kayhan.ir

رمز الخبر: 88503
تأريخ النشر : 2019January09 - 20:10
وسط أنباء عن زيارة مملوك للرياض..

كيف سعى باسيل إلى دعوة سوريا؟



عماد مرحل

على وقع التحضيرات اللوجستية المستمرة لإنجاز ترتيبات انعقاد القمة، زار الموفد الرئاسي الوزير جمال الجراح السعودية قبل ايام، حيث سلّم قيادتها دعوة الى حضور هذا الملتقى العربي التنموي.

وكان لافتاً في هذه الدعوة أمران:

ـ الاول، انّ وزير الاتصالات المنتمي الى كتلة «المستقبل» جمال الجراح هو الذي تولى تسليمها وليس وزير الخارجية جبران باسيل، على رغم من خصوصية موقع الرياض في المعادلتين الاقليمية واللبنانية، ما دفع البعض الى الاستنتاج بأنّ هناك فتوراً ما يسود العلاقة بين المملكة والجهة التي يمثّلها باسيل.

ـ امّا الامر الثاني الذي يمكن التوقف عنده فهو انّ الرياض كانت العاصمة العربية الأخيرة التي وُجهت اليها الدعوة ضمن لائحة المدعوين، ليتبين لاحقاً انّ المملكة هي التي تمهّلت طوال هذا الوقت في تحديد موعد زيارة الموفد الرئاسي اللبناني، وكأنّ القيادة السعودية كانت تنتظر «شيئا ماً»، لتقرر طبيعة مشاركتها في القمة الاقتصادية في بيروت أو حجمها، خصوصاً مع الكلام عن إمكان دعوة دمشق اليها، علماً انّ مجرد استقبال الجرّاح يعني انّ الرياض حسمت مبدأ حضورها، بينما يبقى مستوى الحضور متوقفاً على المسار الذي ستسلكه التطورات في الايام المقبلة، خصوصا على مستوى الملف السوري.

والى حين حَسم النقاش العربي واللبناني حيال مشاركة دمشق من عدمها في القمة التنموية، توافرت معلومات لدى مصادر واسعة الاطلاع في بيروت تفيد أنّ رئيس مكتب الامن الوطني السوري اللواء علي المملوك زار السعودية قبل ايام قليلة، في اطار محاولات تمهيد الارض امام مرحلة جديدة من العلاقات بين الجانبين، غداة مبادرة دولة الامارات العربية المتحدة الى معاودة فتح سفارتها لدى سوريا.

وبمعزل عن وتيرة التواصل السري بين الرياض ودمشق او طبيعته، تؤكد المصادر انّ عودة الحرارة الى اسلاك العلاقات الديبلوماسية هي مسألة وقت ليس إلّا، وانّ السعودية بدأت تستعد لهذه الانعطافة الاستراتيجية، سواء على قاعدة الإقرار الاضطراري بالتوازنات القائمة وبضرورة التعاطي الواقعي مع مفاعيلها أو على اساس السعي الى سحب الرئيس بشار الاسد من الحضن الايراني كما يروّج مبرّرو الانفتاح الخليجي المُستجد على الأسد.

ولعلّ استبدال وزير الخارجية السابق وصاحب السقوف المرتفعة عادل الجبير بالوزير الجديد إبراهيم العساف هو مؤشّر الى استعداد المملكة لتعديل تموضعها والتعامل مع مقتضيات المرحلة الجديدة ومعادلاتها.

ولئن كان اجتماع مجلس الجامعة العربية المقرر اليوم في القاهرة، على مستوى المندوبين، قد يحمل إشارة معينة الى المنحى الذي سيتخذه البحث في مسألة دعوة سوريا الى القمة، إلّا انّ المتابعين لهذا الملف يشددون على انّ اي قرار حاسم من هذا الوزن، سلباً ام إيجاباً، يتخذه الملوك والرؤساء مباشرة، او وزراء الخارجية العرب الذي يجتمعون في العادة قبيل التئام القمة لوضع اللمسات الاخيرة على جدول أعمالها، علماً انّ قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية مُلتبس أصلاً لأنه أتى من خارج آلية الإجماع التي تعتمد في اتخاذ القرارات الملزمة، بعدما اعترض كل من لبنان والعراق والجزائر في حينه على ما صدر بحق سوريا.

والمفارقة انّ القوى الداخلية تصرّ على افتعال نزاع مجاني حول مسألة لا تملك أساساً القدرة على البتّ فيها، ذلك انّ دور لبنان في التحضير للقمة الاقتصادية لا يتجاوز عملياً حدود ساعي البريد الذي يبلّغ الدعوات الى الدول الاعضاء في الجامعة، ومالك الفندق الذي يستضيف المدعوين، امّا صاحب العرس فهو مجلس الجامعة العربية وبالتالي فإنه المعني حصراً بتحديد المدعوين.

وتقول اوساط وزارة الخارجية، القريبة من باسيل، انّ أقصى ما يمكن لبنان أن يفعله هو حَضّ العرب على إعادة سوريا الى صفوف الجامعة وتالياً القمة الاقتصادية، لافتة الى انّ باسيل لا يستطيع ان يوجّه الى دمشق دعوة للحضور، بمبادرة شخصية او «تطوعية»، لأنّ هذا الشأن هو من اختصاص الجامعة، حيث توضع الدعوات ويُطلب من الدولة المضيفة تبليغها، «وكل المواقف التي تتجاهل هذه الحقائق، وتوجّه الضغط نحو الداخل لدعوة سوريا او لاستبعادها، لا تندرج سوى في إطار المزايدات».

وتكشف أوساط «الخارجية» انّ باسيل تحرّك بزخم في الكواليس الديبلوماسية لإقناع عدد من الدول العربية المحورية بأهمية حضور سوريا القمة الاقتصادية، وهو شرح لها رأيه بصراحة خلال زياراته اليها لتوجيه الدعوات او عبر اتصالات غير معلنة، موضحة انه سعى أثناء لقاءاته في المغرب والعراق والاردن ومصر الى تشجيع تلك الدول على الدفع في اتجاه فتح أبواب القمة امام دمشق، ومشددة على أنه لا يجوز ان يتم تحميل باسيل او تحميل لبنان ما يفوق طاقتهما على هذا الصعيد.

الى ذلك، عُلم انّ كلّاً من مصر والكويت والامارات والعراق وقطر وبعض دول المغرب المعربي أبلغت الى لبنان مشاركتها بـ»الصف الاول» في القمة، أي على مستوى الزعماء.