kayhan.ir

رمز الخبر: 117000
تأريخ النشر : 2020August04 - 20:31

كيف تحولت ايران بظل توجيهات قائد الثورة الى دولة قائمة على المعرفة

طهران/ كيهان العربي: واحدة من مفاتيح المصطلحات التي اكد عليها قائد الثورة المعظم الاعوام الاخيرة، الاعتماد على الخصوصية الوطنية، فتماهت هذه المصطلحات الرمزية على قدرات الداخل ونشاط الشركات العرفية.

فعبارة الاعتماد على الخصوصية الوطنية، ضمن الثقافة الدينية والثورية، تتلبس بمكانة خاصة، تم التأكيد عليها منذ باكورة الثورة الاسلامية. فكان الامام الخميني (ره) يؤكد على الخصوصية الوطنية منذ بداية الثورة.

كما ان سماحة القائد الثورة ملتزم بهذه المفاهيم، فعمل على تلاقح الاعتماد على الخصوصية الوطنية مع العلم والشركات المعرفية لأجل ترويضها كآلية مثمرة.

ومع مرور أربعة عقود على الثورة الاسلامية، توصل الشعب الايراني لمصاديق الاعتماد على الذات الوطنية من خلال العلم والتقنية، فكشفت مكتسبات هذه الشركات (شركات المعرفية) الامكانات الداخلية للشعب الايراني، مثل مفاهيم ميادين العلم والتقنية، ومراكز التطلع والتحديث، و.... وهي ذات تاريخ يعود لثمانين عاماً في العالم في ظل تفتح الاقتصاد للدول المتقدمة.

الا ان هذه المواضيع لم تكن مطروحة في ايران قبل الثورة الاسلامية مما كان السبب في تأخير البلد في تلك البرهة. فتوسعت المراكز العلمية والتخصصية في ايران منذ السنوات الاولى للثورة حتى تحول البلد من معتمد على الواردات الى مصدر اعتماداً على قدرات الشركات المعرفية. فبلغ عديد الشركات بشكل رسمي 800 شركة معرفية ايرانية تقوم بتصدير المنتوجات. ومن بين 5000 شركة معرفية حصلت 400 شركة على سبق تصدير محاصيلها، لتترك ريعاً يقارب من 400 مليون دولار.

على سياق متصل فان الاعتماد على تصدير النفط كان في قبال تصدير المحاصيل المعرفية، ومادام هذا الاعتماد لا يصل الى ادنى مستوى فلا يتضع أمر لزوم الاتفات لتصدير المحاصيل المعرفية، والآن مع تراجع بيع النفط فان إمكانية التركيز على محاصيل الشركات المعرفية للتصدير ستبرز شيئاً فشيئاً، وما تأكيد سماحة قائد الثورة على الحكومة والمجلس إلا لأجل قطع هذه التعبية للنفط.

ان روح هذه الرؤية كامنة في المواد المختلفة لسياسة الاقتصاد المقاوم المقننة من قبل قائد الثورة حول الاقتصاد المعرفي، مؤكداً على أولوية الاقتصاد المعرفي، وتطبسيق الخارطة العلمية الشاملة للبلاد، وتنظيم النظام الوطني الحديث، لاجل رفع المكانة العالمية للبلاد، وزيادة حصة الانتاج وتصدير المحصولات والخدمات المعرفية للحصول على المرتبة الاولى للاقتصاد المعرفي.

ان هذه السياسات تدعم نمو وتوسعة الشركات المعرفية، ومع هذا الدعم تنشط خمسة آلاف و236 شركة معرفية في البلد، ومن هذا العدد توجد الفان و774 شركة معرفية للانتاج من النوع الثاني، والف و212 شركة معرفية حديثة التأسيس من النوع الثاني، و595 شركة معرفية انتاجية من النوع الاول، و655 شركة معرفية حديثة التأسيس من النوع الاول.

وحين تحدد خصوصيات تسجيل الشركات المعرفية فان على كل شركة ان تعنون وظيفتها للحضور ضمن هذه الشركات، واذا لم تدخل حيز هذه الخصوصية، تسعى للمشاركة في مشاريع النهضة العلمية للجامعات، وفي الحقيقة فان واحدة من سبل تلاقح التصنيع والجامعة هو هذا الموضوع؛ فالشركات المنتجة بحاجة لتقنية وعلم جامعي لتصل الى مستوى لائق من التطور والانتشار.

