kayhan.ir

رمز الخبر: 113370
تأريخ النشر : 2020May30 - 20:54
في ذكرى الجريمة النكراء بهدمه يوم 8 شوال..

البقيع يستصرخ إنقاذه من براثن الوهابية الطلقاء

*جميل ظاهري

تمر علينا هذه الأيام الذكرى السنوية السابعة والتسعين لجريمة آل سعود ووهابيتهم الإجرامية بنكبة إسلامية كبيرة لا تزال تستصرخ الضمير الانساني لإنقاذها من براثن أبناء الطلقاء الحاقدين على الاسلام والمسلمين والبشرية بفرقتهم الوهابية الارهابية المنحرفة التقتيلية التكفيرية، الذين يمتهنون إنتهاك المقدسات الاسلامية ويعيثون الفساد في الارض على طول تاريخهم المنحوس مستنجدة إعادة هويتها ومكانتها والإهتمام بها؛ ألا وهي جريمة هدم الأضرحة الطاهرة لأئمة أهل بيت النبوة والعصمة والوحي والتنزيل عليهم السلام، وحشد من كبار الصحابة الطيبين والتابعين وزوجات الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في "بقيع الغرقد" تلك البقعة الطاهرة في المدينة المنورة .

"البقيع الغرقد".. مقبرة مقدسة وأرض مشرفة وتربة طاهرة، قطعة من الجنة تضم في طياتها أبدان طاهرة لذرية خير المرسلين وخاتمهم محمد الأمين صلى الله عليه وآله وسلم وأجساد جمع من أولياء الله (رض)، تقع بجوار المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة.. أصل كلمة "البقيع" في اللغة يعني الموضع الذي أرم فيه الشجر من ضروب شتى، و"الغرقد" يعني كبار العوسج، فلذا سمي بـ"البقيع الغرقد" لانه كان يضم كثيراً من هذا النوع من الشجر فيه قبل أن يتم قطعها.

يروى أن النبي الأكرم (ص) خرج لنواحي المدينة وأطرافها باحثا عن مكان يدفن فيه أصحابه وكان عثمان بن مظعون (رض) أولهم، حتى جاء صلوات الله عليه البقيع وقال:"أمرت بهذا الموضع" وكان شجر الغرقد كثيراً، فسميت به.

لقد كانت لقبور الأئمة الأطهار أحفاد النبي الأكرم (ص)، وكذا ابنه ابراهيم وزوجاته وسائر أصحابه الميامين، قباب وأضرحة وبناء وصحن وحرم آمن، وغيرها من المعالم التي تدل على قدسية أصحابها ، فكانت عظيمة في أعين الناس، شامخة في قلوب المسلمين، محفوظة حرمتها وكرامتها، وقد كان الناس يتوافدون على هذه البقعة المقدسة لزيارة المدفونين فيها، عملاً بالسنة الاسلامية من استحباب زيارة القبور وخاصة قبور ذرية رسول الله (ص) وأولياء الله تعالى .

"البقيع الغرقد" يمثل جانباً من مظلومية العترة الطاهرة لخاتم المرسلين (ص) أئمة الهداية الربانية الذين أوصى بهم كثيراً {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} - الشورى: 23.. ثم هي تجسد صرخة الدهر بوجه الظالمين؛ فلا عجب عندما تقف أمام تلك البقعة الطاهرة وتتأمل في موقعها الجغرافي لابد وأنك ستغوص في أعماق التاريخ لتتذكر وقائع ألمّت بأهل بيت النبوة والتنزيل والامامة سلام الله عليهم سيما الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام ومظلوميتها وغصب حقها وكسر ضلعها وإساقطهم جنينها و..، ثم الامام الحسن المجتبى (ع) فعندما تذكره فلا شك ستتراءى لك خيانة الأمة أنذاك لسيد شباب أهل الجنة ثم واقعة الدفن وما صاحبها من أحداث، ثم ينتقل ذهنك تلقائياً وأنت تقف أمام ضريح الامام السجاد زين العابدين (ع) الى واقعة الطف الأليمة وما دار على الامام الحسين سيد الشهداء (ع) وأهل بيته وأصحابه الميامين في عاشوراء 61، وكأن البقيع يناشدكَ بها ويستفهمك عنها كون أن حلقاتها متواصلة ليس مع الامام زين العابدين لوحده بل مع الامام محمد الباقر وكذا مع الامام الصادق عليهما السلام.. إذن فبقيع الغرقد هو التأريخ الناطق والمرآة الناصعة للتاريخ الاسلامي وتدّرج حقيقي للحضارة الاسلامية التي لا تنتابها الفرقة الوهابية الضالة وآل سعود المنافقين المنحرفين.

