kayhan.ir

رمز الخبر: 145660
تأريخ النشر : 2022January30 - 20:36

تشكيل الحكومة العراقية رهينة للنزاع الطويل بين الصدر والمالكي

الوقت- تستمر ايام التوتر في المشهد السياسي العراقي بعد انتخابات 10 تشرين الاول 2022. ويشمل المشهد السياسي التقليدي والمتكرر نهجاً رتيباً ومتصلباً لمقتدى الصدر في تشكيل الحكومة المقبلة. لا شك أن مقتدى كان الرجل الأول على الساحة السياسية العراقية في الآونة الأخيرة، وقد جذب اهتمام جميع المجاميع السياسية بينما يواصل الإصرار على تشكيل حكومة أغلبية وطنية ويرفض التراجع.

وشدد زعيم التيار الصدري في آخر موقف له في 25 كانون الثاني (يناير) 2022، كما في مواقفه السابقة، على تشكيل حكومة أغلبية وطنية. وشدد في كلمة متلفزة على معارضته الصريحة لمشاركة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي في حكومة الأغلبية الوطنية. وبحسب الصدر، فقد طلب من هادي العامري وقيس الخزعلي وفالح الفياض الانضمام إلى حكومة الأغلبية بشرط عدم مشاركة المالكي. لكنهم رفضوا. ويبدو الآن أن مقتدى قد اكتسب ثقة أكبر في مواجهة منافسيه بعد صدور حكم جديد للمحكمة العليا العراقية لتأكيد شرعية الجلسة الأولى للبرلمان. لكن خلافًا لتوقعات مقتدى، يصرّ إطار التنسيق الشيعي على دور نوري المالكي في تشكيل الحكومة المقبلة، وقد صرّحت شخصيات سياسية بارزة أن نوري المالكي سيكون جزءًا من تحالف الأغلبية أو أنهم سيرفضون سينضمون إلى الصدر. وفي هذا الصدد، أعلن "علي الفتلاوي"، أحد قادة ائتلاف فتح، في 28 كانون الثاني / يناير 2022، أن إطار التنسيق يرفض الدخول في ائتلاف شيعي – شيعي مع الصدر دون حضور نوري المالكي (رئيس ائتلاف دولة القانون). أصبح الانقسام الحاد بين مقتدى الصدر ونوري المالكي في الواجهة السياسة العراقية الآن أكثر من أي وقت مضى، مما أثار تساؤلات حول المستقبل وما هو دليل معارضة الصدر الشاملة للمالكي.

استمرار النزاع أو التهدئة غير المرغوب فيها

قضية التوتر بين مقتدى الصدر ونوري المالكي في الوضع الراهن استعراضية لدرجة أنه لا توجد إمكانية لاتفاق ومصالحة بينهما، وينوي التيار الصدري وحلفاؤه السنة والأكراد تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية. لكن بالنظر إلى تاريخ السياسة والحكم في مختلف البلدان، يمكننا العودة إلى القاعدة الذهبية التي تقول "لا توجد صداقة وعداء دائمان في السياسة". لذلك، وعلى الرغم من الموجة الحالية من الخلافات الواسعة، فمن الممكن أيضًا أن تنشب حرب سياسية كبيرة بين نوري المالكي ومقتدى الصدر. يمكن رؤية رمز واضح لذلك من خلال تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحرية الوطنية في تركيا في السنوات التي تلت 2018، كيف شكل العدوين حكومة ائتلافية مع بعضهما البعض. لذلك، وعلى الرغم من كل المظاهر التي تشير إلى الحد الأقصى من الخلاف بين مقتدى والمالكي، يمكن اعتبار المصالحة بين الزعيمين السياسيين العراقيين ممكنة.

لماذا يصر الصدر على حكومة أغلبية؟

عند تحليل دوافع مقتدى الصدر لتشكيل حكومة أغلبية وطنية دون حضور نوري المالكي، يمكن طرح عدة نقاط مهمة. اولا الخلاف مع نوري المالكي له خلفية تاريخية ويبدو ان زعيم التيار الصدري لم يستطع نسيان الاحداث الماضية. في عام 2008، عندما كان نوري المالكي في السلطة، هاجم قوات جيش المهدي التابعة لمقتدى الصدر، ونزع سلاح قوات الصدر. في الوقت الحالي، يبدو أن مقتدى الصدر يعتزم تصفية الحسابات مع نوري المالكي بعد تهميشه من السلطة بعد فوزه في انتخابات 10 أكتوبر 2020. على صعيد آخر، سعى مقتدى الصدر إلى الاعتراف به كزعيم وطني وديني في العراق منذ عام 2003، باستخدام خلفيته العائلية، حيث روج لخطابات قومية وشيعية على نطاق واسع. ويعتقد العديد من المراقبين السياسيين الآن أن مقتدى الصدر يحاول حشر نفسه في المجتمع العراقي كبطل قومي وزعيم كاريزمي. نتيجة لذلك، يبدو أن مقتدى لا ينوي بسهولة تفويت فرصة تحقيق حلمه الكبير، الذي يقوم على كونه الشخص الأول في المشهد السياسي العراقي. لذا الآن، ومن خلال معارضته لنوري المالكي، فهو يحاول الحفاظ على دوره القيادي من جهة، والتغلب على القوى السياسية العراقية الأخرى من جهة أخرى.

رؤية تشكيل الحكومة ومقتدى الصدر

بشكل عام، وبالنظر إلى الاعتبارات المعروضة، فإن السؤال المطروح هو، إلى أين يمكن أن يتجه التوتر بين نوري المالكي ومقتدى الصدر؟ عند معالجة هذا السؤال، من الضروري أولاً ملاحظة أنه في العراق، منذ عام 2003، لم يحدد حكم الأغلبية والأقلية أبدًا هيكل الحكومة والقرارات السياسية الكلية لهذا لبلد. وفقًا لاتفاق غير مكتوب، كانت الفصائل السياسية المختلفة، بغض النظر عن وزنها الصغير في البرلمان، حاضرة دائمًا في القرارات السياسية لهذا البلد ولعبت دورًا بارزًا فيها. الآن لم يعد أمام مقتدى الصدر سوى خيارين، أحدهما استمراره في الإصرار على تشكيل حكومة أغلبية وطنية وانتهاك سياق حكومة التوافق، والآخر مصالحة مع نوري المالكي وإعادة تشكيل حكومة التوافق. إذا تحقق السيناريو الأول، فلا شك أن مقتدى الصدر سيتحمل الضغوط السياسية لمختلف الجماعات العراقية، وقد يكلف هذا مقتدى غالياً ويؤدي إلى أزمة سياسية كبيرة في البلاد. لكن إذا تم قبول سيناريو أكثر واقعية، فإن مقتدى الصدر، مع احتفاظه بدور قيادي، يمكن أن يضع الأساس لتوافق حكومي يمثل إرادة جميع التيارات السياسية.