kayhan.ir

رمز الخبر: 78930
تأريخ النشر : 2018July14 - 21:01

التوثيق التاريخي: سلامة للأجيال.. وفضْح للدجالين


* بقلم عبدالكريم البحراني

من أهم ما تُبنى عليه حضارةُ أمةٍ ما هو التوثيق للأحداث المهمة وغير المهمة في تاريخ نهضتها، وكذلك توثيق سيرة الإنسان الصالح، أمثال الأنبياء والأئمة والأولياء. فهذا الأمر يعطي بُعداً دينياً يتشكّل من خلاله التكليف للمتشرّعة، وهي الحال أيضاً عندما يريد الناس معرفة تاريخهم، بحلْوه ومرّه، بإنجازته وإخفاقاته، بالمخلصين والدجالين.

التوثيق هو تدعيمُ المعرفة بالسنن الإلهية، وبدايةُ الاعتبار بمصائر الصالحين والطالحين، لذلك نرى الاهتمام البالغ من قِبل الحكام الفاسدين – قبل الصالحين – في كتابة التاريخ وتوثيق الأحداث حسب المزاج السلطوي، وبما يضمن السمعة الحسنة للطرف الموثِّق، وفي هذا السياق تم إحراق الكثير من الكتب ورُمِي الكثيرُ في الأنهار وفي لهب النيران، وما نجا منها إلا النزر اليسير.

إنّ علينا تكليف جاد يُحتّم إنجازه الشعورُ بالمسؤولية الكبيرة تجاه الأجيال القادمة: ماذا كان يفعل الطغاة وماذا كان يفعل الناس.. منْ كان صاحب الفعل ومن كان صاحب ردة الفعل.. كيف اختلف الناس حول ردّ الظلم ومقاومته.. كيف تقمّصها فلان وهو ليس بأهلها.. لماذا التزم "الكبار” بالصّمت، ولماذا استنفر المسحوقون.. لماذا فدى المنهكون بالمرض والمعاناة الناسَ بأرواحهم ودخلوا السجون من أجل أهداف عظيمة، بينما المتخاذلون نعموا بالضباب وأشجار الأرز .. والقائمة تطول.

أدّعي بأن أكبر موروث حضاري في آخر عشرين سنة قدّمه لنا القائد الولائي فضيلة الأستاذ عبدالوهاب حسين، وهو موروث يمثل فكرا إسلاميلاً أصيلاً ينتمي لخط ولاية الفقيه، وآراءا سياسية بصيرة تنسجم مع الظروف الموضوعية، المحلية والإقليمية، كما أنه يستلهم من سيَر المعصومين المواقفَ الشرعية المطلوبة في وقتها.

وانطوت العديد من أطروحات وأبحاث الأستاذ على توثيق ظاهر تارة وضمنيّ تارةً أخرى لما يجري من الأحداث، وما يصدر من مواقف راهنة، ووضعها في إطارٍ من المراجعة النقدية، ولتكون بمثابة "الأمانة” التي يقدّمها للأجيال المقبلة، لكي تحصد الدروس والعبر، وتُدرك تماماً بأهمية توثيق مجريات الأحداث وفي قالب من المراجعة والتمحيص الموضوعي.

التوثيق ينعم بحاضنتين مشروعتين: ضمان مستقبل الأجيال والحفاظ على وعيهم التاريخي السليم، وفضْح دجالي السياسة المحسوبين على القوى الاستكبارية من الأمريكان والبريطانيين، وممن يسوّق لهم الخليفيون وعصابتهم المجرمة، بمن فيهم أولئك الذين يمتطون المعارضة أو يدخلون فيها لأجل مصلحة هنا وغرض خبيث هناك.