أردوغان رئيساً… وماذا بعد؟
– كما كان متوقعاً فاز الرئيس التركي رجب أردوغان في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية، لكنه فوز مختلف عن كل فوز سابق، لأن الأفق ليس مفتوحاً أمام نهضة اقتصادية تتيح تجديد الزعامة كما كان الحال في ولايات أردوغان السابقة في رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية؛ والاستحقاقات السياسية كبيرة ومعقدة.
– يرث أردوغان من الانتخابات انقساماً سياسياً عمودياً في المجتمع التركي عبرت عنه نسب توزع الأصوات، بينه وبين منافسه زعيم المعارضة، وإذا أخذنا بالاعتبار أن المعارضة تملك الحضور الوازن في مناطق الأكراد وفي المدن الكبرى، وأن هذه هي حواضر الحياة السياسية في تركيا، وأن المدن هي ساحة الاحتكاك اليوميّ مع ملف اللاجئين السوريين، الذي يشكل نقطة تصادم واستحقاق يومي للتصادم في الشارع بين جماعات المعارضة واللاجئين السوريين، في ظل الخطاب العنصري للكثير من أطراف المعارضة بحق السوريين، فإن أردوغان سوف يجد نفسه في مواجهة مشكلتين أمنيتين كبيرتين لا يمكنه حلهما أمنياً، هما مشكلة اللاجئين السوريين والمشكلة الكردية.
– المشكلتان تفتحان الباب للحديث عن سورية، حيث قضية اللاجئين السوريين والقضية الكردية، تشكلان موضوع سؤال يواجه أردوغان، هل يملك القدرة السياسية والشعبية والمادية لتجييش حملة عسكرية على شمال شرق سورية تحت شعار حل المشكلة الكردية بالقوة؟ وهل يملك القدرة على تحمل تبعات نقل اللاجئين السوريين الى مناطق سيطرة الجيش التركي في شمال غرب سورية وتعزيز احتلاله هناك لتشكيل ما كان يسمّيه بالمنطقة الآمنة؟
– تجربة أردوغان قبل أن تتبلور ظروف أشد تعقيداً الآن، تقول باستحالة قدرته على المضي قدماً بتجاهل حقيقة أن الحل الوحيد المتاح هو القبول بالشرط الذي وضعه الرئيس السوري بشار الأسد لمصالحة وتعاون سوري تركي في حل المشكلة الكردية ومشكلة النازحين، بربطهما بالانسحاب التركي من سورية، وليس البقاء فيها.
– مضمون ما قاله الرئيس السوري في القمة العربية عبر إشارته اللافتة إلى الخطر العثماني بنكهة إخوانية، هو أن الأطماع التوسعية التركية التي تعني العثمانية، باستعمال العنوان الإخواني كذريعة تجميلية أو تكميلية، سوف تلقى المواجهة اللازمة، ويجب أن تشكل خطاً أحمر يضعه العرب أمام أي تطبيع تركي عربي، بحيث تكون المعادلة بفرض الانسحاب التركي من سورية كشرط لأي انفتاح عربي وتطبيع عربي، خصوصاً استثمار عربي، والواضح من التحضيرات العسكرية السورية في منطقة جبل الزاوية والغارات الجوية التي استهدفته قبل يومين أن خيار المواجهة بالنسبة لسورية على الطاولة، وهذه رسالة واضحة للحليفين الروسي والإيراني أيضاً.
– فاز أردوغان لكن عليه أن يدرك ان مرحلة ما لا تحله القوة يحله المزيد من القوة قد ولّت، وأن الزمن لمعادلة ما لم تحله السياسة يحله المزيد من السياسة.
البناء