kayhan.ir

رمز الخبر: 150239
تأريخ النشر : 2022May10 - 21:25

الأزمة الروسيّة ـ الصهيونيّة المتصاعدة إلى أين…؟

 

 د. جمال زهران

لا شك في أنّ تصريحات (سيرغي لافروف) وزير خارجية روسيا الاتحادية «العظمى»، ضدّ الكيان الصهيوني المسمّى بـ (إسرائيل)، ستكون نقطة فاصلة في العلاقات بين الدولتين (روسيا / الكيان الصهيوني)، حيث إنّ هذه العلاقات في طريقها إلى التصاعد في الخلافات، وهو الأمر الذي يستوجب من الدول العربية (نظماً وشعوباً وجامعة الدول العربية)، العمل الجادّ والمكثف من أجل توسيع الهوة بينهما. فقد أعلن لافروف، في حديثه عن أنّ أحد أهمّ أهداف روسيا في معركتها بأوكرانيا، هو تحرير هذا البلد الذي هو جزء أصيل من الاتحاد السوفياتي سابقاً، وروسيا حالياً، من «النازيين» الجدد. ودلل على ذلك بأنّ أدولف هتلر كان من أصول يهوديّة، وزعيم النازيين، وأنه سبق لروسيا أن حرّرت العالم من هتلر، بما يسمّى بـ «عيد النصر العالمي» في التاسع من مايو/ أيار، وتصرّ روسيا على الاحتفال به، لإعلان نصرها على النازيين القدامى، ومن ثم «الجدد» أيضاً. كما أشار بالقول بأنّ حاكم أوكرانيا وهو فلوديمير زيلينسكي، فإنه يهوديّ ومن أصول يهوديّة متجذرة، ويدعم النازيين الجدد في مواجهة روسيا ومعركتها المقدسة من أجل حماية أمنها القومي، في مواجهة أميركا وحلف الناتو وأوروبا. وكأنه (لافروف) أراد القول إنّ هتلر اليهودي كان زعيماً للنازيين القدامى، وكذلك زيلينسكي اليهوديّ زعيماً للنازيين الجدد، المدعومين من أوروبا وأميركا والناتو، ضدّ روسيا!

بعبارة أخرى، وبتحليل المضمون، فقد أراد لافروف أن يبعث برسالة إلى الكيان الصهيوني الداعم لأوكرانيا الذي يحكمها يهوديّ نازيّ، مثل هتلر، أنّ مساعدته لأوكرانيا، هو دعم للنازيين الجدد، ويعيدوا إنتاج هتلر النازي الذي توارى بهزيمته من روسيا بعد الحرب العالمية الثانية!

وبطبيعة الحال، وليس مستغرباً، أن يستشاط غضب قادة الكيان الصهيوني، حيث صرّح في البداية وزير الخارجية (يائير لابيد)، رداً على تصريحات لافروف، بأنّ اليهود لم يقتلوا أنفسهم، وأن لافروف، معاد للسامية!! بينما صرح رئيس الوزراء الصهيوني (نفتالي بينيت)، أنّ هذه التصريحات في غاية الخطورة ووصفها بالأكاذيب! وطالب وزير خارجية روسيا، بالتراجع عن تصريحاته والاعتذار! ولم يردّ لافروف عليه بطبيعة الحال. إلا أنّ وزير خارجية الكيان الصهيوني استدعى السفير الروسي، وأبلغه غضب الكيان الصهيوني، وطالبه بضرورة الإعلان عن الاعتذار الفوريّ! ومن ثم فإنّ المسألة في التصاعد بلا شك!

على الجانب الآخر، فإنّ المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية (ماريا زاخاروفا)، اتهمت وزير خارجية الكيان الصهيوني (لابيد)، بأنّ تصريحاته مناقضة للتاريخ، وأنه بذلك قد كشف عن نهج الكيان، في الدعم الحالي لنظام النازيين الجدد في كييف بقيادة حاكمها اليهودي (زيلينسكي)، وقالت أيضاً «إنّ الأصل اليهودي للرئيس الأوكراني الحالي، ليس ضمانة للحماية من تفشي النازية الجديدة في أوكرانيا بل داعم للنازيين الجدد»! وأنها تؤكد بالتالي على وصم اليهود بالنازية في إطار السياق التاريخي لهتلر، وكذلك حاكم أوكرانيا اليهودي النازي. بل لم تقف عند هذا الحدّ، حيث وصفت حاكم لاتفيا (إيفليس ليفتس)، بأنّ له جذوراً يهودية أيضاً، ويتستر على إعادة تأهيل الجناح العسكري للحزب النازي في بلاده!!

