kayhan.ir

رمز الخبر: 10675
تأريخ النشر : 2014November23 - 21:23

وفر عليك عناء التعب

حسين شريعتمداري

وان كنا قد تناولنا هذا الموضوع من قبل بحشد من الوثائق الدامغة، الا اننا اليوم نقولها بضرس قاطع ، ان الجدال النووي لبلدنا مع 5+1 لايصل الى نتيجة، وان التوصل الى اتفاق ينهي جدل 12 سنة، ليس لا يتوقع حصوله وحسب وانما هو امر غير ممكن. ويسأل لم؟! فالجواب ان الجدل النووي والاعراب عن القلق من قبل اميركا وحلفائها، من احتمال حركة ايران نحو انتاج السلاح النووي ــ DIVERSIONــ هو ما تذرعوا به خلال 12 سنة في سبيل الحد من اقتدار ايران الاسلامية المتسارع.

من هنا فان المفاوضات النووية والاستمرار بها اذا كان القصد منه انهاء الجدل والتوصل الى اتفاق مطلوب، فهو كالدق على الماء بالمطرقة واللعب في ساحة الخصم المخادعة. الا ان المفاوضات لسببين يمكن توجيهها، الاول: اثبات عدم الوثوق باميركاوحلفائها وهو ما تم التوصل اليه على نطاق واسع. والثاني: اثبات احقية واستحكام الوثائق الفنية والقانونية لايران والتي تعكس سلمية البرنامج النووي لبلدنا. وان هذا الرأي وللاسف مازال في وسط الطريق بسبب امتناع فريقنا المفاوض من نشر نص المباحثات، وان المسؤولين المحترمين قد اخلوا الساحة للخصم، وتركوا تبيان متن المفاوضات لابواق الاعلام الاميركي والصهيوني.

وبخصوص الحقيقة الغير قابلة للنكران وهي ان الخصم يتابع المفاوضات النووية باهداف غير نووية هنالك امور لابد من ذكرها؛

1 ــ قبل اشهر اعلنت قناة "سي ان ان" خلال تقرير موثق، ان عديد القنابل النووية في العالم تصل الى 17 الف قنبلة، مؤكدة ان هذا الرقم لايشمل الرؤوس النووية المعدة للاطلاق، والتي يصعب عدها. وجاء في تقرير القناة ان اكثر هذه القنابل النووية تحت سيطرة اميركاوان روسية، وبريطانياوالصين وفرنسا بالدرجة الثانية.وهنا نتساءل الى من المضحك الايقلق امتلاك اميركا لالاف القنابل النووية ــ مع ملاحظة ان اميركا هي الدولة الوحيدة التي استخدمت القنبلة الذرية ــولكن احتمال امتلاك ايران لقنبلة نووية الى نهاية عام 2014 ــ حسب زعم الخصوم ــ يدعو الى قلق المجتمع الدولي؟! فبالامس توصل (هانس بليكس) المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة، في حديثه لقناة (روسيا اليوم)، وضمن تقديم تقرير موثق وبالطبع مختصر، توصل الى ان قلق الغرب من البرنامج النووي الايراني مفتعل،وان هدفهم الاساس الحؤول دون تقوية ايران.

2 ــ خلال 12 عاما وعدة اشهر من بداية الجدال النووي، لطالما تنكر الخصم حين التوصل الى نهاية الجدل بشكل صريح وواضح وليس بالتلميح والاشارة، تنكر لاي اتفاق نووي. فماا لسبب؟! وفي الفقرات الاتية سنشير الى هذه المسألة بشكل عابر؛ منذ اجتماع اكتوبر 2003 في طهران، قمنا بتعليق جميع النشاطات النووية بشكل طوعي، وبدأنا التفاوض مع الترويكا الاوروبية ــ بريطانيا وفرنساوالمانيا ــ للتوصل الى اتفاق. وبعد عدة جولات من المفاوضات توصلنا الى اجتماع باريس في نوفمبر 2004، وتقرر ان تقدم ايران خلال ثلاثة اشهر ضمانات موضوعية ــ OBJECTIVE GUARANTIES ــ بعدم متابعتها لبرنامج نووي تسليحي، فيما على الجانب الاخر ان يقدم ضمانات راسخة ــ FIRM GUARANTIESــ بعودة الملف النووي الايراني لوضعه الطبيعي. الا انه بعد شهر، أي في ديسمبر 2004، اعلن الجانب الاخر بصراحة خلال اجتماع الفريقين النوويين في لندن؛ ان اكثر الضمانات مقبولية لدينا، ان توقف ايران نشاطاتها النووية بشكل كامل! وهكذا قمنا باستئناف تدريجي لنشاطاتنا النووية التي علقت، وبدأنا الجولة الجديدة بتدشين مجدد لـ UCF اصفهان. الا ان الجانب الاخر وخلافا للنص الصريح للبند C من المادة 13 لمسودة نظام الوكالة، ارسل ملفنا النووي الى مجلس الامن الاممي. وهكذا استمر الجدل لليوم.

