kayhan.ir

رمز الخبر: 83888
تأريخ النشر : 2018October14 - 20:33

انا متشائم من ابتسامة الذئب!


حسين شريعتمداري

1- وجهة الخطاب في هذا المقال مجلس صيانة الدستور الموقر ومضمونها المهمة الخطيرة الملقاة على عاتقها في مواجهة اللائحة التي يطلق عليها "معاهدة مكافحة تمويل الارهاب –CFT-". والامر المتوقع من المجلس في مجال مهامه ومفاصل تكاليفه لتجنيب الشعب والنظام خطر المصادقة النهائية على هذه اللائحة.

وحول FATF وبالذات لائحة CFT وهي احدى ملحاقتها الاربعة، كتبت الكثير من الدراسات، وعلقت الصحيفة خلال عامين مرارا في تحليلاتها ومقالاتها على المعاهدة وتناولنا الوضع الكارثي الذي سيستتبع المصادقة عليها وبشكل موثق، الا ان الحكومة المحترمة لم ترد بشكل مقبول على الوثائق المقدمة. ومع ذلك سنشير في هذا المقال الذي بين ايدينا، الى نموذجين من حجج الحكومة وسائر المؤيدين لهذه اللائحة، ومن ثم نتناول ما نتوقعه من مجلس صيانة الدستور.

2- وصادق مجلس الشورى الاربعاء 10 اكتوبر، باكثرية خجولة 143 مؤيد في قبال 120 صوتا معارضا، وخمسة ممتنعين، على المقطع الاخير من اللوائح الاربع لـ FATF تحت عنوان "معاهدة مكافحة تمويل الارهاب CFT"، وان الدليل الاساس لمؤيدي اللائحة على ضرورة المصادقة هو ما نطق به السيد ظريف في الجلسة العلنية لمجلس الشورى نفس اليوم: "لا انا ولا السيد رئيس الجمهورية نضمن ان مشاكلنا ستحل بمجرد الانضمام للائحة مكافحة تمويل الارهاب، ولكن بامكاننا ان نؤكد بان عدم التحاقنا بهذه اللائحة سيوفر ذريعة لاميركا في تصعيد مشاكلنا"! فالسيد ظريف يرى ان الميزة الوحيدة للانضمام في عدم اعطاء ذريعة لاميركا، اي انه يؤكد ان اللائحة لا تتضمن اي ميزة ومكسب! وبعبارة اخرى ان رؤية وزير الخارجية المحترم تقتصر في ان الملاك في سن القوانين في ايران الاسلامية، باحراز مطالب اميركا! اي انه كلما خالفت اميركا موضوعا او ظاهرة في ايران الاسلامية، ويجعلها ذريعة فعلى مجلس الشورى والحكومة الاستعداد لوضع قانون يلبي مطالب اميركا كي لا تعمل بالذريعة التي بيدها! فهل لاستدلال السيد ظريف في تبيين ضرورة المصادقة على لائحة مكافحة تمويل الارهاب –CFT- معنى آخر غير هذا؟! وينبغي ان نسأله، انه هل كان لذرائع اميركا ضد ايران الاسلامية خلال اربعين عاما مضت مواقيت محددة؟! اليس في جعبتها الآن عشرات الحجج الاخرى؟! ولاجل استمالة رأي اميركا وسلب ذرائعها التي لا تنفك في حياكتها يوميا ايتحتم علينا تلبية متطلباتها؟! وفي كلمة واحدة ان ننقاد لاميركا مكبلين! ومع الاعتذار وبوثوقنا ان السيد ظريف لم يلتفت لتبعات رأية، فينبغي السؤال ما الذي اختلف عن فترة حكومة الطاغوت باستنان القوانين باملاءات اميركية على نظامنا السياسي؟! ففي تلك الفترة كانت السفارة الاميركية والبريطانية تملي مطالبها على الحكومة فيما رأت الحكومة انها موظفة! في القبول بهذه الاملاءات! واليوم يعلن من وراء البحار رأيا (نسميها ذريعة) فيما نعتبر انفسنا مكلفين بقبوله!

فهذا التصور بان اميركا بحاجة لتهيئة مقدمات وارضية لفرض ذريعة على ايران الاسلامية لا قيمة له. اكان ترامب بحاجة في انسحابه من خطة العمل المشترك لترتيب مقدمات وارضية؟!

فهل ان مجلس صيانة الدستور الذي يتعين عليه حماية وحفظ ما يصادق عليه مجلس الشورى الاسلامي، والدقة في عدم اختلافها مع الشارع المقدس والدستور، يقبل بهذا الاستدلال الذي طرحته الحكومة للمصادقة على اللائحة المعروفة باسم "مكافحة تمويل الارهاب –CFT-" ولا يجد فيها ضيرا بعدم معارضتها للشارع المقدس ودستور الجمهورية الاسلامية الايرانية؟!

3- والاستدلال الثاني الذي البسه المؤيدون لبوس المنطق الكلاسيكي، ان قالوا، في المصادقة على انضمام ايران لهذه اللائحة حشرنا بين خيارين "الاحتمال" و "القطع"! ويبينوا اان الاحتمال يكمن في سوء استغلال العدو للمصادقة على اللائحة! الا ان الفوضى الاقتصادية ستتحقق عندما لا نصادق على اللائحة! من هنا فان السبيل العقلائي والمنطقي يتارجح بين الضرر الاحتمالي والضرر المؤكد، فالضرر الاحتمالي (اي المصادقة على اللائحة) مرجح على الضرر المؤكد (في عدم المصادقة عليها)!