"البقيع الغرقد" تضم أيضاً قبور كل من: ابراهيم بن رسول الله (ص)، وبعض زوجات الرسول (ص) من أمهات المؤمنين وكذلك عمه العباس بن عبد المطلب (س) وعماته، وكذلك اسماعيل بن الامام جعفر الصادق (ع)، ووالدة الامام علي أمير المؤمنين (ع) سيدتنا فاطمة بنت أسد (سلام الله عليها) وكذلك زوجة الامام علي (ع) سيدتنا أم البنين (سلام الله عليها)، ثم ومرضعة النبي (ص) السيدة حليمة السعدية (رض) الى جانب جمع من الصحابة الشهداء والصحابة والتابعين المنتجبين للرسول محمد (ص)، وعلى رأسهم الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الانصاري (رض) .

لكل هذه القبور كانت هناك قباب وأضرحة وبناء، وكان لها صحن وحرم، وغيرها من المعالم التي تدل على قدسية أصحابها، فكانت عظيمة في أعين الناس، شامخة في قلوب المسلمين، محفوظة حرمتها وكرامتها، وكان المسلمون من جميع المذاهب يتوافدون على هذه البقعة المقدسة لزيارة المدفونين فيها، عملاً بالسنة النبوية الاسلامية من إستحباب زيارة القبور وخاصة قبور ذرية رسول الله (ص) وأولياء الله تعالى .

هذا الأمر لا يروق للاستعمار البريطاني الخبيث حيث إستغل الأفكار المنحرفة والمبادئ الباطلة التي لا تمت للاسلام المحمدي الأصيل بصلة، تلك الأفكار التي أسس لها وزرعها وروج لها تحت يافطة "الوهابية" هذه الفرقة الضآلة المضللة المنحرفة التكفيرية الاجرامية الدموية، أواخر القرن الثاني عشر للهجرة الموافق القرن الثامن عشر الميلادي بابتداعها على يد محمد بن عبد الوهاب (1703 - 1792) ومحمد بن سعود حيث تحالفا لنشر الدعوة السلفية؛ عمدت وفي الثامن من شوال عام 1344هجري قمري ـ الموافق لـ25 نيسان / إبريل عام 1925ميلادي، الى هدم هذه القبور المقدسة كليّاً وتسويتها بالأرض حقداً منهم على آل الرسول (ص) وأهل بيته وأصحابه المنتجبين الميامين الذين يرقدون في تلك البقعة الطاهرة.. حيث حولوا "بقيع الغرقد" الى تراب ومدر وأحجار بعدما كان مفروشاً بالرخام ونهبوا كل ما كان فيه من فرش غالية وهدايا عالية، وسرقوا المجوهرات واللآلئ التي كانت داخل أضرحة أهل البيت عليهم السلام.

وكان "البقيع الغرقد" قد تعرض قبل ذلك لهدم جزئي أيضاً على يد آل سعود وفرقتهم الوهابية التكفيرية الضالة عام 1220 هـ.ق (1805م)، وبعد أن سقطت دويلتهم اللقيطة على يد العثمانيين أعاد المسلمون بناء المراقد الطاهرة والقبور هذه على أحسن هيئة من تبرعات المسلمين، فبنيت القبب والمساجد بشكل فني رائع حيث عادت هذه القبور المقدسة محط رحال المؤمنين بعد أن ولى خط الوهابيين لحين من الوقت.