3 ــ لربما يكون هذا التحليل غريبا الا ان ادلة كثيرة تدعم ذلك، وهوان ازالة المنشآت النووية لبلدنا بشكل كامل ليس بالهدف الاخير الذي تستتبعه اميركا! اذ ان الخصم بحاجة للجدل النووي لتبرير قرار فرض العقوبات. ولذا فان امتلاك القنبلة النووية لا يؤدي لقلق اميركا وحلفائها فيما اذا كان هناك ذريعة اخرى للعقوبات. فبالنسبة للخصم تعتبر العقوبات هي الاساس وليست النشاطات النووية. ففي اوائل ديسمبر 2012 كان هذا الاحتمال مطروحا في المحافل السياسية والاعلامية الغربية، فانه من الممكن ان توقف ايران، ولاجل جلب الثقة، تخصيب اليورانيوم 20 ٪، فيما على الغرب ان يلغي قسما من العقوبات.

اثر هذا الاحتمال كتب (ديفيد فروم) احد المنظرين المقربين من البيت الابيض، مقالا على موقع "سي ان ان" جاء فيه: اذا مابلغ الملف النووي الايراني الى المرحلة النهائية، فلا حيلة للغرب سوى الغاء بعض العقوبات حفظا لهيبتها الدولية، في الوقت الذي ان العقوبات قد ادرجت ضمن هدفين مرحليين؛ الاول، تغيير سلوك ايران السياسي ــ BEHAVIORــ والثاني تغيير هيكلية النظام ــ STRUCTUREــ.ومن قبله قال (جورج فريدمن) مسؤول مركز ستراتفور الستراتيجي والمعروف بنادي المخضرمين من اعضاء السي أي ايه؛ ان مشكلتنا مع ايران ليست حول النشاطات النووية في ايران، وانما المشكلة تكمن في ان ايران اثبتت انها ليست دون الدعم الاميركي وحسب وانما في حال التدافع مع اميركا، يمكنها ان تكون اكبر قوة تكنولوجية وعسكرية في المنطقة.وهذه الظاهرة قد حولت ايران الى رائدة للدول الاسلامية، مما استصبحت الربيع العربي (ثورات المنطقة الاسلامية). وبغض النظر عن هوية فريدمن اليست هذه هي الحقيقة؟

4 ــ ان ازالة المنشآت النووية الايرانية ليست بالامر الذي تصبوله اميركا، من ناحية انهاء الصراع النووي، وذلك لان اميركا تحتاج لاستمرار هذا الجدل. ولكن من زاوية تمثلها لفشل ايران قبال اميركا، فهي مرغوبة لاميركا. لماذا؟! فيمكن لاميركا ان تحمل ــ لا سامح الله ــ هذا الفشل الاحتمالي لايران على الصحوات والشعوب الاسلامية، بانكم اذا قاومتم كايران فها هي ايران لم تقاوم الضغوط، واضطرت بالتالي للتسليم! اليست اميركا بحاجة الى هذا الاحتمال في العالم الذي يشهد انتفاضة والذي حول المنطقة الى استعراض للفشل المتوالي.

5 ــ من هنا ينبغي القول ان اميركا بحاجة لاستمرار الجدل النووي حسب التعليل الذي عرضناه.