ان هذه المنظومة العلمية والانتاجية تحولت اليوم الى آلية الاعتماد على الخصوصية الوطنية. ولطالما كان الالتفات للشركات المعرفية في توجيهات القائد بشكل مفاهيم كالاعتماد على الخصوصية الوطنية، سبباً لخلق فكرة الاعتماد على القدرات الداخلية لانقاذ البلاد في زمن العقوبات.

ان سياسة إعمال النفوذ العالمي الاميركي تزامنت مع خلق ظروف لايران حالت دون استيراد السلع الضرورية للبلاد، ونفس هذه القيود خلقت فرصاً للانتاج داخليا، اذ سبق ان غلب الفكر المبني على الاستيراد وبالضبط على العكس مع رؤية الاعتماد على الخصوصية الوطنية، ولطالما انتفع مستوردون بعوائد تقدر بالمليارات من سلع لسد حاجة الضرورية في الداخل، مما حال دون تطوير الانتاج، ولولا حالة الاضطرار لايقاف الاستيراد لانهارت شركات الانتاج في داخل البلاد.

ولولا تنبهات القائد والقاضية بالحد من الاستيراد، ورقي الشركات المعرفية الايرانية في ظل الدعم الشامل للقائد، لهيمن المستوردون على مقود اقتصاد البلاد، ولتم وأد أي فرصة لتطور الانتاج الداخلي. فهذه الرؤية الخاطئة كانت تلقن انه حين يكون للبلد عائدات كافية فلماذا نصر على انتاج جميع المحاصيل بأنفسنا، فيما تمثل الواردات دبلوماسية دولية. إلا ان دعائم هذه الرؤية انهارت خلال زمن رفض العقوبات لاسيما مع شيوع جائحة كورونا.

إذ حين تقع ازمات عالمية فان اولوية كل بلد توفير حاجياته الاساسية، ولا يفكر بالتصدير. فلو لم نكن متمكنين، خلال فترة وباء كورونا، من انتاج العقاقير، والاجهزة الطبية مثل جهاز "فينتيلاتور"، و... فكيف كنا نوفر المقردات التي نحتاجها داخلياً، لاسيما في ظل الظروف الصعبة للحظر؟

واستمراراً لدعم قائد الثورة لتطوير التقنية المحلية والشركات المعرفية، قال سماحته في عيد الاضحى: " ان العقوبات تمثل جريمة كبيرة إلا ان الشعب لا سيما الشباب والمسؤولون والعلماء والنشطاء السياسيون استفادوا من هذا الموضوع لرفع حالة الاعتماد على النفس والخصوصية الوطنية؛ كانتاج الطائرات التعليمية وقطع الغيار الدقيقة، وتدشين آلاف الشركات المعرفية، وتأسيس مصفى "نجم خليج الفارسي" بسواعد حرس الثورة الاسلامية، وانجاز خطوات واسعة في حقل بارس الجنوبي، واتمام وزارة الطاقة المشاريع في حقول الماء والكهرباء، ومشاريع وزارة الطرق، والانجازات الباهرة في مجال الدفاع، كذلك تم انجازه في مرحلة الحظر".

كما واحصى سماحة قائد الثورة واحدة اخرى من آثار العقوبات وهي تجربة فصل اقتصاد البلد عن الريع النفطي، قائلاً: وبسبب تراجع مبيعات النفط في البلاد، فاننا ندخل مخاض فصل الاقتصاد عن النفط ولذا لابد ان يعالج الموضوع بمتابعة الحكومة والمجلس. كما واشار سماحته الى محاصيل مرتبطة بتقنية عالية، في تعيين مصداق لتطوير القدرات الداخلية وللوصول لهذا المستوى نحتاج لتقنية معقدة وفيما لا يمتلك هذه التقنية العالية سوى الدول المتقدمة، تمكن علماؤنا من انتاج محاصيل مرتبطة بهذه التقنية العالية "هاي تك".

كما واكد سماحته في خطاب آخر ألقاه مؤخراً على فصل الاقتصاد عن النفط.

اذ ان الاقتصاد المعتمد على النفط هو إقتصاد منحصر على جهة واحدة لا يستغنى عنهان وهذا التأكيد من سماحته يدلل على نضوج الرؤية عند البعض في الاعتماد على الخصوصية الوطنية، ولربما ينبع تيار الانحراف من هذه الرؤى، مادام هناك اشخاص يحملون هذا الفكر يشغرون المواقع العالية في اتخاذ القرار للبلد فان الاعتماد على النفس سيواجه مشاكل باستمرار.