kayhan.ir

رمز الخبر: 90816
تأريخ النشر : 2019February23 - 21:17

لا تهابوا هذا المجنون!


حسين شريعتمداري

في كتابه الشهير "الامير ـ PRINCE" يقول "نيكولو مكيافيلي"؛ "من الحكمة ان نتظاهر في بعض الاحيان بالجنون!"، هذه الحالة يعكسها الخبير الستراتيجي الاميركي في العلوم العسكرية "هرمان كان"في كتابه "فطانة التغابي" حين قال: "لربما يكون افضل سبيل لتحميل سياستنا بان نبدي انفسنا حادي المزاج وسريعي التاثر، ففي هذه اللعبة المستعصية، يحالف الحظ الشخص الذي يبدو عليه الجدية ولم يجعل طريقا للعودة فيحصل على مكسب من الجانب المقابل الذي تقدم بسلوك رشيد. وهنا بالتحديد المجال الذي يتحقق فيه اسلوب فطانة التغابي، والتظاهر بانك مستميت في الدفاع الاعمى، عن سياسة حمقاء. ومن الممكن ان يكون تأزيم الموقف افضل ستراتيجية"! ان بيان ذلك يتلخص في انه حين يشعر شخص قد واجه خصما لا يلتزم باي قانون وقيود، ومن الممكن خلال المواجهة معه ان يقدم على اجراء جنوني ولذا يرجح ان نتنازل لما يطلبه كي نكون في مأمن من تصرفاته المجنونة!

ان اميركا وحلفاءها الاوروبيين قد استفادوا من هذه السياسة لمواجهة الجمهورية الاسلامية، ومما يؤسف له ان يفشل بعض مسؤولينا في الخارجية جراء تماهلهم، من الاستعانة بهذه الحيلة!

الممثلة السابقة لاميركا في الامم المتحدة "نيكي هايلي" كانت قد صرحت في مؤتمر صحفي بعد عزلها من منصبها، تقول؛ "لطالما اعطيت صورة عن ترامب كشخص عصبي ولا تحرز تصرفاته خلال المفاضات كي القي الخوف في صدر المقابل. وهذا ما كان يوصي به ترامب وهي مهمتي التي علي تنفيذها بدقة"!

ومن غير الانصاف التغاضي عن هذه الملاحظة، هي انه في الوقت الذي انطلت هذه الخدعة الاميركية على الكثير من الساسة في العالم وبعض الساسة داخل البلد، حين اعتبروا ترامب مجنونا، الا ان سماحة القائد قد وصفه بالمتظاهر بالجنون.

مؤخرا طرق اسماعنا خبر تمديد مجموعة العمل المالي (FATF) مهلة تعليق ايران من القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي لمدة 4 اشهر. لماذا؟! فالسبب الوحيد لهذا التعليق ينحصر في صمود ايران قبال مطالبهم المهينة بالمصادقة على اللوائح الاربع لـ "FATF" لاسيما CFT ومعاهدة بالرمو. فمجموعة العمل المالي كانت قد هددت انه في حال مماطلة ايران عن توقيع هذه اللوائح فان عواقب وخيمة ستنجر عليها.

ولما كان التوقيع على FATF بمثابة "الانتحار خوف الموت"! وبالرغم من اصرار الحكومة وعدد من نواب المجلس، إلا ان المصادقة على هذه اللوائح قد اوكل لمجلس تشخيص مصلحة النظام، ومن الالطاف ان التفت اكثرية اعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام لحقيقة كارثية هذه المعاهدة وامتنعوا عن التوقيع عليها. وبعبارة ثانية حين شاهدت مجموعة العمل المالي عقم تهديداتهم علقوا قضية زج ايران على اللائحة السوداء، مكررين تهديداتهم لاخضاع مجلس تشخيص مصلحة النظام على التوقيع.

بهذا الخصوص وجه احد الخبراء الاقتصاديين المدافع عن الحكومة خطابه لمعارضي FATF، قائلا: "ما الذي يدفعهم ليصفنا العالم باننا ندعم الارهاب"! مدعيا ان هناك صبابة خيانة للبلاد في رفع التوقيع!

وللرد على هذا التحليل نقول؛ ما الدافع يا سيادة المحلل الاقتصادي لتزج الحرس الثوري وقوات فيلق قدس، ووزارة الامن، ووزارة الدفاع و... في لائحة الارهاب؟! فان كنت جاهلا بمضمون CFT، فلماذا تبدي رايك في موضوع تجهله؟! وان كنت على علم، فهنا لابد من طرح تساؤل وهو؛ هل ان درج الحرس الثوري وقوات فيلق قدس ووزارة الدفاع ووزارة الامن ضمن قائمة الارهاب، بمثابة خيانة للبلد؟ ام ان رفض التوقيع على لوائح، اذا التزمنا بها سنقرأ الفاتحة على امن البلد، وتسليم ايران والشعب الايراني مكبلين للارهاب التكفيري؟! وألم تعلن مجموعة العمل المالي FATF بشكل رسمي انها لا تقبل بتعريف ايران للارهاب، واليس هذه المراكز المشار اليها مدونة على موقع وزارة الخزانة الاميركية رسميا كمراكز ارهابية؟!