وقالت المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية، إن الأصل اليهودي للرئيس الأوكراني (زيلينسكي)، يؤكد أنّ التاريخ شهد أمثلة مأساوية للتعاون بين اليهود والنازيين، من أيام هتلر، بل وسبق ذلك عن محاولات التأسيس الأولى لدولة الكيان الصهيوني، في العشرينيات من القرن الماضي (العشرين)!

ولا شك في أنّ تفجّر هذه الأزمة بين روسيا والكيان الصهيوني، تأتي في إطار إصرار هذا الكيان، على تنفيذ المؤامرة الكبرى لأميركا وأوروبا وحلف الأطلنطي، ضدّ روسيا، على أرض أوكرانيا، ولم تخفِ دولة الكيان دعمها المباشر لأوكرانيا وروسيا، على عكس الموقف في البداية بالامتناع عن التصويت في الجمعية العامة الأولى، للأمم المتحدة، عقب إخفاق مجلس الأمن في إصدار قرار ضدّ روسيا! وقد كانت الدولة اللقيط الاستعمارية المسماة «إسرائيل»، قد سعت في البداية لإعلان الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، وطرحت أن تجري مفاوضات بين الدولتين على أرضها، بل وسمحت لرئيس أوكرانيا (زيلينسكي)، أن يخطب أمام الكنيست الصهيوني ليشرح قضية بلاده! لكن روسيا رفضت أن تجري المفاوضات على أرض الكيان الصهيوني، ورفضت الإدلاء بكلمة أمام الكنيست أيضاً! مما أدّى إلى إحراج الكيان، وعدم إعطاء وزن أكبر لدولة الكيان، يتجاوز حجمها!!

إنّ هذه الأزمة التي تفجرت وتصاعدت بين روسيا والكيان الصهيوني، في الأيام الأولى من شهر مايو (أيار)، هي حصاد لأزمة صامتة كانت تتفاعل وراء الأبواب، نظراً لتوقعات روسيا، للموقف الحقيقي والنهائي للكيان الصهيوني، بمساندة أوكرانيا ضدّ روسيا، وقد أفصحت الأزمة عن نفسها في مطالبة روسيا لـ «إسرائيل»، بضرورة تسليمها كنيسة ملك روسيا، سبق أن تمّ الاستيلاء عليها، وحاولت دولة الكيان التهرب، لكن روسيا تصرّ، ويجري الآن اتخاذ الخطوات لتسليمها!!

والأخطر ما قالته الخارجية الروسية، بأنّ جنود الجيش الأحمر أوقفوا الهولوكوست، وأنقذوا العالم اليهوديّ من النازيين أيام هتلر، وأنّ مسؤولي الكيان الصهيوني لا يرون ذلك حقيقة! والجيش نفسه سينقذ العالم من رئيس أوكرانيا اليهودي النازي، من مؤامرته ضدّ روسيا والبشرية. أي أنّ اليهود ليسوا منزّهين عن دعم النازية، وأنهم وراء المحرقة، بل هم ضدّ السامية، أيّ ضدّ البشرية كلها.

وتجري الآن وفود فلسطينية، اتصالات وزيارات لدولة روسيا العظمى، لدعم الأخيرة للقضية الفلسطينية، وجميع الفصائل ضدّ الكيان الصهيوني.

فهل يمكن أن يستثمر العرب الفرصة، وينفخوا في تصعيد الأزمة بين روسيا والكيان الصهيوني، من جانب، ومن جانب آخر، توثيق العلاقات بين روسيا والعرب فرادى وجماعات ومنظمتهم؟!

إنّ الفرصة مواتية، والرياح تسير في اتجاه العرب، وقضيتهم المركزية، والمتبقي هو استثمار ذلك بما يحقق مصالحنا العربية المشروعة، ضدّ كيان استعماري استيطاني، زرعه الاستعمار، لتمزيق المنطقة العربية والحيلولة دون تقدّمها.