العملية الاجرامية الدنيئة في 8 شوال سنة 1344 هـ.ق (1925م) والتي أدت الى هدم قبور أئمة الهداية الربانية والصحابة تتناقض مع كل القيم، تحمل طابع التناقض مع ذاتها أولاً، وكذلك مع القيم الدينية ثانياً، ومع الحالة الحضارية ثالثاً، ومع واقع الأمّة الاسلامية وتاريخها رابعاً؛ خاصة وإن التناقض في جريمة هدم مراقد البقيع مع ذاتها هي انه إذا كان هدم القبور واجباً شرعياً، فلماذا هدمت بعضها دون بعضها الآخر؟؛ تعكس الحقد الوهابي الذي أنصب في كل مكان سيطروا عليه، على هدم قبور الصحابة وخيرة التابعين وأهل بيت النبي (ص) الذين طهرهم الله عزوجل من الرجس تطهيراً (جريدة أُمّ القرى العدد 69 17/شوال 1344 هـ.ق).. وكانت المدينتان المقدستان (مكة المكرمة والمدينة المنورة) ولكثرة ما بهما من آثار دينية، من أكثر المدن تعرضا لهذه المحنة العصيبة والمأساة النازفة، التي أدمت قلوب المسلمين وقطعتهم عن تراثهم وماضيهم التليد.

هم أحفاد الطلقاء وأبناء البغايا وذوات الرايات الحمر وفي مقدمتهم هند آكلة الأكباد كما وصفهم الكاتب المصري الراحل أسامة أنور عكاشة في مقاله "أبناء الزنى كيف صاروا أمراء للمسلمين"، يحملون في جيناتهم الحقد والكراهية والبغض والعداء للرسول وأهل بيته الميامين الاطهار عليهم السلام أجمعين لشيعتهم وأنصارهم ومحبيهم، لم يتوانوا لحظة في إراقة دمائهم وأنتهاك مقدساتهم طيلة 1430 عاماً أي منذ لحظة السقيفة المشؤومة وحتى يومنا هذا يريقون دماء الأبرياء ويقتلون البشر ويدمرون الحجر وينتهكون المقدسات السماوية لكل الاديان الالهية، يرسمون من خلالها أعمالهم الإجرامية البشعة التي لا مثيل لها على وجه التاريخ، تعكس حقدهم ودناءتهم وقبحهم وبغضهم وكراهيتهم للمسلمين الحقيقيين والمؤمنين بالخالق المتعال خاصة من أتباع أهل بيت النبوة والامامة عليهم السلام؛ هو تجسيد لإنحرافهم عن القيم الانسانية والاسلامية التي يتشدقون بها والاسلام براء منهم جملة وتفصيلاً، عبدة الدرهم والدينار والسلطة والجبروت والظلم والطغيان مواصلين نهجهم المزيف بإنتهاكهم لأبسط القيم وإستهدافهم المقدسات التي لا ينجو منهم لا مرقد طاهر ولا مسجد عامر ولا مركز للعبادة في العراق وسوريا واليمن والبحرين والسعودية وأفغانستان و...، والمجتمع الدولي المتشدق بحقوق الانسان وحرية الأديان أصم وأعمى وأبكم بفعل بترودولار السعودية وأخواتها الآقزام.

نزلَ الدمارُ بها وغابَ جميلُها كم كان سِحراً فجرُها وأصيلُها

تلك المنازلُ يالها مِن آيةٍ طابتْ وطاب ترابها ونزيلُها

مالي أرى تلكَ الديارِ حزينةً فلقد سَبانا في البقيعِ مَهيلُها

أضحتْ تؤرّقني المشاعرُ نحوّها بفجائعٍ يُبكي الغيورَ عويلُها

يا فجرُ فانظرْ للديارِ بحسرة فالوجدُ والنوحُ الطويلِ خليلُها