kayhan.ir

رمز الخبر: 99268
تأريخ النشر : 2019August13 - 19:48

من سيعود للعصر الحجري إسرائيل أم لبنان إذا اندلعت الحرب؟ وما هي النغمة السائدة حاليا في أوساط محور المقاومة؟

عبد الباري عطوان

لم تُفاجئنا التّصريحات التي أدلى بها النائب محمد رعد، رئيس كتلة "الوفاء للمُقاومة” التابعة لحزب الله التي قال فيها إنّ إسرائيل "تتحضّر لشن حرب على لبنان، وإنّ المُقاومة ستكون جاهزةً لمُلاقاتها ومُواجهتها والدفاع عن البلاد” أثناء حفل تخريج طلاب في الجنوب اللبناني، فزائر لبنان هذه الأيّام يلمس أنّ أجواء الحرب هي السائدة، وأنّ مُعظم الأوساط السياسيّة تتوقّع الأسوأ في ظِل وضع لبنانيّ مشحون بالتأزّم على الصّعيدين الداخليّ والخارجيّ، وتخوّف الكثيرين من مشاريع "فتنة” أمريكيّة إسرائيليّة عربيّة لزعزعة أمن لبنان واستقراره، وإغراقه في حربٍ أهليّةٍ يعِي الجميع أخطارها.

قيادة "حزب الله” كانت تتجنّب الحديث عن الحرب، لعدم "توتير” الأجواء الداخليّة، وحتى لا تُتّهم بالعمل على تخريب الموسم السياحيّ الصيفيّ، والاقتصاد اللبناني بالتّالي، ولكن بعد تبدّد الآمال بوصول السيّاح الخليجيين، والسعوديين منهم تحديدًا، وتصاعُد احتمالات الحرب بين إيران والولايات المتحدة في مِنطقة الخليج الفارسي بعد حرب الناقلات، ودعوة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب لتشكيل تحالفٍ بحريّ تحت ذريعة تأمين الملاحة في مضيق هرمز، تغيّرت الصورة، ويبدو أنّه جرى "رفع الحظر” عن تصريحات المسؤولين الرسميين في "الحزب” التي تتناول التّحضيرات الإسرائيليّة للحرب على لبنان، وكيفيّة الرّد عليها بقوّةٍ.

التقيت أثناء زيارتي للبنان الأسبوع الماضي بالعديد من المسؤولين كان أبرزهم السيّد نبيه بري، رئيس البرلمان اللبناني الذي يمثّل بيضة القبان في السياسة اللبنانيّة في نظر الكثيرين، والقاسم المُشترك الذي لمسته في آراء الجميع، أنّ لبنان لا يخشى الحرب، ولكنّه لن يكون البادئ فيها، أمّا إذا كُتِبت عليه فإنّ محور المُقاومة، و”حزب الله” على وجه الخُصوص، مدعومًا بالجيش اللبناني، سيكون قادرًا على الرّد وبقوّةٍ صاروخيّةٍ مدمّرة، لضرب أهداف استراتيجيّة إسرائيليّة.

التطوّر الجديد الذي يُمكن استخلاصه أيضًا من بين ثنايا الأحاديث الجانبيّة، وجود "تفاهم” بين حركات المُقاومة في المِنطقة، أيّ في لبنان "حزب الله” وقِطاع غزّة (حماس والجهاد)، والعِراق "الحشد الشعبي”، واليمن "أنصار الله”، على الانخراط دون تردّد في هذه الحرب، واستخدام كُل أنواع العتاد العسكري، بِما في ذلك سلاح الصواريخ، ضِد كُل الأهداف الحيويّة الإسرائيليّة والأمريكيّة، وخاصّةً القواعد العسكريّة.

