خطاب الزوال: "اسرائيل" في طريق الهلاك
ايهاب زكي
كان لدى الكثير من المتابعين والمحللين يقينٌ راسخ بفشل ما يُعرف بـ"المعركة بين الحروب"، ولكن في إطلالته بمناسبة ذكرى القادة الشهداء، أعلن الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله موت تلك الاستراتيجية "الإسرائيلية" بشكلٍ رسمي. يدرك الجميع أنّ الهدف الأساس لتلك الاستراتيجية، هو منع وصول أسلحة كاسرة للتوازن إلى حزب الله من إيران، وذلك بحسب خطاب العدو وأهدافه المعلنة. وقد أيقن المتابعون سابقًا بفشل تلك الاستراتيجية، ليس مبدأ تحويل التهديد إلى فرصة كما قال السيد نصر الله، بل استنادًا إلى وقائع تطور سلاح المقاومة كمًا ونوعًا، ما يعني استمرار تزويد إيران للمقاومة بكل أنواع الأسلحة، وبالتالي فشل استراتيجية "المعركة بين الحروب".
ولكن ما أعلنه السيد حسن نصر الله من تحويل التهديد إلى فرصة، وذلك من خلال امتلاك القدرة التقنية والعملياتية، لتحويل مخزون الصواريخ لدى حزب الله إلى صواريخ دقيقة - بلغة العدو هي أسلحة كاسرة للتوازن- هو بالفعل شهادة وفاة لاستراتيجية العدو، بل أكثر. فإذا أخذت "إسرائيل" بعين الاعتبار ما تعلنه ليل نهار، بأنّ حزب الله يمتلك 150 ألف صاروخ حسب قولها، ثم قامت بقياس قدرة الحزب على تحويل جزءٍ منها إلى صواريخ دقيقة، أو جلها أو كلها، ستصل لنتيجةٍ قاطعة مفادها أنّ عدوان تموز 2006، لم يكن سوى إشعار بالزوال، خصوصًا إذا أخذنا نتائج معركة "سيف القدس" بالحسبان، والأشد خصوصية إذا أخذنا سلوكيات العدو تجاه الطائرة "حسان" بالحسبان.
إنّ "إسرائيل" التي كانت تتلجلج في الحديث عن عشرات الصواريخ الدقيقة لدى حزب الله تارة، وتارةً عن مئة صاروخ، وتحسب لتلك البضعة ألف حسابات، كيف سيكون موقفها إذا وجدت نفسها أمام الآلاف من الصواريخ الدقيقة؟
وإذا أضفنا لهذه القدرات التي أعلنها السيد نصر الله إشاراته المباشرة وغير المباشرة للمستقبل الحتمي بزوال "إسرائيل" وأنّ زوالها مجرد وقتٍ ليس إلّا، بالتوازي مع توعّده بـ "أنصارية2" وما لها من دلالات قاطعة على خروقاتٍ أمنيةٍ كبرى وعلى مستوياتٍ عليا، وفي المقابل العجز الاستخباري الاسرائيلي عن كشف مواقع الصواريخ، وعجزه عن استباحة سماء لبنان بالمسيرات كما كان الحال عليه في السابق، واضطرار سلاح الجو الصهيوني لمرافقة المسيّرات، كل ذلك وخلافه، يجعل من الحديث عن زوال الكيان منطلِقًا من شواهد وهنٍ قاطعة.
ورغم أنّ الأمر لا يستحق الذكر، ولكن من باب الاستئناس للشعور بالفوارق الهائلة بين العزة والذلّة، فإنّ العدو الصهيوني يدرك الجدّية المطلقة في حديث السيد حسن نصر الله، ولا تساوره الشكوك مهما تدنى منسوبها بصدقه، بينما نجد إعلام النفط وأتباعه، يتحدثون عن طائرات ورقية وصواريخ كرتونية، وهؤلاء الذين ينضحون بؤسًا ويرشحون ذلًا، يشبهون من يقف على مفترق الطرق، وينعق بالناس ألّا نصرٌ في نهاية طريق العزة، ويدعوهم لطريق الذلّة، لأنّ الموائد هناك أدسم.
قد يكون خطاب السيد نصر الله في ذكرى القادة الشهداء عام 2022، من أهم الخطابات في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي، فقد بدا الخطاب كأنّه بداية لتأريخ الدخول في مرحلة الزوال. وكان حديث السيد يشي بين سطوره، بأنّ الجميع في انتظار الخطأ أو بالأحرى في انتظار الحماقة الإسرائيلية الأخيرة، التي ستجعل من الكيان مجرد تاريخٍ عابر. ورغم أنّ العدو ليس بحاجةٍ إلى دفعه لدراسة هذا الخطاب بحذافيره، لكن عليه دراسة الخطاب مرارًا وتكرارًا دون كللٍ أو ملل، وألّا تغرّه انبطاحات أتباع النفط شديدة الابتذال، فهي لن تغني عنه زوالًا، ولن تسمن له وهنًا.