الجزر الثلاث.. مفتاح أمن الطاقة العالمي والخط الأحمر لإيران
طهران-مهر:-إن الجزر الثلاث ليست فقط جزءاً من الأراضي الإيرانية غير القابلة للتغيير، بل هي أيضاً النقطة الجيوستراتيجية الأكثر حيوية للسيطرة على مضيق هرمز وضمان أمن الطاقة العالمي.
يوم 30 نوفمبر صادف ذكرى استعادة جزر تنب الكبرى وتنب الصغرى وأبو موسى رسميًا في 30 نوفمبر 1971، يؤكد شعب بلادنا مرة أخرى أن هذه الجزر الثلاث جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية.
إن اختيار يوم 30 نوفمبر "يوم الجزر الثلاث" في التقويم الرسمي للبلاد هو تذكير بجهود وتضحيات القوات العسكرية الإيرانية في الدفاع عن هذه الجزر؛ تضحيات رافقها استشهاد عدد من المقاتلين والقوات المدافعة عن الحدود الجنوبية للبلاد على مدى السنوات الماضية.
هذه الجزر الثلاث ليست جزءًا من أراضي البلاد الثابتة فحسب، بل هي أيضًا أهم نقطة جيوستراتيجية للسيطرة على مضيق هرمز وضمان أمن الطاقة في العالم. ورغم أن أكثر من 20% من نفط العالم و30% من الغاز الطبيعي المسال يمر عبر هذا الممر المائي، فإن أي شك حول سيادة إيران على هذه الجزر يعني عمليا تهديدا لأمن الطاقة والاستقرار الاقتصادي في العالم.
1- أهمية جيوستراتيجية لا مثيل لها
تطل الجزر الثلاث على المدخل الشرقي لمضيق هرمز، وهو ممر مائي بطول ٣٣ كيلومترًا يربط الخليج الفارسي ببحر عُمان، ويُعدّ شريانًا حيويًا للطاقة في العالم.
تقع طنب الكبرى وطنب الصغرى على طريق الشحن البحري الرئيسي، وتنبع أهميتهما من موقعهما المركزي في مسارات ناقلات النفط.
تتمتع كلتا الجزيرتين ببنية تحتية للمراقبة والرصد البحري، وقواعد جوية، وأنظمة دفاعية تتناسب مع الاحتياجات الأمنية للمنطقة.
تُعرف أبو موسى، بمرتفعاتها الطبيعية وموقعها الجغرافي المتميز، بأنها "برج المراقبة الطبيعي لمضيق هرمز"، وتتيح مراقبة بصرية وإلكترونية كاملة للممر المائي.
ونتيجة لذلك، أتاح وجود إيران واستقرارها على هذه الجزر القدرة على التحكم الفعال في حركة الشحن البحري وممارسة الردع البحري على مستوى لا يمكن لأي قوة أجنبية، في رأي العديد من المحللين، تعطيله دون تكاليف باهظة.
2-الأهمية الاقتصادية والطاقة
تكمن القيمة الحقيقية للجزر الثلاث في ارتباطها بأكثر ممرات الطاقة أمانًا وأهمية في العالم.
يمر عبر هذه الجزر يوميًا، في المتوسط، ٢١ مليون برميل من النفط وأكثر من ١٢٠ مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال.
تُقدر القيمة اليومية لهذا التبادل، بناءً على سعر نفط يبلغ ٨٠ دولارًا أمريكيًا، بأكثر من ١.٧ مليار دولار أمريكي.
تُشير تقارير دولية موثوقة (بما في ذلك تقييمات معهد أكسفورد) إلى أن كل يوم تُمنع فيه ناقلات النفط من المرور عبر مضيق هرمز، قد يُسبب أضرارًا فورية تتراوح بين ٥٠ و٧٠ مليار دولار أمريكي للاقتصاد العالمي.
3- البعد العسكري والردعي
على مدى العقدين الماضيين، انتهجت إيران استراتيجيةً مُحددة الأهداف لتحويل هذه الجزر إلى معاقل ردع مستدامة.
إن نشر مجموعة متنوعة من أنظمة الدفاع الساحلية والبحرية في شبكة متكاملة، ووجود غواصات وسفن قتالية ووحدات رد فعل سريع، ونشر أنظمة دفاع متوسطة وطويلة المدى للسيطرة على المجال الجوي، وتطوير شبكة من أجهزة الاستشعار والطائرات المسيرة تحت سطح الأرض لتعزيز قدرات الإنذار المبكر لهذا المجمع، كل ذلك جعل أي عمل عسكري محتمل محفوفًا بالمخاطر ومكلفًا وغير مبرر عمليًا للمهاجم.
4- البعد التاريخي والقانوني
ملكية إيران للجزر الثلاث ليست ادعاءً، بل حقيقة تاريخية وقانونية تؤكدها وثائق عديدة.
حتى أوائل القرن العشرين، كانت هذه الجزر خاضعةً للحكم الإيراني تقليديًا ورسميًا، كما أن إدارتها خلال العهد القاجاري موثقةٌ بوضوح.
في عام 1971، أكدت بريطانيا، بصفتها القوة الاستعمارية المتواجدة في المنطقة، سيادة إيران على الجزر في اتفاقية رسمية مع إيران.
بعد ذلك، لم تُصدر أي جهة دولية موثوقة وثيقةً أو تصويتًا يرفض ملكية إيران، وادعاءات بعض الدول العربية سياسيةٌ في الغالب وتفتقر إلى سند قانونيٍّ معتبر.
5- رسالة اليوم من إيران
لطالما أكدت الأمة الإيرانية، من مسؤولين إلى مواطنين عاديين، أنه بغض النظر عن المصالح الشخصية والسياسية والتوجهات السائدة، فإن الجزر الثلاث ليست محل تفاوض، ولا يمكن مقايضتها، ولا يمكن الضغط عليها.
الجزر الثلاث، مهما كانت مساحتها صغيرة، تُشكل حجر الزاوية في الأمن القومي الإيراني، ونقطة ضعف حيوية في مجال الطاقة بالنسبة للعالم. ما دامت هذه الجزر الثلاث في حوزة إيران، فلا يمكن لأي قوة إقليمية أو دولية أن تُعزز سياستها في مجال الطاقة أو الأمن دون مراعاة دور طهران في الخليج الفارسي.
يُذكرنا يوم الجزر الثلاث،30 نوفمبر، بالحقيقة الجيوسياسية القائلة بأن "إيران ليست إيران بدون هذه الجزر؛ والعالم بدون دور إيران في هذه الجزر سيكون أكثر اضطرابًا".