kayhan.ir

رمز الخبر: 104386
تأريخ النشر : 2019November18 - 20:30

الحق الذي لم يستوف كاملا!


حسين شريعتمداري

1 ـ ان مراجعة للاحصاءات والتقارير التي تسلط الضوء على طبيعة استهلاك الطاقة داخل البلد، يميط الكثير من اللبس حول قرار ترشيد استهلاك الطاقة داخل البلد، يميط الكثير من اللبس حول قرار ترشيد استهلاك الطاقة الصادر مؤخرا، فلنتابع؛

ـ ان ايران بنفوسها الثمانين مليون تخصص سنويا 69 مليار دولار لدعم اسعار الطاقة للمواطنين وبذلك تكون الاولى في العالم! فيما تخصص الصين بتعداد سكانها البالغ مليار وخمسمائة مليون نسمة، 44 مليار دولار لدعم استهلاك الطاقة! اي ان الصين توفق بعديد سكانها 19 مرة ولكنها تخصص 25 مليار دولار اقل من ايران، وهو مما يؤسف له أليس كذلك؟!

ـ ان مبلغ 69 مليار دولار التي تبذل من بيت المال اي من جيوب الشعب سواء من يستهلك البنزين ام لا يستهلك! كما ان الاشخاص العاديين وهم غالبية الشعب يستهلكون الطاقة اقل من اصحاب الثروة. اذ حسب الاحصاء الحالي فان 50% من مبالغ ترشيد الطاقة تصرفه الطبقة المرفهة من الشعب.

ـ على سبيل المثال فانه في عام 2018 كانت ميزانية بناء البلد 62 الف مليار تومان وفي نفس العام خصص 970 الف مليار تومان لترشيد الطاقة. اي عشرين ضعفا من ميزانية والعمران وبناء البلد التي كان ينبغي ان تخصص لعمارة المدن وخدماتها!

ـ كما ان معدل استهلاك البنزين في ايران يبلغ ضعف المعدل العالمي.

ـ اضافة الى ما يتم تهريبه يوميا بمعدل 30 مليون ليتر من البنزين بسبب انخفاض سعره في ايران مقارنة بدول الجوار.

2 ـ هذه الارقام الفلكية من مليارات الدولارات والتي تذهب هباءً لم تأت جزافاً... بل من بيت المال اي جيوب الشعب ولذا فانه بمحاسبة بسيطة يمكن الاستنتاج ان الحؤول دون انفاق هذه الميزانية الضخمة بمثابة صد الاثرياء عن استهلاك واخلاء جيوب غالبية الشعب وبعبارة اخرى استرجاع او تجنب الاسراف وضياع الأموال العامة.

وهنا لابد من طرح تساؤلين؛

الاول: إنه من هم أو أي المنظمات والمراكز في الداخل أو الخارج تضررت من هذا الاجراء كي تسعى لتلافي الامر بتحشيد الغوغائيين ويركبوا امواج مطالب الشعب، وباثارة الفتنة يصطادوا في الماء العكر؟!

ان الاجابة على هذا السؤال وبالنظر للاحصاءات الذي ذكرناها واضحة وتخلو من اي شائبة. فهناك من يستفيد من سوء الادارة في استهلاك البنزين وتضييع ثروة البلد. فآكلي السحت في الداخل وظفوا الغوغائيين والبلطجية لاثارة الفتنة، فيما الاعداء في الخارج يوفرون الدعم السياسي والاعلامي وادارة الفوضى العارمة.

فخلال الايام الماضية انبرى الكثير من المسؤولين الاميركيين ومنهم وزير الخارجية "مايك بومبيو" بالدعاية للغوغائيين ودعمهم بتزييف الحقائق وحرفها من قضية رفع اسعار البنزين الى البرنامج الصاروخي الايراني، والحضور المقتدر في المنطقة، وبذلك يحرضوا ثلة من المخربين لحرق اموال الناس!

الثاني: ان قطاعاً من الناس وبالغالب المعدمين منهم هم ضمن المعترضين، وهؤلاء ليسوا جزءاً من العابثين والمعرضين لاموال الناس للاضرار وحسب بل هم اشخاص ثوريون مؤمنون لا يحسبون على الفوضويين الغوغائيين. فما يقلق هذه الشريحة هو ان لا ينحصر رفع القيمة بالبنزين بل كسائر الموارد السابقة تتعرض للتضخم مما يرفع اسعار سائر البضائع والخدمات!