ان هذا الاستدلال يطرح في وقت؛

الف- ان الاستغلال السيئ للعدو لا ينحصر في الاحتمال وانما هو امر مؤكد. وكأن السادة لم يلتفتوا بعد انهم يتعاملون مع عدو اشر لطالما عبر عن عدائه في اي فرصة سنحت له لمواجهة ايران الاسلامية. على هذا يفرض العقل السليم علينا ان لا نمكن العدو بابسط فرصة. فعن طريق معاهدة FATF سنضع جميع معلوماتنا الاقتصادية وسيولتنا المالية بخدمة الخصم، ومن البديهي ان هذه المعلومات في الحرب الاقتصادية توفر واحدة من اساسيات واحتياجات العدو الستراتيجية. وهذه النظرة اشبه بان نقول اذا سلمنا العدو معلوماتنا العسكرية فيحتمل انه سيستفيد منها ضدنا!

باء- ومضت سنتان على اقحام الحكومة، بتغافل المادة 77 من الدستور ومن دون علم المجلس، اقحمت الدولة لتكون امام امر واقع لتقبل بـ FATF! ولتنفذ 37 بندا من بنود FATF الـ41 الالزامية! وقدمت للمجلس 4 بنود لافتقارها المصادقة القانونية! وهنا يطرح التساؤل الآتي، لو كان القبول بالالزامات في FATF يمنع من استغلال العدو فلماذا لم يحصل ذلك خلال العامين المنصرمين؟!

جيم- لماذا يصر اعداء ايران الاسلامية ان نقنن رسميا بالمصادقة على البنود الاربعة الالزامية لـ FATF ؟! والاجابة على السؤال نجده في تعامل ترامب مع خطة العمل المشترك. فكان ترامب يصر على تضمين الاتفاق النووي تقييد التصنيع الصاروخي ومنع حضورنا في المنطقة. هذا في الوقت الذي لم تفوت اميركا وحلفاؤها اي فرصة لمواجهة البرامج الصاروخية ومعارضة حضورنا في المنطقة، والسؤال هو لما انبروا بكل قواهم لمواجهة هذه البرامج فاي اصرار لتضمين هذه المطالب في خطة العمل المشترك؟! والاجابة واضحة اذ ان اميركا وحلفاءها بصدد جعل مواجهة برنامجنا الصاروخي وحضورنا في المنطقة قانونا مدعوما من مجلس الامن الدولي! اي بالضبط نفس الدافع الذي يدفعهم اليوم للاصرار على تقنين القبول بالزامات FATF من قبل ايران الاسلامية!

4- وبالامس نقل السيد مصباحي مقدم عن سماحة آية الله مكارم شيرازي مسألة نسبها لقائد الثورة المعظم، فبادر مكتب آية الله مكارم شيرازي لتكذيب هذه النسبة. وهي كالآتي: حين التقى سماحة آية الله مكارم شيرازي في مدينة مشهد بقائد الثورة، تقدم برأيه بهذا الخصوص، متسائلا من سماحة القائد عن رأيه؟ فكانت اجابة سماحة القائد بهذا الشكل: "لقد اطلعت على ذلك ولم اتوصل الى ما يمكن الاستناد عليه، ولما لم اصل لذلك فلا املك رأيا بعينه".

فلو سلمنا بصحة ما نقل فسيكون دليلا دامغا على ضرورة عدم القبول بقرار مجلس الشورى. اذ ان سماحة القائد قد تفضل بالقول خلال استقباله نواب المجلس، وفي اشارة الى البنود الاربعة لـ FATF:

"لنفرض ان (الموضوع) هو مكافحة الارهاب او غسيل الاموال، حسنا، لما كان مجلس الشورى الاسلامي مجلسا رشيدا وعاقلا وله سابقة تجارب جيدة جدا، فلينتظم ليضع قانونا، وهو قانون مكافحة غسيل الاموال، فلا ضير في ذلك، ولا يحتاج لشروط كثيرة، ويصلوا الى ما يريدونه، ويتضمن ذلك بقانون، فهو امر مهم. ولا يستوجب لنقر امورا لا نعلم بخلفياتها او نعلم حتى باستصحابها لمشاكل ولكن لاجل جوانب ايجابية نقر هذا القانون".

فلنلتفت لما تفضل به سماحة القائد خلال استقباله النواب. اذ قال: "ولا يستوجب لنقر امورا لا نعلم بخلفياتها او نعلم حتى باستصحابها لمشاكل ولكن لاجل جوانب ايجابية نقر هذا القانون". وهنا حتى لو كان ما نقل عن سماحة القائد صحيحا، ينبغي القول انه لم يصل الى فائدة او ضرر هذه البنود.

ولذا وحسب ما تفضل به سماحته خلال استقباله النواب بعدم ضرورة المصادقة على بنود "لا نعلم بخلفياتها". من هنا فان رفض اللائحة المشار اليها من قبل مجلس صيانة الدستور ومجمع تشخيص مصلحة النظام اجراء عقلائي ومنطقي وضروري، ومن لوازم اتباع التوجيهات الحكيمة لقائد الثورة المعظم.

5- ان ما نامله من مجلس صيانة الدستور المحترم، ان يدعو اصحاب الرأي المؤيدين لـ FATF والمعارضين، والاستماع لآرائهم واستدلالاتهم حول القبول اورد قرار المجلس، والاجدر ان ينتخب المؤيدون من بين رجال الدولة العاملين الذين لهم القول الفصل بهذا الخصوص. فلا شك سيتم التوصل للقرار الصائب بمقارنة الآراء التي تصدر من الجانبين، وبذلك نتجنب تكرار خطة عمل مشترك ثانية وهي بمثابة كارثة اخرى على الشعب. وصدق الشاعر حين قال: انا متشائم من ابتسامة الذئب.