نداء لكل القوى الوطنية الفلسطينية في لحظة تاريخية
كمال خلف
تصاعدت وتيرة العمليات الفدائية، وعادت الى عمق الكيان، مذكرة بالعصر الذهبي للمقاومة الفلسطينية، وسقطت كل الأوهام والمراهنات بان الشعب الفلسطيني بات وحيدا ويتيما، وانه سيخضع لمشاريع تصفية قضيته، بعد ان تخلت غالبية الأنظمة العربية عنه، بل ساهمت في تجريمه وتحميله مسؤولية عقود من الصراع مع إسرائيل، واندفعت للتحالف مع العدو محاولة طمس معالم الجريمة بحق شعب عربي يعاني من الاحتلال وممارساته الدموية اليومية .
امس نفذ شاب فلسطيني عملية جريئة في شارع “ديزنغوت” وسط تل ابيب وتمكن من الفرار وهي العملية الخامسة على التوالي بعد عملية” الخضيرة، وبني براك، بئر السبع، والقدس”، ما جعل إسرائيل في حالة من الارباك والفوضى، والفشل الأمني . تمكن شبان فلسطينيون من تهشيم صورة الاستعراض الإسرائيلي في شرم الشيخ، والنقب . وقلب الصورة التي روجها الاعلام الإسرائيلي مع بعض الأنظمة العربية بان إسرائيل باتت جزءا طبيعيا من المنطقة، وانها تقود تحالف مع العرب موجه ضد ايران، لتظهر إسرائيل على حقيقتها هشة ضعيفة .
هكذا تشاهدون على الهواء مباشرة كيف ينهض طائر الفينيق الجريح من بين الركام، وينفض كل القذارات من حوله . هكذا يكون مشهد الاحتفالات ليلة امس في مخيمات الشتات اجمل من كل مهرجانات الترفيه والرقص، وتوزيع جوائز التكريم على الفنانين والفنانات العرب الزاحفين علـى بلاط الامراء والشيوخ .
امام هذا المشهد الكبير، وهذا الشعب العظيم، نجد ان الانقسام السياسي الفلسطيني مازال قائما، وجاثما على صدرنا، ينهض الشعب ويكافح بأبسط المقومات، بينما قيادته متشرذمة وعاجزة . السلطة الفلسطينية خائفة و مترددة، تدين العمليات الفدائية، ولا تملك البديل لانتزاع حقوق الشعب . ينحاز الوزير فوق العادة في السلطة “حسين الشيخ ” للاحتلال علنا ضد شعبه مقابل امتيازات ومصالح شخصية ضيقة، وهناك من هم على شاكلته في السلطة مجرد موظفين عند إسرائيل ويصنفون انفسهم قيادات ومناضلين، وهم غافلون عمن مشوا في طريقهم في اوطان وحقب مختلفة واصطفوا الى جانب من احتل بلادهم، وانتهى بهم المطاف باحثين عن عجلة طائرة يتعلقون بها للهرب مع الجيش المحتل .
اما الفصائل الفلسطينية فمع كل عملية او مواجهة مع الاحتلال تستيقظ من سباتها وتبدا بزخات من البيانات ذات اللغة الخشبية .
أيها الاخوة : ان الأوان كي ترتقي النخبة السياسية الفصائلية والحزبية لمستوى أداء الشعب الفلسطيني، وهذا نداء من لاجئ غلبان الى السادة أصحاب المقامات الرفيعة من قادة الفصائل . الان انتم امام امتحان التاريخ، وامام لحظة مفصلية خطيرة، لا تتعلق فقط بتحولات النضال الفلسطيني الميداني المسلح والشعبي، بل بتحولات تاريخية وعميقة في بينة النظام الدولي وطبيعة العلاقات الدولية، نحن امام تغيرات عالمية لم تزل مآلاتها غامضة، لكنها تبشر بانقلاب في موازين القوة وتغير في مراكز التاثير الدولي . كل ذلك يدفعكم اليوم وبسرعة الى رأب الصدع، وانهاء الانقسام السياسي، وتشكيل قيادة فلسطينية موحدة، تضع استراتيجية نضال متكاملة عسكرية وثقافية وإعلامية وشعبية للداخل والخارج، تعيد تنظيم صفوف وطاقات الشعب وتأطير كوادره كل حسب اختصاصه، لمواكبة التطورات والتحولات حولنا، لخدمة المعركة الكبرى لنيل حريتنا واستقلالنا . ان الأوان لتكونوا بمستوى هذا الشعب العظيم المتعال على جراحه، والمستعد دوما ومنذ عام ٤٨ الى اليوم لتقديم التضحيات دون تردد .
