حسين شريعتمداري

1 ـ قبل مائة عام كتب "احمد خان ملك ساساني" وهو من دبلوماسيي الفترة القاجارية والبهلوية، حول الاجواء التربوية اوائل حكومة رضاخان، يقول؛ "مازلت احتفظ في ذاكرتي  جيداً نقاشاً دار خلال حصة التاريخ والموضوع يتناول المستعمرات البريطانية، وهل ان الشعوب  قادرة على ادارة ممالكها أم لا تستطيع؟

فقال "ذكاء الملك": ايها السادة هل اعطيتم للخياط يوماً لباس (سرداري) ليخيطه وهو ثوب رجالي طويل كان متداولا حينه؟

 فاجاب الجميع بنعم. فقال: وهل يضع الخياط للثوب كماً؟ فاجابوا: طبعاً.

فقال: وهل كان كم الثوب يتحرك حين تجلبوه من عند الخياط الى البيت؟ قالوا: لا.

فقال: اذن ما الذي يتسبب في حركة كم الثوب؟ قالوا: ان يكون هنالك يد كي تحركه. فقال "فروغي": وهذا هو ما اعنيه، ان تعلموا ان ايران مثل كم الثوب لن يتحرك من عنده، فلولا يد الحكومة البريطانية فلا يمكن ان تتحرك".

2 ـ حقاً كم هو خالٍ مكان "احمد خان ملك ساساني"! فليته موجوداً  ليشهد ما يحصل  ويعض أنامل الحيرة ا نه بعد 45 عاماً من انتصار الثورة الاسلامية، وفي الوقت الذي لم تبخل اميركا بأي جريمة ضد ايران والايرانيين إلا وارتكبتها، مازال تيار سياسي في ايران الاسلامية ينتهج نهج محمد علي فروعي المعروف بـ"ذكاء الملك"! رجل بريطانيا المطيع والماسوني العتيد، الا  انه قد ولت فترة الامبراطورية البريطانية وحلت اميركا محلها، فان هذا التيار وعلى طريقة جميع الاذيال المعروفين، يعتبرون اميركا هي صاحبة تلك اليد التي تحدث عنها ذكاء الملك مصراً على ان كم ايران من دون تلك اليد (حينها كانت بريطانيا واليوم اميركا) لا حول لها ولا طول في حركتها! ان لم تصدقوا لنقرأ!

3 ـ بالتزامن مع مغادرة "بزشكيان" رئيس الجمهورية المحترم الى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، اوصاه بعض ادعياء الاصلاح  من خلال المواقع والصحف  التابعة لهم، مثل صحيفة؛ "سازندكي" و"اعتماد"، ان يلتقي في هذه الزيارة كل من ترامب وهاريس وسائر المسؤولين الاميركيين!

وعنونوا هكذا لقاءات انها "حل العقد  في نيويورك"! ان هذه التوصية الذليلة من قبل ادعياء الاصلاح  للسيد بزشكيان تأتي في وقت انه؛

الف: لم تبخل اميركا باي نوع من الجرائم ضد ايران الاسلامية الا وارتكبتها.

باء: ان اميركا لم تف باي من عهودها الدولية تجاه ايران اذ ان خطة العمل المشتركة الانموذج الاحدث منها، ولكن المعنيين من المسؤولين بهذه المفاوضات التي ادت الى خطة العمل المشتركة كالسيد ظريف، وصالحي، وسيف و... يقرون بهذا الاتفاق، الذي عولوا  خلال المفاوضات إلغاء  العقوبات على ايران، وليس لم يحصل ذلك وحسب بل تضاعفت العقوبات!

جيم: ان ترامب هو قاتل الشهيد سليماني العزيز، فيما المسؤولين الاميركيين الآخرين مثل بايدن و... قد دعموا عملية الاغتيال.

دال: والى ايام قريبة فرضت اميركا عقوبات جديدة على ايران.

هاء: ان اميركا والترويكا الاوروبية (بريطانيا وفرنسا والمانيا) لم يصدر منهم مباركة انتخاب السيد بزشكيان لرئاسة الجمهورية الايرانية (السياق المتبع والمشهود حتى بين الدول المتخاصمة).

واو: ان الحكومة الاميركية قد اعلنت رسمياً عدم الاعتراف بالانتخابات التي رشح عنها رئاسة السيد بزشكيان واعتبرتها غير شرعية وغير عادلة!

زاي: وحين صدر عن السيد بزشكيان في لحظة سهو في الخطاب وصف اميركا بانها الاخ، اعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية بكل وقاحة، ان الاخوة ليست باللسان والبيان، اذ على ايران ولأجل اثبات اخوتها مع اميركا  ان تغير سياساتها في امور ومواضيع مختلفة كالمسألة النووية والشأن الاقليمي، وان تنهي دعمها لحركة حماس وحزب الله اللبناني و...!

4 ـ وهذه الايام تعج في اميركا واوروبا وبشكل واسع توجيه الادانات للحكومة الاميركية والحكومات الاوروبية لدعمها الجرائم الوحشية غير المسبوقة  للكيان الصهيوني، وهي اعتراضات تزداد يومياً، الا انه في هذه الجهة مازال تيار سيئ الصيت من ادعياء الاصلاح يراهنون على اميركا وفي قبال  هذا الاكبار لاميركا يتلقون المهانة!

وبالنظر لماضي بعض ادعياء الاصلاح (وليس جميعهم) في عدائهم مع الشهيد  رئيسي وامتعاضهم من مواقفه الاسلامية والثورية خلال اجتماعات  الجمعية العامة للامم المتحدة، لاسيما حمله بكل شجاعة وغيرة لصورة الشهيد سليماني وتشديده على ضرورة محاكمة ترامب وسائر قتلة الشهيد سليماني، فلا يستبعد ان يكون الاقتراح المهين لهذا التيار لرئيس الجمهورية المحترم، هو انتقام للمواقف الثورية للشهيد رئيسي.

5 ـ ان المواقف المعلنة رسمياً من قبل رئيس الجمهورية المحترم، في ادانة اميركا والدعم الكامل للمظلومين من اهل غزة الذين تعرضوا لمجازر وحشية لا تبقي ادنى شك بان السيد بزشكيان سوف لا يعير اهمية للتوصية المذلة التي اوصاها هذا التيار من ادعياء الاصلاح. ولكن هنا يطرح تساؤل جاد نفسه بالحاح، وهو اي مخطط يضمره هذا التيار السيئ الصيت ذو الماضي المشين الذي تمت الاشارة إليه سلفا، يضمره تحت كمهم، ضد الدكتور بزشكيان، حين يدعوه لمعاداة ايران والاسلام والرضوخ بمهانة امام اميركا؟!