فلسطين لا تنتظر تضامناً لفظياً
التاسع والعشرون من نوفمبر يوم للتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني بعد ثمانية عقود من احتلال الاراضي الفلسطينية على يد الكيان الصهيوني. وليس هناك منطقة في العالم عانت ظلم الممارسات الخارجة عن القانون كما عانت فلسطين حين اُدخلت في دوامة لا نهاية لها بدءاً من انعدام الامن والعنف المروع وارتكاب إبادة جماعية والى الانتهاك الصارخ لكل المواثيق الدولية والخرق الفاضح لحق شعب آمن مسالم يعيش منذ آلاف السنين في أرضه يجمعه الود والوئام مع جيرانه سواء من مسلمين أم مسيحيين. ولا يوجد اي حل للقضية الفلسطينية سوى بانهاء الاحتلال الصهيوني وعودة اللاجئين الفلسطينيين وتمكينهم من ممارسة حقهم في تقرير المصير. وفيما اغمضت حكومات تدعي الدفاع عن حقوق الانسان أعينها أمام الفظائع التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق ابناء فلسطين تجدد الجمهورية الاسلامية الايرانية دعمها الشامل لمظلومية الشعب الفلسطيني وتثمن صمود الشباب والنساء ومقاومتهم ضد الاحتلال والعدوان، وترى الجمهورية الاسلامية الايرانية ان الحل الاساس يتمثل في عودة اللاجئين واجراء استفتاء بين السكان الاصليين لفلسطين من مسلمين ومسيحيين ويهود استناداً الى المبادئ الديمقراطية والقانون الدولي، وهذه المبادرة الايرانية قد تم تسجيلها رسمياً في الامم المتحدة وهي البديل المناسب عن جميع المبادرات التي باءت بالفشل. وتهدف هذه المبادرة الى حل "القضية الفلسطينية" من منظور قانوني عبر تفعيل "حق تقرير المصير" و"حق العودة" لجميع اللاجئين الفلسطينيين الى وطنهم الام، فالكيان الغاصب مارس منذ بداية ظهوره والى الان دور القاعدة العسكرية والامنية للحكومات الاستكبارية وقد استخدم هذا الكيان كالخنجر في خاصرة الامة الاسلامية، فضلاً عن ان الصهيونية تعد خطراً اخلاقياً وسياسياً على المجتمع البشري.
إن سماحة الامام الخامنئي "دام ظله الوارف" قد اوضح خارطة طريق للتعامل مع القضية الفلسطينية في كلمة ألقاها في مؤتمر دعم الانتفاضة الفلسطينية في 1/10/2011 جاء فيها: "ان اي مشروع يريد تقسيم فلسطين مرفوض بالمرة وحتى مشروع الدولتين الذي خلعوا عليه لبوس الشرعية "الاعتراف بحكومة فلسطين كعضو في منظمة الامم المتحدة" ليس سوى الاستسلام لارادة الصهاينة، اي "الاعتراف للدولة الصهيونية بالارض الفلسطينية"، وهذا يعني سحق حقوق الشعب الفلسطيني وتجاهل الحق التاريخي للمشردين الفلسطينيين بل وتهديد لحقوق الفلسطينيين الساكنين على اراضي 1948. وهو يعني بقاء الغدة السرطانية والتهديد الدائم لجسد الامة الاسلامية وخصوصاً شعوب المنطقة اي تكرار آلام ومحن عشرات الاعوام وسحق دماء الشهداء، ان اي مشروع عملياتي يجب ان يكون على اساس ان "كل فلسطين لكل الشعب الفلسطيني" ....
ان الشعب الفلسطيني كما فعل في غزة، سوف يتولى إدارة شؤونه بنفسه عن طريق حكومته المنتخبة في اي جزء من تراب فلسطين يستطيع ان يحرره لكنه لن ينسى الهدف النهائي على الاطلاق".
ان تضامن الحكومات الاسلامية لا يقتصر على اصدار البيانات الرنانة وانما في قطع الدعم للعدو الغاصب وقطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع الكيان. فصحيح ان المقاومة الاسلامية هي الذراع الفاعل الذي يأخذ الشعب الفلسطيني نحو هدفه النهائي، إلا ان على العالم الاسلامي ان يشعر بالخطر الجاد الذي يحدق به من جانب الاستكبار العالمي وبالذات اميركا، ويهدد وجوده وحيثيته واسلامه اكثر من اي وقت آخر. وقد اثبتت الجمهورية الاسلامية ان بالامكان التحرك والصمود، فحين وقفت كل قوى العالم بوجه الإمام الراحل "رحمه الله" استطاع بالتوكل على الله ودعم شعبه ان يهزم كل هذه القوى لوحده، ويرفع اسم الاسلام والثورة الاسلامية في العالم عالياً.
وكانت المحاولة الاخيرة للاستكبار العالمي في الهجوم العسكري غير القانوني للكيان الصهيوني على ايران في حزيران / يونيو الماضي والتدخل العسكري المباشر لاميركا اثر ذلك، قد كشفت بوضوح كيف سيطر العسكر وسياسات البلطجة على مبدأ "سيادة القانون"، فلم يشكل الاعتداء انتهاكاً لمبادئ ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي بل كان ايضاً ضربة قاصمة لنظام عدم الانتشار النووي "NPT" ولأسس اتفاقية الاسلحة الكيميائية حين طال الاعتداء المراكز والمنشآت التي كانت تحت رقابة منظمة حظر الاسلحة الكيميائية مما تسبب في خطر حقيقي لتسرب مواد كيميائية واشعاعية كان يمكن ان يهدد صحة الانسان والبيئة بما يمتد الى ما وراء الحدود الايرانية.