فهي تريد ان تثبت هيمنتها على العالم. يوليوس قيصر امبراطور الروم كان قد قال: لاجل ان نبرهن على قوتنا ينبغي ان نثبت بان كل الطرق تؤدي الى روما! وان أي حادث لا يحدث دون تدخل مباشر من الامبراطورية الرومانية! وهكذا تحاول اميركا من خلال استمرار المفاوضات ان تركز هذا الفهم للعالم ــ وهو وهم بالاحرى ــ عن ايران الاسلامية بانها تقترب من ثورة داخلية.

وبهذا الخصوص نكتفي بالكلام الحكيم لسماحة قائد الثورة خلال لقائه بسفراء وممثلي ايران في الخارج ــ 13 اغسطس 2014 ــ فسماحته وضمن الاشارة الى عدم منعه لاستمرار المفاوضات النووية، اذ يعتبرها تجربة قيمة للجميع، يؤكد على؛ "ان الاجتماع والتباحث مع الاميركان لايقلل بتاتا من عدائهم لنا، وهو لاطائل منه... وهذا الامر يضعنا امام الرأي العام للشعوب والحكومات في موضع المتذبذب، اذ يظهر الغربيون باعلامهم الوسيع ان الجمهورية الاسلامية تحت طائل الانفعال والازدواجية".

6 ــ الجدير ذكره وبالطبع بشيء من العتاب، ان مايؤسف له ان فريقنا المفاوض بالتركيز على المفاوضات الثنائية مع اميركا وتحت عنوان لاصحة له (مفاوضات ثلاثية) بحجة حضور السيدة اشتون، دون الالتفات الى الوقوع في المخطط المخادع من قبل الاميركان. فحين يعطي فريقنا النووي حصة الاسد من الاجتماعات لوزير خارجية اميركا، فمن الطبيعي ان يثار هذا الايهام انه من بين ستة دول (5+1) تنفرد اميركا بصياغة القرار والموقف السياسي! وهذه هي ترجمة للقبول بهيمنة اميركا!

ان حضور السيدة اشتون لايمثل سوى اضفائها الرمزية على الاجتماعات! فهي ممثلة الاتحاد الاوروبي، وان كان من المقرر بحضورها الاستغناء عن الدول الخمس لم يكن ليرسلوا ممثليهم الى المفاوضات. من هنا فان السيدة اشتون ليست لا تمثل الدول الاوروبية الثلاث (بريطانيا، وفرنسا، والمانيا) وحسب وانما من البديهي ان لا تمثل روسية والصين.

7 ــ ومع الاخذ بما سبق، فان المفاوضات الايرانية مع 5+1 وقبلها مع الترويكا (فرنسا وبريطانيا والمانيا) ليست الا لوحة للعرض تحت غطاء نووي دون ان يكون لها اي علاقة بالنشاط النووي لبلدنا.

ان ما تصبو اليه اميركا وحلفاؤها من المفاوضات، وكما اقروا بذلك مرارا، وبرهنوا على ذلك عمليا، هو الضغط على الجمهورية الاسلامية الايرانية للحؤول دون تقدمها، وللتوصل الى الهدفين المتتاليين؛ تغيير السلوك وبالتالي تغيير هيكلية نظام ايران الاسلامي.

تاسيسا على ذلك فان توقع الوصول الى اتفاق مطلوب، لايستشف منه سوى ان نتوقع حصول الماء من السراب. فضلا عن ان نعلق الانفراج الاقتصادي لبلدنا وتحسين الوضع الماضي لشعبنا، على نتائج المفاوضات .

وان نقدم امتيازات بالنقد قبال وعود الخصم بالفقد! وخصوصا اذا تغافلنا عن الامكانيات المعطلة وهي الاقتصاد المقاوم والضامن.

وختاما نؤكد على امر وهو رغم وجود انتقادات بعضها جاد، حول كيفية تعامل فريقنا النووي مع الخصم والطريقة التي ينتهجها في المفاوضات، الا انه لاشك في انهم ابناء الاسلام والثورة، ومن غير الانصاف ان نسجل عدم الاتفاق في المفاوضات على حسابهم، اذ وكما واشرنا فان سبب عدم الاتفاق ينبغي ان نبحث عنه في الهوية الاستبدادية للخصم وماهية المفاوضات الغير نووية.