لذا ينبغي ان نسال انصار القبول باللوائح؛ اذا لم نقبل بـ FATF ما الذي سيحصل من امور لم تحصل الى الآن؟!

فالسيد ظريف يقول؛ لا انا بصفتي وزيرا للخارجية ولا السيد روحاني كرئيس للجمهورية لا نعطي اي ضمانة بان المصادقة على CFT ستحل مشاكلنا الاقتصادية! ولكن بالامكان سلب اميركا بعض الذرائع! ولا يوضح، اولا: ما هي هذه الذرائع؟! اليس اساس ذرائع اميركا في عداء ايران لاجل نظام الجمهورية الاسلامية.

وثانيا: انه خلال خمس سنوات وعدة اشهر خلن ما الذي حصلناه من مكتسبات، قبال العديد من المكاسب التي قدمناها لاميركا نقدا، غير زيادة العقوبات وعشرات الملفات العدائية الاخرى ضد ايران الاسلامية؟! فالمؤمن واي شخص عاقل ينبغي ان لا يلدغ من جحر مرتين. الا يكفي ان نلدغ عشرات المرات كي نعقل؟! فان حصلنا على مكسب واحد فدلونا عليه!

فما هي تلك القضية التي بين يدينا، اي ـ INSTEX ـ والتي ضمنت مجموعة العمل المالي تنفيذه بامصادقة على اللوائح الاربع؟! "النفط مقابل الغذاء والدواء"! أليست هذه القناة التجارية مع اوروبا لاذلال الشعب الايراني؟! ان تحول العملة الصعبة التي نحصل عليها من بيع النفط الى البنوك الاوروبية! ومقابل ذلك ان نستلم من الدول الاوروبية ـ وليس اي دولة اخرى ـ السلع الضرورية، واي سلع؟ محصورة بالغذاء والدواء! الى هنا فكل المكاسب لصالح اوروبا. حسنا فما هي حصتنا؟ فهل يشترون نفطنا؟ الاجابة سلبية! وهل تلغي البنوك الاوروبية العقوبات التي فرضت علينا؟ الاجابة كذلك سلبية!

اذن فما هي اينستكس وما الذي يعود علينا؟! ليس بشكل تقريبي بل لا شيء مؤكداً ! أليس الامر بهذا الشكل؟!

يبقى ان نعرف ما هي الدول التي ستشرف على ذلك؟ فالمحورية لفرنسا. الدولة التي تحولت الى مركز لايواء الارهابيين. فالمنافقون الذين اغتالوا حسب اقرارهم 14 الف شخص من هذا الشعب (والرقم الحقيقي هو 17 الف) يقطنون فرنسا بشكل رسمي.

وبالامس تم الكشف، خلال اعتقال اعضاء خلية لعصابات داعش في العراق، عن ان 13 ضابطا فرنسيا يشرفون على برمجة عمل هذه الخلية.

كما ان ادارة المشروع يقع على المانيا. الدولة التي رغم دعوة السيد ظريف لحضور مؤتمر ميونخ الامني لا تسمح بتزويد الطائرة التي تقل وزير خارجيتنا بالوقود، كما وتعتقل اشهر احد الدبلوماسيين الايرانيين رغم الحصانة الدبلوماسية!

وفيما كلفت بريطانيا بادارة المحاسبات الدولة التي حسب ظريف لم تسمح لايران بفتح حساب مصرفي ولا تسمح و...

وبالتالي نأمل ان لا تؤثر الخدعة الاخيرة لاميركا وحلفائها على حسابات اعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام، وان يضعوا في الحسبان هذا المقطع من بيان سماحة قائد الثورة "الخطوة الثانية" وهو؛ "ان اقتراحاتهم (زعماء النظام السلطوي) بشكل عام تتضمن الخدع والاكاذيب. واليوم اضافة لاميركا المجرمة يعتبر الشعب الايراني العديد من الدول الاوروبية مخادعة ولايمكن الوثوق بها وعلى حكومة الجمهورية الاسلامية ان تحفظ حدودها معهم بدقة، وان لا تتراجع عن المبادئ الثورية والوطنية خطوة واحدة، وان لا تهاب تهديداتهم الجوفاء و...".