kayhan.ir

رمز الخبر: 121182
تأريخ النشر : 2020October21 - 21:13

الامام العسكري (ع) مبشرا بالخلف الموعود من بعده

الإمام أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكري (عليه السلام) هو الإمام الحادي عشر من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، الذين حملوا رسالة الإسلام، وتبنّوا أهداف الدِّين الحنيف، ووهبوا حياتهم في سبيله، ووطّنوا أنفُسهم لمواجهة الكوارث وتحدّي الصعاب والشدائد من أجل نشر قيمه وأهدافه، فما أعظم عائداتهم عليه، وما أكثر ألطافهم وأياديهم على المسلمين.

كان الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ــ على الرغم من حراجة ظروفه - جاداً في الدفاع عن الشريعة الإسلامية، إذ ظهرت منه من العلوم ونشر الأحكام الإلهيّة وبث المعالم النبويّة ما بهر العقول وحيّر الألباب.

وقد كان الإمام أبومحمّد الحسن العسكري (عليه السلام) في معالي أخلاقه نفحة من نفحات الرسالة الإسلامية، فقد كان على جانب عظيم من سمو الاخلاق، يقابل الصديق والعدو بمكارم أخلاقه ومعالي صفاته، وكانت هذه الظاهرة من أبرز مكوناته النفسية، ورثها من آبائه وجدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي وسع الناس جميعاً بمكارم الأخلاق، وقد أثّرت مكارم أخلاقه على أعدائه والحاقدين عليه، فانقلبوا من بغضه إلى حبّه والإخلاص له.

والانتصار على العدو في نظر الإمام (عليه السلام) ليس بالسلاح أو سوء الخلق، بل يكون بالورع والكرم والحلم، حيث يؤدِّي إلى كثرة الأصدقاء الذين يثنون عليك، فالتقوى وحسن الطباع والسلم واللاعنف كلّها سمات تسمو بالإنسان فتحبّب الآخرين إليه، وكلّما ازداد حبّ الناس في المجتمع إليك زادت قوّتك في وجه أعدائك.. إنّه يقول (عليه السلام): «مَن كان الورع سجيته، والكرم طبيعته، والحلم خلّته، كثر صديقه والثناء عليه، وانتصر من أعدائه بحُسن الثناء عليه»، وورد عنه (عليه السلام) أيضاً: «مَن كان الورع سجيّته والأفضال حليته، انتصر من أعدائه بحُسن الثناء عليه، وتحصّن بالذِّكر الجميل من وصول نقص إليه».

وكان من أجود الناس، واندادهم كفاً وأكثرهم إسعافاً للفقراء وإعانة للمحتاجين، وقد قام بدور مهم في إنعاش الفقراء، فقد نصب له وكلاء في كثير من مناطق العالم الإسلامي، وعهد إليهم بتوزيع الحقوق التي ترد إليه، على فقراء المسلمين وضعفائهم ممّا أوجب إنعاشهم وإنقاذهم من البؤس والحرمان، في حين أنّه كان يعيش عيشة الفقراء، فلم يحفل بأي شيء من متع الحياة وملاذها، شأنه شأن آبائه الذين اعرضوا عن الدُّنيا وزهدوا فيها.

وكان من الطبيعي تقدير الأُمّة بجميع طبقاتها للإمام أبي محمّد (عليه السلام) وتعظيمها له، فقد وقفت على هديه وصلاحه، وعزوفه عن الدُّنيا، وإخلاصه للحقّ، وتفانيه في طاعة الله وعبادته، بالإضافة إلى ذلك فقد تبنّى الإمام القضايا المصيرية للعالم الإسلامي، ونادى بحقوق المسلمين في أكثر من مناسبة.

لذا يجب علينا أن ننمي فينا هذا الشعور الإنساني العظيم ونتعامل مع الآخرين بالمحبّة والرحمة والرأفة وأخلاق حسنة على مسير أهل البيت (عليهم السلام)، وكما قال الخالق في كتابه: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ» (آل عمران/ 159). وهكذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) ينفتحوا على الناس، من خلال قلب رؤوف حنون، ولسان ليّن لطيف عذب. وهذا ما يجب أن نتعلّمه في مجتمعاتنا، من أجل أن تكون المحبّة هي الوسيلة للهداية. هكذا ينبغي لنا أن ننفتح على الناس الذين نريد أن نوصل لهم رسالة الإسلام ومبادئ الدِّين الحنيف.

و كذلك من الامور التي اهتم بها الامام العسكري عليه السلام الحفاظ على الذرية الطاهرة بعد اصرار الخليفة العباسي على استئصال امتداد الامامة .

أخرج الصدوق، عن أبي العباس، أحمد بن عبدالله بن مهران، عن أحمد بن الحسن بن إسحاق القمي، قال ( لما ولد الخلف الصالح (عليه السلام) ورد من مولانا أبي محمد الحسن بن علي، على جدي أحمد بن إسحاق كتاب، وإذا فيه مكتوب بخط يده (عليه السلام)، الذي كان يرد به التوقيعات عليه: ولد المولود، فليكن عندك مستوراً، وعن جميع الناس مكتوماً، فإنّا لم نُظهر عليه إلا الأقرب لقرابته والمولى لولايته، أحببنا إعلامك، لِيَسُرَّك الله به كما سرَّنا، والسلام ).

وروى الصدوق أيضاً: أنّ أحمد بن إسحاق قال: ( سمعت أبا محمد، الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)، يقول الحمد لله الذي لم يُخرجني من الدنيا حتى أراني الخلف من بعدي، أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خَلْقاً وخُلُقاً، يحفظُهُ الله تبارك وتعالى في غيبته، ثم يُظهِرُهُ فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما مُلِئت جوراً وظلماً ).

وتحدث الشيخ المفيد عن وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) والد الإمام محمد بن الحسن المهدي، فقال: ( وخلف ابنه المنتظر لدولة الحق، وكان قد أخفى مولده، وستر أمره لصعوبة الوقت، وشدة طلب سلطان الزمان له، واجتهاده في البحث عن أمره، ولما شاع من مذهب الشيعة الإمامية فيه، وعُرف من انتظارهم له، فلم يظهر ولده (عليه السلام) في حياته، ولا عرفه الجمهور بعد وفاته.