kayhan.ir

رمز الخبر: 132280
تأريخ النشر : 2021June06 - 21:05

أولويّة واشنطن تحصين العودة للاتفاق النوويّ

 

ناصر قنديل

– اتخذت واشنطن قرارها بالعودة الى الاتفاق النوويّ مع إيران وانتهى الأمر، والهمّ الأميركي الآن هو تحصين العودة، وخلق بيئة إقليميّة تتيح للتداعيات المترتّبة على الاتفاق بتخفيض سقوف التوتر في المنطقة أن تعكس السياق القائم الذي يُنذر باشتعال حرب إقليميّة. فالأميركيون الذين حاولوا خوض مفاوضات العودة بنيات تحسين شروط الاتفاق، اكتشفوا أن الإيرانيين جاهزون للتضحية بفرضيّة العودة للاتفاق ومكاسبها، اذا كان الثمن تعديل الاتفاق او إضافة ملحقات له، سواء بما يخص البعد النوويّ أو ما يتعلق بمطالبات أميركية تتصل بالسلاح الصاروخي إيران وبدعمها حركات المقاومة، وصار واضحاً لواشنطن أن الأمور بين خيارين هما، العودة للاتفاق دون شروط، أو ذهاب إيران الى تصعيد برنامجها النووي وصولاً لامتلاك ما يكفي لإنتاج سلاح نووي، دون امتلاك أجوبة على السؤال عن كيفية معالجة البنود المتصلة بدعم إيران لحركات المقاومة وتطويرها لبرنامجها الصاروخي، فقرروا وفق معادلة عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة، القبول بالعودة بشروط إيران، لكن هذا القرار يستدعي تحصيناً في مواجهة قلقين أميركيين، الأول والأهم هو ماذا سيفعل بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال؟ والثاني كيف يمكن إعادة احتواء السعوديّة كحليف مشترك مع نتنياهو للحملة ضد إيران والاتفاق النوويّ في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب؟

– مع انفجار جولة الحرب المفاجئة في فلسطين، حدثت جملة تطوّرات سرّعت الحركة الأميركية نحو السير بالاتفاق، فمن جهة أولى ظهر أن الحرب هي ثمرة تصعيد بدأه نتنياهو في القدس أملاً باستقطاب التيارات المتطرفة لضمان بقائه رئيساً لحكومة الكيان، وهذا يكشف لواشنطن مفصلاً هاماً لكيفية تحصين الاتفاق تحت عنوان أول هو إبعاد مغامرات نتنياهو عن صناعة الأحداث، فنتنياهو المدرك خطورة مغامرته في معادلات أمن الكيان لن يتردّد بمغامرات أشدّ خطورة في الإقليم إذا صارت طريقاً لضمان البقاء في الحكومة، وقد عبر مراراً عن عزمه على توريط واشنطن بحرب إقليميّة تطيح كل فرص أمام العودة للاتفاق النووي، لكن حرب فلسطين كشفت من جهة ثانية حجم مقدرات وشجاعة قرارات قوى المقاومة الفلسطينية، ومن خلفها محور المقاومة، وقد جاء قرار إطلاق الصواريخ من غزة مفاجئاً لكل توقعات واشنطن، وجاءت تطوّرات الحرب حول مدى الصواريخ والقدرة على استمراريّة إطلاقها، وما تسببت به للمرة الأولى في ضرب أسطورة تفوق الكيان وأمنه، تخرق كل التقديرات، وجاء ما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله باعتبار تهديد القدس مدخلاً لحرب إقليميّة، يضع للأميركيين، بوضوح الوصفة التي يجب اتباعها لتحصين الاتفاق، وهي منع العبث بالقدس وأمن سكانها ومقدساتها، من جهة ثالثة ترتب على هزيمة جيش الاحتلال وعلى ظهور الكيان مكشوفاً أمام صواريخ محور المقاومة، تحول الكيان أمنياً في عقول قادته السياسيين والعسكريين، باستثناء نتنياهو، إلى محميّة لا تستطيع العيش دون الحماية الأميركية، وهي حماية لها ثمن، والثمن لا يصل الى فرض تسويات لا يرغبها قادة الكيان، بل هي التسليم بأن ما سيحققه الاتفاق من إبعاد شبح امتلاك إيران لسلاح نوويّ هو ثمرة كافية للاتفاق، وأن على الكيان أن يتعايش مع وجود قدرة صاروخيّة تهدّد وجوده، وحركات مقاومة تسعى لإزالته، ويشتري الوقت عبر مناورات عنوانها التفاوض لأجل التفاوض، هناك شريك جاهز لدخولها، هو السلطة الفلسطينيّة بدعم نظام عربيّ هزّته الحرب وأظهرت سقوط مشاريع التطبيع التي سوّق لها نتنياهو كإنجاز.

– يتحرّك الأميركيّون مع نجاحهم بتوفير أغلبية لحكومة تُقصي نتنياهو، لضمان معادلة بثلاثة أركان، تهدئة الحد الأعلى الممكن في القدس ومع غزة لتثبيت وقف النار واستبعاد الحرب الإقليميّة، تمويل وتسليح أميركي لجيش الاحتلال لضمان الحد الأعلى الممكن من الشعور بالأمن والحماية، وإطلاق مسار سياسيّ غامض للتفاوض بأمل خلق وقائع سياسية تغير التوازنات الفلسطينية والعربية، التي أدت سياسات التصعيد لجعلها راجحة لصالح محور المقاومة، وبالتوازي يضغط الأميركيون على السعوديّة لتسريع المفاوضات لإنهاء حرب اليمن، وفتح مسار سياسيّ خليجيّ إيرانيّ، يحقق التهدئة في جبهات الخليج، أملاً بالتفرغ نحو روسيا لفتح مسارات مشابهة في سورية، لطي صفحة الفصل الأول من كتاب الحرب الإقليمية، ومتابعة ما بعده بالمياومة دون خطة مسبقة، على أمل أن تتيح العودة للاتفاق فتح قنوات تفاوض مع إيران على البارد، حول الملفات الساخنة.