kayhan.ir

رمز الخبر: 84343
تأريخ النشر : 2018October22 - 20:54

جريمة قلبت حسابات النظام وداعميه


لا يختلف اليوم اثنان في دنيانا الفانية والمتذبذبة بان الرابح الاكبر في المتجارة بدم خاشقجي الذي قتل شر قتله سواء اختلفنا أو اتفقنا معه، هو الرئيس اردوغان الذي يتقن ومخابراته أدوات اللعبة بكل تفاصيلها لذلك شهدنا كيف أن تركيا كانت تسرب المعلومات رويدا رويدا الى الصحافة دون ان تسمح لمسؤول رسمي ان يدخل في هذه اللعبة للحيلولة دون الوقوع في المصيدة ولكي لا تكون مضطرة في النهاية للوقوع في محاذير غنية عنها.

لكن قضية خاشقجي التي انكرها السعوديون في البداية ولحقهم الاميركان في اهمالها بانها سرعان ما ستزول كالفقاعة وهذا ما جاء على لسان ترامب في اليومين الاوليين عندما قال انها قضية سعودية في محاولة يائسة لطمسها لكن مع مرور الايام وانكشاف فجاعة الجريمة ووحشيتها بتقطيع الجثة الى 15 قطعة لا لذنب سوى انه مجرد "معارض رأي" أنفجر الرأي العام العالمي غضبا واستياء وهذا ما دفع بالنظام السعودي ان يتحول من موقع الإنكار الى الإعتراف لكن بروايات مختلفة تظهر مدى تخبطه وكذلك الغرب الذي كان صامتا او متفرجا وان كان موقفه خجولا أو ملفوفا بالمصالح لكن في النهاية اضطر وتحت سطوة ضغط الرأي العام ان يجاهر في موقفه ارضاء الى الداخل لانه يعرف جيدا لو لا دعمه وخاصة الاميركي لمحمد بن سلمان المعروف اليوم في اميركا بـ"محمد كوشنير" لما اقدم بن سلمان على اقتراف مثل هذه الجريمة المتوحشة لذلك يبقى الشريك في الجريمة. وبالطبع فليست السعودية وحدها هي التي اهتزت صورتها في العالم بل ان اميركا والدول الغربية القريبة والداعمة للسعودية هي الاخرى اهتزت صورتها وستبقى هذه الصورة تلاحقها على مدى عقود ولا تستطيع ان تتبجح كالماضي في الدفاع عن حقوق الانسان والديمقراطية ورفع شعاراتها المزيفة.

ووسط هذه الاجواء من المقرر ان يعلن اليوم الرئيس اردوغان الابعاد الخفية لهذه الجريمة التي لم يكشف عنها حتى اليوم لكن السؤال الاساس المطروح هل سيكشف الرئيس كل شيء ويدمر كل الجسور مع اميركا والسعودية وهذا ستتضح معالمه اليوم من خلال ما يعلنه الرئيس اردوغان. لكن ما اشرنا اليه بان الرئيس اردوغان هو الرابح الاكبر من تداعيات جريمة خاشقجي سيأخذ بنظر الاعتبار حجم المكاسب الذي سيحصل عليها سواء من الجانب الاميركي او الجانب السعودي هو الذي سيحدد حجم المعلومات المسموح باعلانها لأنه حريص على حفظ العلاقات مع الجانبين. لكن ما هو لافت وتوقف عنده المراقبون لماذا اختار الرئيس اردوغان كشف المعلومات عن جريمة اصبحت في دائرة الفضاء الدولي، امام اعضاء من حزب العدالة والتنمية في حين ان القضية تستوجب ان يعلن عن هذه التفاصيل في بيان رسمي او في مؤتمر صحفي.

وان ما قيل بان الاوضاع ما قبل اعلان التفاصيل حول مقتل خاشقجي ستكون مغايرة عما بعده لا يغير شيئا في اصل الصفقات لوجود بعض الشواهد ومنها ما سربته مؤخرا بعض الصحافة التركية نقلا عن الامير خالد بن سلمان المرشح لخلافة محمد في ولاية العهد بانه معجب بالرئيس اردوغان وكذلك ما حدث من تطور عقب الاتصال الهاتفي بين الملك سلمان والرئيس اردوغان قبل أيام حيث لم تمض عشرة دقائق حتى تعلن الرياض باعترافها بمقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول وسردها للمسرحية التافهة والمضحكة لكن الأغرب ان يبادر الملك سلمان وبعد ساعة من اتصاله باردوغان الاتصال بالرئيس السيسي وبحث التطورات الراهنة معه والعاقل يفهم.

فالنظام السعودي ومنذ تأسيسه وحتى اليوم لم يشهد أزمة خانقة كالتي يمر بها اليوم وانه امام ثلاث احتمالات لا رابع لها اما تغير النظام أو شكل النظام أو الاطاحة ببن سلمان وهذا هو الاقل كلفة وضررا لكل الاطراف المشتبكة في جريمة خاشقجي ولم يكن هناك شيء اسمه مستحيل فعندما توازن اميركا بين خياراتها ما هو أصلح لها تقدم على كل شيء دون ان تفكر بالتداعيات ولم ينس العالم كيف اوفدت اميركا ابن شقيق الملك فيصل من اميركا الى الرياض لقتل الملك في السبعينيات بعد الحظر النفطي.