kayhan.ir

رمز الخبر: 150307
تأريخ النشر : 2022May11 - 20:20

رافعو شعار نزع سلاح المقاومة فاقدون للأهلية الوطنية

 

خضر رسلان

في إحدى الدساكر العاملية اجتمع حشد من أهالي عدد من القرى الحدودية، وكانت الشعارات الانتخابية المرفوعة من قبل اللوائح المتنافسة الطبَق الذي تمحورت الأحاديث حوله بالتحليل والنقاش وإبداء الرأي، إلا أنّ شعاراً واحداً استفزّ جموع الحاضرين وهو شعار نزع سلاح المقاومة، حيث تباينت ردود الفعل حول توصيف رافعيه، وقد تمّ نعتهم بصفات كلّ بحسب خلفيته ومكان إقامته فالمقيم خارج الأراضي المواجهة للاحتلال وانْ كان من أبنائها كان توصيفه لرافعي هذا الشعار أقلّ حدة من حنقة المقيمين الذين ذاقوا وبال سطوة الصهاينة واعتداءاتهم من عشرات السنين، واستطاعت المقاومة بفضل تضحياتها وجهوزيتها منحهم خيمة أمان طالت حقولهم وأرزاقهم ودورهم ومياههم، فضلاً عن منحها الأمل بالمستقبل من خلال الاستفادة من الثروة النفطية والغازية الواعدة ولكن المتربّص بها من قبل الصهاينة. ويأتي من ينادي من أبناء الوطن ولأهداف خارجية بنزع سلاح القوة والحماية والأمان والاقتدار، لذلك وبطريقة فطرية وعفوية وصف أبناء هذه القرى رافعي الشعار هذا بأنهم بالحدّ الأدنى لا يحترمون أبسط حقوق الشراكة الوطنية التي تكفلها الشرائع الإنسانية.

وضمن هذا السياق وفي إطار تعزيز الحق الطبيعي لابناء هذه القرى في حماية أنفسهم ودعم مقاومتهم أجرى أحد الأكاديميين أمام المحتشدين وبشكل توثيقي قراءة تناول فيها إجراء مقارنة بين واقع المنطقة منذ نشوء الكيان الغاصب الى اجتياح لبنان عام 1982 وبين الواقع الحالي.

أولاً، الاعتداءات «الإسرائيلية» على الشعب الأعزل رغم حالة الحياد:

أ ـ لم يشارك لبنان في الحروب العربية ـ «الإسرائيلية» في الأعوام 1956 و1967 و1973 وبقي على الحياد ملتزماً اتفاقية الهدنة التي وقعها لبنان في رودوس في 23 آذار 1949، وحتى مع التزامه بالحياد، فإنّ «إسرائيل» لم توقف اعتداءاتها على لبنان ومن أبرزها:

1 ـ عملية حيرام التي بدأت في 29 تشرين الأول 1948، نتج عنها احتلال نحو 15 قرية، وتنفيذ مجزرة في بلدة حولا الحدودية في الأول من تشرين الثاني والتي أوْدت بحياة 93 مواطناً. وعلى الرغم من اتفاقية الهدنة واصل الصهاينة اعتداءاتهم التي شملت غزو القرى وقتل مواطنين، وضرب البنية الاقتصادية والاجتماعية، ودفع الأهالي الى النزوح.

2 ـ تشرين الأول 1965 أغارت الطائرات «الإسرائيلية» على منابع الحاصباني والوزاني وعطلت المشروع الذي كان مجلس جامعة الدول العربية قد أقرّه في العام 1964 وقضى بتحويل مجاري الأنهر التي تصبّ في بحيرة طبريا، وهي الحاصباني والوزاني اللبنانيان وبانياس السوري.

3 ـ حرب حزيران 1967، وعلى الرغم من أنّ لبنان لم يشارك فيها وبقي على الحياد، فقد اجتاحت «إسرائيل» مزارع شبعا في جبل الشيخ واحتلتها وطردت أهلها وفجّرت منازلهم.

4 ـ مساء يوم 28 كانون الأول 1968، نزلت فرقة كوماندوس «إسرائيلية» في مطار بيروت بواسطة طائرات مروحية، لأربعين دقيقة ونسفت 13 طائرة من الطائرات المدنية ثم غادرت دون أية مواجهة.

5 ـ 21 تشرين الأول 1976، قصفت قوات الاحتلال سوق الخميس في بنت جبيل، فسقط 23 شهيداً و30 جريحاً.

6 ـ نيسان 1977 كانت القوات المتعاملة مع «إسرائيل» بقيادة سعد حداد تسيطر على أكثر من ثلاثين قرية من قرى الجنوب اللبناني.