ورغم ان قرار السلطات الثلاث يختلف عن موارد مشابهة سابقة اختلافاً اساسياً إلا أن المسؤولين المعنيين ـ وللاسف الشديد ـ لم يبينوا مجريات هذا القرار واسبابه، ومن هنا فمن حق هذا التيار ان يقلق حيال التداعيات السيئة لزيادة سعر البنزين.

3 ـ ان ما يؤسف له ان الشعب وخلال السنوات السبع الماضية تلقى وعوداً كثيرة من قبل الحكومة لم تر الكثير منها النور، ولم تقدم اعتذارها للشعب.

ـ ان الحياة المرفهة لبعض المسؤولين الذين يتقاضون مرتبات فلكية ويسكنون منازل فاهرة في محلات راقية يخلق عند الشعب تداعيا بان زيادة الاسعار والمشاكل المعيشية هي معاناتهم فقط ولا تترك اثراً على حياة المسؤولين المذكورين كي ينبروا لحل مشاكلهم!

ـ ان سماحة قائد الثورة في توجيهاته اول امس (قبل شروع درس خارج الفقه) وفي اشارة الى بعض الاحتجاجات أكد قائلا:

"من المحتم ان بعض الناس اما ان يقلقوا نتيجة هذا القرار او ان ينزعجوا او انه يضر بهم أو انهم يظنون انه يضرهم وينزعجون على كل حال".

ان هذه الالتفاتة اللطيفة بضرورة توضيح المسؤولين للشعب وتوجيههم لعلة القرار الاخير وتداعياته، الذي وللاسف لم نشهده لدى المسؤولين المحترمين.

4 ـ وهنا أمر مهم آخر وهو ان سماحة قائد الثورة قد تطرق في درسه قائلا: "اذا اعتمد رؤساء السلطات الثلاث قرارا فانني ادعمهم... هم رؤساء السلطات واتخذوا قراراً يستند الى آراء خبراء من اجل البلد ينبغي تطبيق ذلك القرار".

ان سماحة القائد وثق براي الخبراء، والمفروض ان تكونوا عند حسن ظن هذه الثقة والعمل بهذه التوصيات بحذافيرها.

ومنها بذل المساعي للحؤول دون ارتفاع اسعار السلع والخمدما وهو ما جاء في توجيهات سماحته، وان لا تتخلوا عن الشعب ليواجه مُر حالات الغلاء والتضخم.

5 ـ ان سماحة القائد قد صرح في الثاني عشر من ديسمبر الماضي، وفي اشارة الى التهديد الاميركي باثارة الفتنة، قائلا: "ان ما قاله الاميركان بانهم يفعلون كذا و كذا خلال العام الفائت، لربما هي خدعة، فلربما يبدأوها في تلك السنة ولكن يسحبونها لعامنا هذا. فعلى الجميع ان يلتفت لذلك. فاميركا عدو خبيث وانها شريكة مع الصهاينة ورجعيي المنطقة. علينا ان نكون يقظين.

بالطبع نحن اقوياء وهم لم يتمكنوا الى الان من فعل شيء، وبعد ذلك كذلك لا يجرؤون على ارتكاب اي حماقة".

ورغم ان الغوغائيين والبلطجية المأجورين احدثوا خلال الايام الماضية خسائر، إلا ان ايران الاسلامية وابناء الامام الخميني والامام الخامنئي قد برهنوا مراراً ان هذه العواصف لا تهزهم. فهم مصداق قول امير المؤمنين عليه السلام بعد خوض معركة الجمل ولجم الفتنة، واصفاً المعسكرين المتقابلين؛ "وقد ارعدوا وابرقوا، ومع هذين الامرين الفشل، ولسنا نرعد حتى نوقع ولا نسيل حتى نمطر".

ان اصحاب الفتنة ورعاتهم خلف الكواليس قد اختبروا مراراً هذا الشعب المضحي الذي وضع روحه على كفه، ويعلمون جيداً ان من خاض حرب السنوات الثمان، وقضى على عصابات داعش، وهب دفاعا عن حرمات اهل البيت (ع)، وفقاً عين الفتن اعوام؛ 1998، 2009 و... يسهل عليه الاجهاز على هؤلاء الغوغائيين ومثيري الفوضى.

ان رسول الله (ص) قد تلى هذا الامر الالهي على رجال الله وفاتحي مكة؛ "لولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم ان تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما... (فتح 25). فهذه الحملة تأخرت لتمييز المؤمنين عن الكفار ... وهذا ما نشهده اليوم.