أيها الاخوة قادة فصائل العمل الوطني في عموم فلسطين والخارج، خذوا مثالا الاجنحة العسكرية التي تتبع لفصائلكم كيف هي موحدة في الميدان في غزة والضفة، سرايا القدس” الجهاد”، والقسام ” حماس”، وشهداء الأقصى ” فتح”، وكتائب أبو علي مصطفى ” الجبهة الشعبية”، ولجان المقاومة، وكتائب وجهاد جبريل” القيادة العامة ” وغيرها . تقاتل الى جانب بعضها، تشكل غرفة عمليات موحدة وتنتصر . لم نسمع عن اقتتال بينهم او تناحر او اشتباك، وهم غالبيتهم شبان صغار يافعين، يضعون دماءهم على اكفهم . فلماذا انتم يا شيوخ النضال متفرقين ومنقسمين ومتناحرين ومسترخين .
يا اخوان انظروا الى هذا الشعب كيف يفرح كله في الضفة وغزة والمخيمات والشتات وارض ٤٨ اذا تحقق نجاز فلسطيني، او نفذ مقاوم فلسطيني عملية بطولية وكيف يحزن كله اذا هدمت إسرائيل منزلا، او اغتالت مقاوما، او قصفت حيا . او اعتقلت شابا . وهذا الشعب فيه الإسلامي وفيه العلماني وفيه اليساري وفيه الحزبي وفيه المستقل . الا يكفي ذلك لتعلموا ان اختلافكم وانقسامكم حالة شاذة . وانه لا يمثل الا تطلعاتكم الضيقة، وارتباطاتكم بسياسات خارجية ومصالح إقليمية، واملاءات دولية، وان هذا الانقسام لا يخدم الا إسرائيل .
لانها لحظة الحقيقة الساطعة كشمس القدس، ولأننا امام منعطف متعدد المستويات محلي واقليمي ودولي، ولان هذا الشعب اثبت انه على قدر المسؤولية جيل اثر جيل، لا جل كل ذلك أوجه لكم هذا النداء . شكلوا قيادة موحدة وطنية شفافة وصادقة، تنسجم مع آمال واهداف شعبنا . وافرضوا على العالم نصرة قضيتنا العادلة . اعقدوا مؤتمرا شعبيا عاما، نظموا فعاليات كبيرة في الداخل والخارج، وفي كل عاصمة يمكن ان نحشد فيها، شكلوا خلية إعلامية موحدة تتواصل مع كل وسائل الاعلام العالمية، شكلوا جيشا الكترونيا لنشر الرواية الفلسطينية لكل حدث على وسائل التواصل، اعلنوا جميعا تبنيكم كل مقاوم، دافعوا عن عائلات الشبان الفدائيين والاستشهاديين، انشأوا صندوقا للتبرعات يشارك فيه كل الشعب وكل مناصر للقضية، ولتحول الأموال للمقاومة وعائلات الشهداء والأسرى، شكلوا لجنة موحدة لشراء السلاح، وتطوير القدرات . ضعوا اصبعكم في عين كل نظام عربي يتآمر واحرجوهم امام شعوبهم . وليكن العمل موحدا ومنسقا وخالصا لوجه الله من اجل فلسطين . لن تنالوا احترام العالم كنخبة سياسية، الا اذا كنتم موحدين واقوياء وشجعان .
هذا نداء لكم تحركوا الان، ولاقوا هذا الشعب في مجده العظيم . الا هل بلغت اللهم فاشهد .