kayhan.ir

رمز الخبر: 97328
تأريخ النشر : 2019July10 - 20:03

رجال الظل... صانعو انتصار سوريا


ابراهيم شير

منذ 100 شهر تغَّير كل شيء في سورية ولكن بقيت الدولة على ما هي عليه بالرغم من الحرب المفروضة عليها، اي العاصفة القوية التي اجتاحتها أو ما يسمى بالتسونامي الذي ضربها.. هناك عدة أمورٍ ساهمت في صمود الدولة وعدم كسرها وصنعت النصر أهمها جهاز الأمن والمخابرات، حيث أنه في الـ15 من آذار - مارس لعام 2011 خلع ضباط الأمن السوري زَيَّهم المدني وارتدوا البدلة العسكرية وكانوا جنوداً الى جانب الجيش السوري في جميع الميادين وقدموا الكثير من التضحيات.

أجهزة الأمن السورية كان لها دور كبير في الكشف عن المؤامرة التي حيكت ضد البلاد، وذلك لما تتمتع به من خبرة واسعة في هذا المجال، فهي التي خاضت حرباً ضروساً ضد الاحتلال الإسرائيلي وساهمت بشكل كبير بالانتصار في حرب تشرين عام 1973، وهي أيضا من وضع حداً للفتنة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. وكان لها دور بارز في الحرب ضد الاحتلال الإسرائيلي داخل الاراضي اللبنانية، حيث كشفت عن العديد من شبكات التجسس الإسرائيلية.

اضافة الى عمليات اجهزة الامن السورية في الخارج خصوصا في مناطق النزاع والتوترات مثل افغانستان والشيشان والقوقاز، فهي ساهمت بشكل كبير وواضح في ضرب الشبكات الارهابية، ووقف تدفق المسلحين الى هذه البلدان، خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي ووصولا الى بداية الالفية الجديدة، فكان لاجهزة الامن السورية الفضل الاكبر بالامان الذي تتمتع به الكثير من دول العالم.

إنجازات الأمن السوري لاتنتهي هنا، فبحسب بعض المصادر قد وأد الامن السوري الفتنة في إدلب في أواسط العقد الماضي عندما قامت الجماعات السلفية وعناصر تحمل افكار القاعدة بالتخطيط لأعمال إرهابية في سورية،إلا أنّ الأمن استطاع اقتلاع هذه العناصر من جذروها، وذلك دون أن يشعر الشارع السوري بشيء وليواصل المواطنون حياتهم بشكل طبيعي.

بالعودة إلى الحرب المفروضة على البلاد، فان الأمن السوري ساهم في تحديد عناصرِ الجماعات الإرهابية فرداً فرداً، وتعقُّب مصادر تمويلهم وتسليحهم، وساهم بمعرفة العناصر الأجنبية والقبض عليها، وأجبر الدول الأوروبية على الاعتراف بقوته وبطلب ودّه عندما طلبت تزويدها بأسماء الإرهابيين الذي يقاتلون في سورية ويحملون جنسياتها، وهو ما أعطى الدولة السورية اليد العليا في أي مفاوضات مستقبلية مع الدول الأوروبية.

وهذه الورقة تمثلت بالتنسيق الأمني مقابل عودة العلاقات الطبيعية ورفع العقوبات عن الشعب السوري، وساهم الأمن أيضا بالحرب العسكرية وحرب الشوارع البعيدة كلّ البعد عن عمله أساساً، وسقط له الكثير من الشهداء من قادة وعناصر.

اجهزة الامن ظلمت بشكل كبير من السوريين لاسيما الدراما التي لم تكن على الحياد مع أجهزة المخابرات ولطالما تعرضت لضباط الامن وعملت على تنميط شخصياتهم وطبيعة عملهم ومحاولة تعميم صورة تظهرهم بمظهر الشخص المتخلف الذي يحمل أمراضاً وعقداً نفسية والذي دائما ما يشتم ويتهجم على الناس ويسجن ويسحل ويقتل وأمور كثيرة ليست منهم أبداً. وفي الحقيقة من يقترب من ضباط الأمن السوري يستنتج أنهم من أكثر الأشخاص ثقافة وقراءة وإنسانية، نتيجة التجارب القاسية التي يتعرضون لها، اضافة الى انهم يحترمون المتدين الوسطي، ولا يتعرضون للدين، وهمهم الاول والاخير القضاء على التطرف والذي يغذي الارهاب مهما كان هذا التطرف سواء كان دينيا او فكريا او حتى سياسيا.

أهم إنجازات الأمن في سورية بعد الحرب هو تواصل هذه الأجهزة مع الشارع وتوعية المجتمع بدورهم وما يقومون به، فمثلاً قبل الحرب عندما يتم ذكر اسم جهاز مخابرات معين في البلاد، يرتجف الشخص خوفاً من ذكر الاسم فقط. وقد يتطور الأمر ليخاف المرء من الاقتراب من شارع فيه فرع مخابرات، ولكن هذا الأمر تغير بصورة كبيرة جداً بعد الحرب، فالجميع بات يعي دور المخابرات وما تقوم به من أجل المجتمع والوطن، وخير مثال على ذلك اللواء جميل الحسن، فعندما خرج هذا الرجل من رئاسة جهاز المخابرات الجوية، انهالت رسائل المباركة من اجل أن يستريح بعد أن خدم الوطن لنحو نصف قرن، هذا الرجل تحديداً لديه الكثير والكثير من المواقف البطولية مع الجميع وخصوصاً مع السجناء، وهذه الامور اعرفها بشكل شخصي حيث أنه يقوم أسبوعياً بطلب طبيب خاص لزيارة السجناء كي يطمئن على صحتهم، ويقوم أيضا بتسريع محاكمتهم ومن تثبت براءته لا يتوانى في العمل على تسريع معاملة خروجه من السجن التي تطول عادة خاصة في ظل الأوضاع الحالية.

وفي إحدى القصص التي أعلمها بشكل شخصي كان مع أحد الإرهابيين الأجانب عندما تمّ اعتقاله كان معه ولده الصغير الذي جلبه من بلاده، وعندما دخل الأب الى السجن أرسل اللواء جميل الحسن هذا الطفل ليتم تربيته وخصص له مبلغا ماليا من راتبه الشهري من أجل التكفّل بجميع نفقاته، والوضع مستمر حتى يتم الانتهاء من ملف والده الارهابي.

قادة الأجهزة الأمنية في سورية أعطوا المجتمع هدية كبيرة تمثلت في نزع فتيل الخوف بين المواطن والمخابرات على عكس الكثير من الدول الأخرى العربية والغربية، وهذا الأمر عبءٌ كبير جداً مُلقاً على كاهل الشارع والدولة الذي يسبب أن يحافظوا عليه وأن يكون سمة تميّز الدولة السورية في المستقبل.