kayhan.ir

رمز الخبر: 215556
تأريخ النشر : 2025November04 - 21:43

القاموس السياسي (الإسرائيلي) ووقف إطلاق النار

 

سعادة مصطفى أرشيد

 بلغت خروق (الإسرائيلي) لوقف إطلاق النار مع لبنان أرقاماً بالآلاف، ويتصاعد التوتير الإسرائيلي ضد لبنان مهدّداً متوعّداً لبنان وثالوث الدولة والمقاومة والشعب إن لم ينحَز الشعب والدولة ضد المقاومة ويُجبرها على نزع سلاحها، وذلك بما يشبه الحرب النفسيّة، نتنياهو يقول: حزب الله يتلقى الضربات ولا يردّ، إنها أطول فترة هدوء تمرّ، ويعود ليضيف إنّ حزب الله يحاول إعادة بناء قدراته القتالية وإنّ على حكومة لبنان أن تنفذ التزاماتها بنزع سلاحه، قبل أن تضطر (إسرائيل) لفعل ذلك، كما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، فيما تفيد الأنباء والتحليلات في الصحافة الأميركية أنّ واشنطن قد أصبحت على قناعة بأنّ (إسرائيل) فقط هي من تستطيع نزع سلاح المقاومة، فيما لا تستطيع الدولة وجيشها ذلك.

وفي الوقت ذاته يضرب الطيران الإسرائيلي غزة في معظم الليالي ليكمل عمليات القتل والهدم، وفي كلّ صباح يعلن أنه أبلغ واشنطن بهذه الضربات وأنه قد عاد للالتزام بوقف إطلاق النار، فيما لا تردّ المقاومة في لبنان أو في غزة على الاختراقات (الإسرائيلية) هذه بحجة نزع الذرائع من حكومة الاحتلال التي تريد مواصلة الحرب المفتوحة، وتبدو التصريحات الأميركية الصادرة عن الرئيس شخصياً محيّرة، إذ نراه حيناً مع ضرورة الالتزام (الإسرائيلي) بوقف إطلاق النار في غزة، وما نلبث أن نسمعه في حين آخر يقول إنّ من حق “إسرائيل” أن تخرق الاتفاق، ولا تختلف التهديدات الإسرائيلية تجاه غزة عن نظيرتها تجاه لبنان، فالأمر ذاته ينطبق على لبنان الذي يقول عنه توم برّاك إنه دولة فاشلة لا تستطيع تنفيذ قراراتها أو أن تستجيب لأوامره الصريحة فوراً، وتعلن السعودية ودولة الإمارات أنها لن تشارك لا بالعسكر ولا بالمال في مساعدة غزة أو لبنان طالما المقاومة موجودة، ومطلوب بشكل كبير الضغط على لبنان كي يأخذ قراراً بسحب سلاح المقاومة وإلا فإن “إسرائيل” تقول إنها ستبقى متمركزة في الجنوب اللبناني وإنها ستقصف بيروت إن اطلقت عليها المقاومة اللبنانية النار.

بهذا فإنّ الحرب في لبنان وغزة لا تزال تدور رحاها وإنْ كانت قد اتخذت ثوباً جديداً، فلا يزال مشروع القضاء المبرم على المقاومة في لبنان وفلسطين يتصدّر الأجندة العربية الإبراهيميّة والأميركية الغربية والإسرائيلية، من هنا فإنّ مطلب تسليم المقاومة سلاحها وحلها أجهزتها العسكرية والأمنية قائم بإلحاح وإن كانت المقاومة في الساحتين تدرك أن تسليم السلاح هو الاسم السرّي للاستسلام المطلق وبالتالي فإنّ تسليم السلاح أمر غير وارد في أجندة المقاومتين.

هكذا أصبح المطلوب في لبنان تطبيق قرار مجلس الأمن 1701 وملحقاته السرية والعلنية التي جاءت بعد إعلان وقف إطلاق النار بين المقاومة اللبنانية ودولة الاحتلال، والأمر ذاته في فلسطين ولكن المطروح هو مشروع ترامب الذي أعلنه بشكل احتفاليّ في شرم الشيخ والذي أشعر 66% من الشعب الإسرائيلي أنّ حكومتهم لم تعد تملك القرار وإنما أصبح كامل القرار بيد واشنطن.

تحتاج واشنطن لعرض الخطة الترامبية على مجلس الأمن وأخذ قرار بموافقته ليصبح قراراً دولياً، الأمر الذي يبدو أنّ الصين وروسيا أو إحداهما ستعرقله باستعمال حقّ الفيتو، وفي مثل هذه الحالة فإن إندونيسيا وغيرها من الدول لن تشارك في إرسال قوات حفظ السلام إلى غزة ويبقى المرشح لإرسال القوات الدول الغربية وتركيا ومصر والأردن حتى الآن، وفي هذه الحالة ستكون واشنطن أمام خيارات أولها إلغاء الخطة بكاملها والثاني البحث عن خطة جديدة بالتوافق مع القوى العظمى وتقديم تنازلات في ملفات شائكة لكل من موسكو وبكين وثالث الخيارات بتنفيذ الخطة خارج القرار الدولي في مجلس الأمن.

مما لا ريب فيه أنّ المقاومتين اللبنانية والفلسطينية تمران بأوضاع صعبة، غاب النصير او انكفأ، وكشفت الأحداث عورات النظام العربي وأسقطت عنه أقنعة الزيف، ولا تجد نصيراً اليوم إلا اليمن العظيم ولكن البعيد بالمعنى القتالي الاستراتيجي وبعض دول أميركا اللاتينية الأبعد على المستوى السياسي.

خلاصة القول إنّ الحرب لا تزال تتواصل حلقاتها، أسلمت المقاومة سلاحها أم لم تسلمه، فلا يوجد بالقاموس العبري أو بالعقيدة السياسية والأمنية والثقافية (الإسرائيلية) شيء اسمه وقف إطلاق النار، إنها نظرية الحرب المتواصلة.