kayhan.ir

رمز الخبر: 7808
تأريخ النشر : 2014September29 - 20:56

إلي القلقين من تطورات اليمن في مصر وخارجها

على محسن حميد

تثير تطورات الوضع في اليمن قلق كثيرين في مصر وخارجها. بعض القلقين لالوم عليهم لأن الخريطة السياسة وموازين القوي تغيرت في 21 سبتمبر لصالح شراكة وطنية متفق عليها بين جميع أطراف العملية السياسية بما فيها الخصمان اللدودان الإصلاح (الإخوان) والحوثيون (أنصار الله) .

بعض القلق ناتج عن فقدان بلد راهنت عليه جماعة سياسية منذ أربعينيات القرن الماضي ولتحقيق هذا الرهان خططت وشاركت في انقلاب 1948 الذي أودي بحياة الإمام يحيي وحل محله إماما دستوريا لم يمكث في الحكم سوي 17 يوما. الرهان على اليمن لم يتوقف وقد استغلت هذه الجماعة تدهور العلاقات المصرية السعودية بسبب موقف البلدين المتعارضين من ثورة اليمن عام 1962 وإسقاط النظام الملكي بحشد القوي القبلية ضد الوجود المصري تحت مسمي ترشيد العلاقات مع مصر ورفض التدخل المصري في الشئون الداخلية اليمنية وكان للشاعر محمد محمود الزبيري والسيد عبدالمجيد الزنداني صاحب "جامعة الإيمان”! التي تثار حولها العديد من الأسئلة لافتقارها إلي مقومات العملية التعليمية السليمة والشفافة والانحياز إلي مستقبل اليمنيين دور في استقطاب بعض المشايخ القبليين البارزين كالشيخ عبد الله بن حسين الأحمر وقوي أخري فجعها سوء إدارة البلاد بعد 1962ولكنها غفلت عن إدراك أن مصر لايمكن أن تكون شريكة في القتال ضد الملكيين المدعومين من الخارج وأن تترك القرار العسكري على وجه الخصوص بيد قيادة يمنية انفرط عقدها منذ الشهور الأولي للثورة.

كان الشعب اليمني في مجمله يقف مع الثورة ولايعيب على مصر سياستها في اليمن ولكن هذه القوي واصلت جهودها ضد مصر بمساعدة قبلية بعضها جمهوري كالشيخ الأحمرالذي تطور موقفه من تأييد الدور المصري إلي معارضته ثم قيادته لحزب الإصلاح. بعض القلقين في مصر وخارجها معذورون لفداحة خسارة اليمن بعد خسارة مصر. ماحدث في 21 سبتمبر تطور إيجابي لو نفذ بنزاهة عندما تم التوقيع على اتفاق "السلم والشراكة الوطنية” والمعني والمغزي واضح في التسمية.

البعض غاضب لماحدث رغم حبه لليمن ويصفه ب "النكبة” أويساوي بين داعش والحوثيين والبعض الآخر يخشي على السعودية أكثر من خشيتها هي على نفسها.كل هذا يعبر إما عن ألم لخسارة بلد كان ناضجا للقطاف ولاحتضان أول تجربة للإسلام السياسي في الجزيرة والخليج الفارسی وهذا الأمر يثير قلقا لدي الخليجيين لايقل عن قلقهم عمن يعتبرونهم صوابا أو خطأ وكلاء لإيران. اتفاق 21 سبتمبر يؤسس لشراكة وطنية شاملة هي الأولي من نوعها في اليمن ولا يحل قوة سياسية محل أخري وقد مهد لهذه الشراكة مشاركة الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني الذي كان أداؤهم فيه جيدا بشهادة أطراف يمنية وغربية وفيه لم يبدوا أي تشدد أو يعبروا عن مصالح طرف خارجي. البعض يقلق من دور إيراني في اليمن يزعج السعودية على وجه الخصوص ويؤذيها وفي هذا الصدد لايمكن لليمنيين سلطة وشعبا أن يقبلوا بالإضرار بمصالح السعودية وبأمنها أو أن يكون اليمن شوكة في خاصرتها لأن استقرار اليمن ووحدته وتقدمه يعتمد جزئيا على علاقات طيبة ومتميزة ومتكافئة مع السعودية وهم لم ينسوا خطيئة الرئيس السابق صالح وموقفه من احتلال الكويت عام 1990 الذي تسبب في طرد مليون و300 الف يمني من دول الخليج الفارسی.

وفي كارثة اقتصادية وتدهورطال أمده في العلاقات مع السعودية ومع دول خليجية أخري لانزال ندفع ثمنه حتى اليوم. واليمنيون لايمكن أن يقايضوا القريب بالبعيد وتجربة حزب الله في لبنان غير قابلة للتكرار في اليمن لسببين. أولهما أن أنصار الله لايعبرون عن غالبية أتباع المذهب الزيدي وثانيا أن الزيود أقلية في اليمن (ثلث السكان) ومذهبهم بشهادة الأزهر الشريف أقرب إلي المذهب السني منه إلي المذهب الإثني عشري.المذهبان السني والزيدى. تعايشا ولم يتصارعا وكان المأمول أن يحدث انتقال إلي حكم الأغلبية بعد ثورة 1962 ولكن حكم الأقلية استمر بأشكال أسوأ مما كان عليه الحال قبلها. أنصار الله ليسوا ملائكة وقد ارتكبوا أخطاء يتصيدها البعض لتخويف قوي في الداخل والخارج وعليهم ولمصلحتهم عدم استفزاز حزب الإصلاح في الدرجة الأولى، هذا أولا, ثم ثانيا تغيير تسميتهم هذه لأن كل اليمنيين أنصار الله وكانوا أنصار نبيه (صلي الله عليه وسلم) قبل كيانهم هذا, وثالثا عليهم تجنب إغواء وإغراء نداء القوة والغلبة لأنهما مؤقتان, ولأن اليمن لقمة كبيرة لايستطيعون بلعها ثم هضمها. ورابعا عليهم عدم تكرار خطيئة غيرهم بخلط الدين بالسياسة وأن يقلعوا عن تسمية زعيمهم عبد الملك الحوثي ب "قائد المسيرة القرآنية” وب "السيد” لأن نبينا الكريم يعرف باسمه فقط وكذلك آل البيت.

لقد تحفظ اليمنيون وهم شعب معتدل يمقت التطرف على تسمية الزنداني بـ "الرّبانى” ولن يقبلوا من الحوثي أي تسمية دينية تتعارض مع مبادئ الدولة المدنية التي يقولون أنهم يريدون الإسهام في بنائها. الحركة الحوثية حركة شابة ومندفعة وقد ارتكبت أخطاء بعد توقيع اتفاق السلم والشراكة الوطنية أضعفت هيبة الدولة وتتناقض مع اتفاق الشراكة وعليها وضع يدها في يد بقية القوي بدون استثناء لبناء يمن جديد بدون إقصاء وألا تغريها نشوة النصر بما قد يعود بالضرر عليها لأن خصومها كثر ومنهم القاعدة التي بدأت في اغتيال عناصرها قبل وبعد توقيع اتفاق الشراكة في صنعاء وفي محافظة صعدة نفسها. وإذا كانت الأطراف التي وقعت اتفاق السلم والشراكة حريصة على وحدة واستقرار اليمن فعليها كلها تنفيذ الاتفاق وعدم خرقه أو التلاعب به وتسهيل دور الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة القادمة في رعايته وتنفيذه, وإلا فإن مصير اليمن ومصيرها إلي خسران كبير، واليمن من كل النواحي لايحتمل المزيد من الكوارث التي خلفها نظام صالح في الجنوب