التعديلات قد تسمح لها بشن ضربات في المستقبل. وبالتالي من الصعب اكتشافها واعتراضها، خصوصًا أن الأسلحة الجوية الأمريكية الحالية ليست جيدة بما فيه الكفاية لاعتراضها على ذمة الخبراء الصينيين.
وفي السياق ذاته، أكد دين تشينغ "زميل أقدم غير مقيم" في معهد بوتوماك للدراسات السياسية، أن الكشف عن هذه الطائرة يظهر أن الصين تطور قدرة على مراقبة منطقة المحيطين الهندي والهادئ بأكملها. وقال تشينغ "هذا لا يستهدف الولايات المتحدة أو كوريا الجنوبية فقط.. على اليابان أن تقلق بشأن ذلك. الهند يجب أن تقلق. وكل جنوب شرق آسيا يجب أن يقلق بشأن ذلك".
في المحصلة، تعمل الصين تعمل على إنشاء مجموعة من الأنظمة عالية التقنية للاستخدام العسكري ــــ من الأسلحة التي تفوق سرعة الصوت، بحيث يمكن أن تستفيد من استطلاع الطائرات بدون طيار لأغراض مضادة للسفن الحربية إلى الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية التي يمكن استخدامها ايضا لمحاولة "تعمية" الولايات المتحدة في حال أقدمت بكين على استعادة تايوان.