kayhan.ir

رمز الخبر: 83932
تأريخ النشر : 2018October15 - 21:04

الجمهورية الإسلامية الإيرانية واستراتيجية العقود الخمسة القادمة


محمد علي جعفر

تزامناً مع الذكرى الأربعين لإنتصار الثورة الإسلامية وبعد جُهدٍ دؤوب دام سبع سنوات، أنهى مجموعة من الباحثين المتخصصين والأكاديميين الجامعيين والحوزويين إعداد وثيقة "الأنموذج الإسلامي الايراني للتقدم". وثيقة حدَّدت أهمّ الأسس والتطلّعات للجمهورية الإسلامية الإيرانية في سبيل تحقيق التحوُّل نحو التقدم خلال العقود الخمس القادمة. تُشكِّل الوثيقة الإطار الإستراتيجي للسياسات العامة للنظام وتتضمَّن تفاصيل حول الإجراءات والتدابير المؤثّرة لتحقيق التقدم والتحوُّل المنشود. لذلك وجَّه آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي بلاغاً عبَّر فيه عن الشكر والتقدير للذين شاركوا في هذا الإنجاز، كما وجه دعوة خاصة للأجهزة والمراكز العلميّة، والنخب والخبراء للقيام بتطوير هذه الوثيقة عبر تقديم دراسات مُعمقة والإدلاء بآرائهم الاستشاريّة المُكملة لها. وهو ما سيحصل خلال العامين المقبلين، حيث سيبدأ العمل بالوثيقة بداية العام الشمسي 1400. فما هي التوجهات التي حدّدها الإمام الخامنئي والتي سيجري اعتمادها بعد عامين؟ وكيف يمكن تقييم نقاط القوة التي يتصف بها هذا الإطار الإستراتيجي؟

الإطار الإستراتيجي للوثيقة وجوانبه العملية

حدَّد الإمام الخامنئي عدة توجهات إستراتيجية سيتم العمل بها بعد تعديل الوثيقة بناءاً للمقترحات التي سيُقدمها النخب والأكاديميون والباحثون المتخصصون خلال العامين المقبلين. على أن يقوم مركز الأنموذج الإسلامي الإيراني للتقدم، بإدارة هذه التوجهات عبر وضع برنامج عملي لذلك والتنسيق مع الأجهزة المعنية تقديم المقترحات. فيما تتولى الإذاعة والتلفزيون والأجهزة الإعلامية الرسمية في البلاد نشر الأخبار المرتبطة. هذه التوجهات جاءت على الشكل التالي:

أولاً: اعتبار الوثيقة إطاراً للسياسات العامة للنظام، وبالتالي على "مجمع تشخيص مصلحة النظام" في الجمهورية الإسلامية تعديل السياسات الحالية للنظام الإسلامي بما يتطابق مع الإطار الجديد الذي حددته الوثيقة.

ثانياً: اعتبار الوثيقة إطاراً ناظراً للقوانين والتشريعات المعتمدة، وعلى "مجلس الشورى الإسلامي" إعادة تصويب المشاريع والخطط اللازمة ضمن إطار هذه الوثيقة.

ثالثاً: يتم دراسة الوثيقة من قبل الحكومة الإيرانية ويتم وضع المقترحات اللازمة لتحويلها الى خطط عملية والإستفادة من الموارد البشرية الإيرانية كافة والقادرة على تنفيذ هذه الخطط.

رابعاً: يقوم كل من المجلس الأعلى للأمن القومي والمجلس الأعلى للثورة الثقافية والمجلس الأعلى للفضاء المجازي، بتقديم الملاحظات والإقتراحات الخاصة بالوثيقة والتي تتناسب مع دورهم.

خامساً: تقوم الجامعات والحوزات، بالمشاركة بفعالية لتحديد مسار تقدم الجمهورية الإسلامية، عبر تقديم الدراسات التفصيلية اللازمة حول هذه الوثيقة.

في المرحلة الثانية، وبعد اجراء التعديلات، سيتم وضع خطة لتطبيق النموذح الجديد بمساعدة الشعب وأجهزة النظام والدولة، لتكون بداية العام 1400 الشمسي بداية العمل بالأنموذج الجديد.

نقاط القوة في الإطار الإستراتيجي

حالياً وبعد نشر الوثيقة، سيتم دراستها من قبل الباحثين والمتخصصين لوضع الملاحظات عليها وتقديم الرؤى التفصيلية اللازمة. لكن عدة نقاط يمكن الإشارة لها، والتي هي نقاط واضحة تتعلق بالأسلوب الذي تعتمده القيادة الإيرانية، والتي يمكن الجزم بعدم وجود مثيلٍ له، حتى في الدول التي تعتبر نفسها ديمقراطية. نُشير لهذه النقاط وبشكل مهني بحت فيما يلي:

أولاً: تُعتبر الوثيقة، استراتيجية، كونها تهدف لتحقيق تحوُّلٍ استراتيجي، أي ذات آثار استراتيجية وليست ظرفية. تقوم به (التحول) الدول عادة من باب النقد البنَّاء لأطر السياسات العامة المعتمدة على صعيد كيان الدولة والحكم، ما يجعل ذلك دليل على علمية القيادة الإيرانية ورعايتها لأصول الحكم وإدارة الدولة المبني على تحديد المصلحة والأخذ بعين الإعتبار آراء الشعب. تفتقد أغلب الدول لهذا الأسلوب في إدارة الحكم.

ثانياً: تأتي الوثيقة ضمن ما يُسمى علمياً بـ "استراتيجية إدارة التحول" والتي يتم وضعها عادة لتحديد أبعاد التحول من حالة الى آخرى وعلى الصعيد الإستراتيجي. ما يهدف لتحقيق واقع مطلوب ينقل الدولة لإعتماد مسارات مختلفة وجديدة تواكب التطور العلمي والعملي وعلى كافة الأصعدة.

ثالثاً: تطال التوجهات التي وضعتها القيادة الإيرانية والتي لخصناها في النقاط الخمسة أعلاه، كافة مكونات الأمن القومي الخاص بالدولة والنظام. ما يجعل الوثيقة فرصة لبناء تكامل واقعي وعلى كافة الأصعدة، كما يجعلها نموذج ومثال قابل للتطبيق. ما يعني بالنتيجة أن أغلب الوثيقة تُشكل مساراً ممكناً.

في وقت تواجه فيه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، هجمة تهدف لإرجاعها الى ما قبل انتصار الثورة، تخرج وثيقة "الأنموذج الإسلامي الايراني للتقدم" كإطارٍ يُثبت قوة القيادة وتكاملها مع الشعب والدولة. لا يمكن التغافل عن التوقيت وحساسيته، ودلالاته التي تبدأ بالقدرة على مواجهة التحديات وتصل لوضوح الإكتفاء وعدم الحاجة للخارج. حتى العام 1400 الشمسي، سيجري حتماً تقديم العديد من المقترحات والملاحظات حول الوثيقة. لكن مسار الأمور واضح. تتمتع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بكافة مقومات الحكم النموذجية.