kayhan.ir

رمز الخبر: 16627
تأريخ النشر : 2015March13 - 20:57

تقويض الإخوان أم تجذير وجودهم

عامر نعيم الياس

بدايات الر بيع الأميركي في المنطقة برز "الإخوان المسلمون”كتنظيم عابر للحدود يتجاوز في قوّته حدود الدول التي يتواجد بها التنظيم، بدايةً من مصر مروراً بليبيا وليس انتهاءً بسورية وحتى العراق الذي بدأت مشاكل الحكم فيه تظهر إلى العلن مع قضية طارق الهاشمي ولجوئه إلى تركيا.

في الساحات آنفة الذكر كانت تركيا حاضرة باعتبارها قلب حركة "الإخوان”ومركز التنظيم العالمي الذي يحرّك أذرعه في الدول العربية وحتى في قطاع غزة في فلسطين المحتلة وفقاً للسياسات التركية. في عام 2012 شرع حكم "الإخوان”في ليبيا ومصر، وتلقّى زخماً في قطاع غزة، أما في سورية فقد تمّ استنساخ شكل الصراع القائم في الثمانينيات بعد فشل حكومة حزب العدالة والتنمية الإخوانية في الضغط على الدولة السورية وتكريس تقاسم السلطة في سورية على قاعدة البعث و”الإخوان”، بدأت عسكرة الصراع منذ الأيام الأولى للوساطة التركية االفاشلة وانقلبت المواقف، دخلت قطر بما تملكه من علاقات على خط التمويل والتنسيق فيما بدأت أنقرة الأطلسية تثبيت حكم الحركة المتطرفة في الدول التي تقدّمت بها الحركة الأكثر تنظيماً عبر صناديق الاقتراع لاستكمال المشروع ودخول أردوغان على خط حكم الدول العربية باعتباره مرشداً للتنظيم أولاً، وراعياً أطلسياً ثانياً، وقادراً على مواجهة "الخطر الإيراني”ثالثاً، لكن السعودية اتخذت موقفاً مغايراً خوفاً من الصعود القطري في الخليج، فأطلقت حرباً تستهدف هذا النفوذ المزدوج على ساحات سورية وليبيا ومصر لاختبار نفوذها وإعادة تقديم نفسها باعتبارها الأداة الأولى للإدارة الأميركية في المنطقة، مستغلةً نزوع أوباما إلى الاستنزاف ليس إلا، وإفساح المجال لأدواته في المنطقة لإثبات أرجحيتها العسكرية والسياسية في خدمة المصالح الأميركية.

واليوم وبعد أربع سنوات على الربيع الأميركي تغيّر المشهد في مصر أولاً وضربت الركيزة الأساس للمشروع السياسي الإخواني، وفي ليبيا جرى تعويم العسكر عبر الجنرال خليفة حفتر، أما في سورية فقد اتخذت المواجهة شكلاً نحّى "الإخوان”عن ساحة الفعل العسكري، هنا حانت لحظة التغيير في قطر وتمّ الإتيان بتميم مكان والده، أما في السعودية فقد تمّ انتظار وفاة الملك عبدالله والإتيان بسلمان لتكريس استراتيجية التقارب مع الولايات المتحدة التي يقودها ولي ولي العهد محمد بن نايف، هذه الاستراتيجية التي أثارت مخاوف مصر السيسي وأدّت إلى الحديث عن وجود توتر في العلاقات بين القاهرة والرياض، وفي ضوء ذلك شهدت العاصمة السعودية حراكاً ديبلوماسياً وسياسياً أميركياً ومصرياً وتركياً تجلى في الزيارتين المتزامنتين لكلٍّ من الرئيسين المصري والتركي إلى الرياض دون حدوث لقاءٍ مباشر بينهما، فيما لوحظ في الإعلام السعودي جنوحٌ نحو تخفيف أثر الخلاف الإقليمي حول "الإخوان المسلمين”وتحديداً بين أنقرة والرياض، مع الغمز من قناة ضرورة التحاق القاهرة في الركب، هنا تجدر قراءة مقال خالد الدخيل في صحيفة "الحياة”السعودية، ومقال جمال الخاشقجي في صحيفة "الشرق الأوسط”، والذي حاول عبره وصم "الإخوان”بأنهم "طرف”ليس إلا في الصراع في المنطقة، وأنّ المصلحة العليا للحلف الإقليمي "الثلاثي”الجديد تقتضي عدم وضع "الإخوان”كعقبة على طريق إعادة صياغة التحالفات في المنطقة لمواجهة ما هو مقبل، وهو أمر يشير إلى وجود قرار أميركي بالتصعيد في المنطقة أي في سورية والعراق وليبيا واليمن، بهدف تطمين الدول المتخوّفة من أيّ اتفاق نووي أميركي إيراني أولاً، واستمرار استنزاف إيران في ساحات القتال الأخرى تمهيداً لتقاسم النفوذ عبر التقيّد والالتزام باستراتيجية "الصبر الاستراتيجي”التي أعلن عنها أوباما قبل شهر من الآن، وفي هذا السياق اعتبر "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية”أن أسّ الأزمة في الدول العربية هو الصراع على السلطة، لا سيما أنّ "تنامي جهود التركيز على مثالب تنظيم الإخوان المسلمين في دول عربية شتى يشير إلى استمرار احتدام المعركة الأهمّ منذ عام 2011. أي بجذريها الشرعية وتسلم السلطة”. وأوضح أنّ تنظيم الاخوان سخّر "خلفيته الدينية للتهجم على شرعية الدول القائمة، والتي سخّرت مكامن قوتها لتقويض الإخوان واتهامهم بالإرهاب وتوظيف السلطة الدينية ورجالاتها لدحض مزاعم الإخوان بالشرعية الدينية”، لكن المركز الذي وصّف ما يجري في المنطقة من وجهة نظره تغاضى عن طرح حلول بهذا الشأن، الأمر الذي يعكس حجم الرهان على ديناميات هذا الصراع أولاً، وثانياً استمرار الرهان على تنظيم الإخوان باعتباره قوةً لا يمكن تجاوزها لاعتبارات ذاتية أميركية وإقليمية ممثلةً بتركيا، أما ثالثاً وأخيراً، فإنّ الحاجة الأميركية إلى إعادة تشكيل محاور المنطقة والانضباط في استراتيجية أوباما للتغيير تستوجب تمترس الدول الحليفة لواشنطن في خندق واحد، وهو أمرٌ غير واضحٍ حتى اللحظة بالنسبة للقاهرة، على عكس أنقرة والرياض، تلك الأخيرة التي أخذت على عاتقها مهمة الالتقاء مع أنقرة في ثلاثة أرباع الطريق وليس منتصفه.