kayhan.ir

رمز الخبر: 131265
تأريخ النشر : 2021May18 - 20:04

انتفاضة الأقصى: معادلات جديدة ترسمها المقاومة

إيهاب شوقي

في هذه اللحظات التاريخية، تتشكل معادلات جديدة وتبرهن المقاومة على صحة رؤيتها ويستعيد أنصارها لحظات الفخر إبان انتصارات المقاومة الكبرى وعلى رأسها حرب تموز 2006. ولا شك أن الحرب الضروس التي تشن على منشورات التضامن مع فلسطين والمقاومة على مواقع التواصل الاجتماعي والسعي لحجب حسابات أنصار المقاومة وحذف مشاهد الأضرار الصهيونية، تثبت أن هذه المواقع امتلكت أهمية وازنة على المستوى السياسي وهو ما يعطي أهمية مضافة للحذر. وبالتالي، لا بد بشكل مختصر من الإشارة إلى طبيعة اللحظة الراهنة وعناوينها التي يمكن رصدها كما يلي:

1- أثبتت المقاومة أنها الخيار الواقعي وأن ما دونها هو الأوهام، وأثبتت الصواريخ أنها السياسة الناجحة وأن المفاوضات وجلسات السمر التي يطلق عليها "مفاوضات للسلام" هي العبث بعينه.

2- يمر الكيان الصهيوني بأكبر أزمة وجودية منذ نشأته بافتقاده كافة مقومات الدولة وأبسطها السيادة وفرض الأمن ووجود شعب موحد، فهو لا يستطيع تشكيل حكومة ولا يتمكن جيشه من تأمين مواطنيه وإخراجهم من الملاجئ ولا تأمين المنشآت الحيوية، ناهيك عن خروج التناقض من قمقمه وهو التناقض بين المستوطنين والمغتصبين وبين الشعب الفلسطيني الأصلي على كامل التراب الفلسطيني.

3- احترقت كل أوراق التوت التي حاول المطبعون والخونة التستر بها، سواء التسليم بقوة العدو واستحالة زواله والركون للأمر الواقع، أو الإيحاء المتهافت بأن التطبيع سيصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، أو تقزيم المقاومة وخيارها باعتبارها عبثًا وانتحارًا ولا فائدة منها!

4- فقد العدو صوابه وبدت منه علامات النهاية، وانعكس ذلك على ممارساته تجاه غزة بقصفها الوحشي دون بنك للأهداف وتصريحات نتنياهو التي كشفت عن فقدانه للعقل والتمييز السياسي، عندما يقول لبايدن في تصريحات علنية أنه غير معني بالمدنيين في غزة، وعندما يصرح ضد عرب الداخل الخاضعين لحكومته (فئة مفترضة من شعبه رسميًا) بأنهم إرهابيون، وهو فقدان للتوازن وللشرعية ولكل الدعاوى التي سعى الكيان لترويجها للحفاظ على بقائه.

وهنا يمكن الولوج لما نريد قوله ولفت نظر أنصار المقاومة إليه من أخطاء أو أفخاخ، وسنحاول الاختصار كما يلي:

أولًا: التركيز المفرط على الضحايا والخسائر ومحاولة تصوير القضية بأنها مجرد أزمة إنسانية أو حقوقية، يمكن أن يفقد القضية قوتها وأصلها وهو أنها قضية تحرر وطني وتحرير الأرض من الاحتلال بكل السبل المشروعة.

والفارق هنا أن قضية التحرر مآلها التحرير، بينما قضية الأزمة الإنسانية مآلها المساعدات المادية والتوسط لوقف العدوان بقاء الاحتلال على وضعه!

ثانيا: تقسيم فصائل المقاومة على أساس سياسي، يمكن أن يشتت الجهد ويستدعي التناقضات ويفت من عضد المقاومة وينجح مؤامرات العدو وذيوله من المفرطين والجبناء والمطبعين والخونة.

ثالثًا: الاستسلام لفكرة الأزمة وأن المقاومة في موقف ضعف وأن مساعي التهدئة بطولة ويمكنها إنقاذ الوضع، هو خطأ كبير، لأنها فكرة مشبوهة لا تنقذ إلا العدو، والأصح أن يستسلم العدو وأن يقوم هو بالتهدئة كاعتراف بالهزيمة واعتراف بمعادلات جديدة، أما التوسط من منطلق الرحمة بالمستضعفين فهو انتصار للعدو وإخفاء لهزيمته وأزمته، وإهدار لتضحيات المقاومة وإهدار للدماء الزكية التي سالت بفعل العدوان الغاشم.

رابعًا: لا ينبغي استصغار أو تحقير أو الإقلال من شأن أي دعم للمقاومة من أي شخص، ومهما كانت نوعية الدعم، بل ينبغي اقتناصه والبناء عليه لأنه ثمرة من ثمار نجاح المقاومة ودليل مهما صغر على صوابيتها.

خامسًا: التفرغ للسجالات والجدل والتشاتم يمكن أن يمس بقدسية اللحظة ويمكن أن يوقع في الأخطاء التي يستغلها الأعداء والمتربصون، ويمكن أن تكون الاستفزازات بمثابة أفخاخ منصوبة لإهدار الوحدة المطلوبة في هذه اللحظات.

 

ولا يعني ذلك الصمت وتمرير المغالطات، بل الواجب كشف المنافقين وتفنيد المغالطات ولكن مع الحرص على عدم الدخول في سجالات واشتباكات.

سادسًا: تحري الدقة في تلقي الأخبار وإعادة نشرها والحرص على التأكد من مصادرها، حرصًا على مصداقية أنصار المقاومة، لأن المقاومة تحقق انتصارات حقيقية وانجازات عظيمة وليست بحاجة إلى الاختلاق أو المبالغة أو الكذب والفبركة.

من الواجب على أنصار المقاومة التحلي بروح الجندية والإيمان بدور الفرد وأن المشاركة بالرأي والنصرة في غاية الأهمية، والإيمان بأن ناصر المقاومة كالجندي في جبهة القتال وبالتالي عليه مسؤوليات كبيرة ينبغي الالتزام بها، وما النصر إلا صبر ساعة.