ب ـ في العام 1978 ارتكب العدو «الإسرائيلي» العديد من المجازر خلال اجتياحه الأراضي اللبنانية في ما عُرف وقتها بـ «عملية الليطاني» وكان أبرزها:

1 ـ قصف مسجد في بلدة العباسية التجأ اليه عدد من العائلات فاستشهد وجرح 112 مواطناً معظمهم من النساء والأطفال.

2 ـ قصف وحدات سكنية ومؤسسات تجارية في منطقة الأوزاعي ما أدّى إلى استشهاد 26 مواطناً لبنانياً وتدمير 30 وحدة سكنية.

3 ـ ارتكاب مجزرة في راشيا الفخار حيث استشهد 15 لبنانياً لجأوا إلى الكنيسة بقذائف المدفعية «الإسرائيلية».

4 ـ دهست دبابة صهيونية في بلدة كونين سيارة المواطن درويش درويش التي كان يستقلها 6 أشخاص من عائلته، مما ادّى الى مجزرة فظيعة بهم. ثم بادرت بإطلاق النار على المنازل ما أسفر عن سقوط 24 شهيداً إضافياً.

5 ـ في بلدة عدلون الجنوبية الساحلية، وبينما كانت سيارتان مدنيتان تضمّان أفرادا من آل قدوح وآل الطويل متوجهين نحو بيروت هرباً من القصف، أوقفتهم قوات العدو المتسللة، وأطلقت عليهم وابلاً من الرصاص والقنابل ما أسفر عن مجزرة بحق الركاب الذين استشهد منهم 17.

6 ـ بلدة الخيام، هاجمتها فرقة من جيش سعد حداد المتعامل مع الاحتلال «الإسرائيلي»، وارتكبت مجزرة ذهب ضحيتها أكثر من 100 شخص، معظمهم تتراوح أعمارهم ما بين 70 و85 سنة.

هذا الاجتياح في العام 1978 كان بمثابة تحضير للعدوان الأشمل الذي حصل في العام 1982حين غزا جيش العدو ثلثي لبنان ودخل العاصمة بيروت.

ثانياً، الواقع اللبناني المقاوم من اجتياح 1982 الى معادلات ردع الصهاينة

منذ مواجهات مثلث خلدة الى عملية «الويمبي» التي قادها الشهيد خالد علوان، الى الملحمة التي قادها بسيارته فاتح عهد الاستشهاديين أحمد قصير وعمليته النوعية التي أصابت المشروع الصهيوني بمقتل كبير كان متحوّلاً أساسياً في مسلسل إسقاط الهالة «الإسرائيلية» الموهومة التي هَزأ بها وأذلّ صورتها شيخ شهداء المقاومة الشيخ راغب حرب الذي رفض مصافحة العدو واعتبره اعترافاً مدخلاً معاييرَ ثقافية أصيلة نمت وأينعت وامتزجت بمقاومة عسكرية استطاعت هزيمة الاحتلال في أعوام 1993 و1996 حتى دحْره وإذلاله عام 2000 في انتصار مدوٍّ واستراتيجيٍّ جعل نظرية زوال هذا الكيان المؤقت أمراً ليس صعب المنال.

رسّخ انتصار عام 2000 المواطنين اللبنانيين في أراضيهم، والذين بفضل مقاومتهم وشعورهم بالحماية والاستقرار اشادوا الدُّوْر وزرعوا الحقول…

 واثر إنجازات ردع الاحتلال عن غيّه واعتداءاته بعد هزيمة 2006 تعزز الاستقرار المقرون بشعور القوة والاقتدار ما خلق حالة من وحدة الحال بين المقاومة وبيئتها.

انتهى المجتمعون المحتشدون في هذه السهرة الانتخابية الى خلاصة تقول انّ اللوائح التي ترفع شعار نزع سلاح المقاومة والتي تشعر هذه الشريحة بالحماية والاستقرار بوجودها إنما تناقض الأساس الدستوري والشرعي الذي يحصل على أساسها النائب على وكالته النيابية باعتبار انّ النائب يمثل الأمة وليس المنطقة التي يُنتخب منها، وحيث انّ ما يتمّ طرحه من شعار ينزع أسباب القوة والاقتدار وعامل الاستقرار الذي يشعر بها أبناء القرى المتاخمة للاحتلال «الإسرائيلي»، يسقط وكالته كنائب عن الأمة، وانّ رافعي شعار نزع سلاح المقاومة رغم عجزهم عن تحقيقه فاقدون للأهلية الوطنية والشرعية.