حالة الثقة بالنفس التي يلمسها المرء في مُعظم الأوساط السياسيّة والشعبيّة اللبنانيّة تجلّت في أمورٍ عديدةٍ إحداها الزيارة التي قام بها السيّد حسن نصر الله إلى مدينة بعلبك الأسبوع الماضي، وفي ذروة مهرجانها الفني، لعيادة الشيخ محمد يزبك، رئيس الهيئة الشرعيّة في حزب الله، في دارته المُتواضعة في المدينة، للاطمئنان على صحّته، ونشر الزميل حسن خليفة مراسل قناة "المنار” صورةً للّقاء على حسابه الخاص في "التويتر” في خطوةٍ متعمّدَةٍ لتأكيد هذا اللقاء.

الرّسالة واضحة، وهي أنّ السيّد نصر الله يتحرّك بحريّة في لبنان، ويزور سورية بين الحين والآخر للقاء الرئيس الأسد، ومسؤولين سوريين وإيرانيين آخرين، علاوةً على قادة فصائل المُقاومة الفِلسطينيّة الذين يتواجدون في لبنان، أو يقومون بزيارته بين الحين والآخر.

شخصيًّا لم ألمِس أيّ إجراءات طوارئ في مدينة بعلبك التي كنت أتواجد فيها في الوقت نفسه الذي كان يزورها السيّد نصر الله، بدعوةٍ من رئيس بلديّتها لإلقاء محاضرة فيها برعايته حول تطوّرات الأوضاع في المِنطقة، والشّيء الوحيد الذي لفَت نظري، بعد أن علمت بزيارة السيّد نصر الله، أنّ رئيس البلديّة فؤاد بلوق تغيّب عن حفل عشاء كان مُقرّرًا بعد المُحاضرة، كما أنّ السيّد إبراهيم الموسوي، أحد كبار المسؤولين في الحزب كان موجودًا أيضًا واعتذر عن عدم الحُضور فجأةً ربّما لانشغالهما بزيارة السيّد نصر الله.

النّغمة السائدة حاليًّا في لبنان، وأوساط المُقاومة تحديدًا، وعد السيّد نصر الله بالصّلاة قريبًا في المسجد الأقصى، والإيمان الراسخ بأنّ هذه النّبوءة ستتحقّق، وأن إسرائيل هي التي ستعود إلى العصر الحجري أو ما يُشبهه (لم تكُن موجودةً أساسًا في زمانه)، وليس لبنان، لأن قببها الحديديّة التي فشِلت في التصدّي لصواريخ المُقاومة القادمة من قِطاع غزّة لن تنجح في التصدّي لمِئات الآلاف من الصواريخ القادمة من لبنان، والعِراق، وسورية، وفِلسطين، واليمن، وإيران، بعد أن باتت هدفًا مشروعًا بانضمامها إلى الحِلف البحري الأمريكي الجديد في الخليج الفارسي.

السيّد رعد كان معبّرًا خير تعبير عن المِزاج العام في مُعظم لبنان عندما قال "إن على عدوّنا أن يتوقّع شللًا لكيانه ووضعنا لمصير كيانه على المِحَك.. إنّنا لا نمزح مع عدو يتهدّد وجودنا ودورنا وموقعنا مُعتبرًا "أنّنا سنلقّن عدوّنا درسًا إضافيًّا يهدّد وجوده واستمراره أن فكر في أيُ حرب عدوانيّة على وطننا” ومُحذّرًا "انتصرنا في لبنان وغزة، والمُقاومة لم تعُد مجرّد حركة شعب في قطر معيّن، بل أصبحت محورًا شعبيًّا مُمتدًّا امتداد العز والكرامة في وطننا العربي والإسلامي”.

نختم بالقول: إذا اردت أن تستنشق هواء المُقاومة العليل والشافي ومكوّنات الكرامة وعزّة النّفس الغني فيها، فما عليك إلا شد الرّحال إلى لبنان هذه الأيّام.. وهذا ما أفعله شخصيًّا كلّما أصابتني حالة اكتئاب من جرّاء التّخاذل والتّطبيع العربي المجّاني المُهين.