العلاقات الاسرائيلية - الإماراتية: هل تنعكس في مجلس الأمن؟
د. علي دربج
في بداية العام الجديد 2022، تسلمت دولة الإمارات العربية المتحدة، مقعدها كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي، بعدما تم انتخابها في حزيران الماضي، لتكون المرة الثانية التي تشغل فيها هذا المقعد، بعدما كانت شغلته بين عامي 1986- 1987.
قد يكون الخبر مرّ مرور الكرام عند الكثيرين. لكن ما يجدر التوقف عنده، هو الاهتمام الاسرائيلي بالحدث، والتركيز من قبل اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الذي لم يخف حماسته فقط لتولي الإمارات لهذا المقعد بل جاهر ــ عبر مجموعة جويش نيوز التابعة لهذا اللوبي ــ بالتعويل على علاقات الكيان القوية مع الامارات. ورفع تفاؤله (اي اللوبي) بالقول "تتطلع اسرائيل الى صديقتها الجديدة للمساعدة فى تخفيف تركيز المجلس غير المتناسب على الصراع الاسرائيلي ـــ الفلسطيني".
وهنا نسأل كيف سيكون موقف الامارات من "اسرائيل"؟ فلنترك الاجابة للدبلوماسية الاماراتية.
أكد مصدر في وزارة الخارجية والتعاون الاماراتية لشبكة "جويش نيوز" الصهيونية، أن "هناك درجة من الالتزام بعرض وجهات نظر الكتلة العربية عندما تجلس في مجلس الأمن"، مذكرًا بالموقف الرسمي الاماراتي بعد توقيع اتفاقات أبراهام، والذي "دعا "إسرائيل" إلى الانسحاب من الضفة الغربية". وتابع المصدر "نريد أن نظهر كلاعب مسؤول ومصنف وتكنوقراطي وغير سياسي".
ويقول المصدر الدبلوماسي الاماراتي إن "المواقف العامة التي تتبناها دولة الإمارات بشأن عدد من القضايا الإقليمية (التطبيع واحدة منها) والعالمية ستستمر في الانعكاس في أعمالها على مجلس الأمن. وما يمكننا تقديمه - بالقدر الذي يسمح به ميزان القوى في المجلس - هو الضغط لدعم موقف دول الخليج في ملف إيران، وهو ما ينبغي أن يفيد إسرائيل".
ما هو المنتظر اسرائيليًا من الامارات؟
على خط مواز، يرى دبلوماسيون صهاينة (في اللوبي الصهيوني) أنه يجب على الامارات أن "يكون لها صوت أكثر توازنًا عندما يتعلق الأمر بالدولة اليهودية، لا سيما وأنها تحلّ مكان تونس، التي لا تربطها علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل"، وكانت تُعتبر الصوت العربي التقليدي في مجلس الأمن".
ويذهب اللوبي الصهيوني أبعد من ذلك، موضحًا أنه "سيتعين على الإمارات، بشكل أساسي، اختيار أحد المسارين: تأييد "اسرائيل" أو الاستمرار بالنهج السابق الذي يعارضها".
لماذا هذا التفاؤل الاسرائيلي؟
من وجهة نظر اللوبي الصهيوني فإن "الدفء الدبلوماسي الأخير مع طهران لا يخفف من قلق أبو ظبي بشأن برامج إيران للصواريخ الباليستية والطائرات بمن دون طيار أو أنشطتها الأخرى".
تبعًا لذلك، فإن اللوبي الصهيوني، يولي اهتمامًا خاصًا بالشخصية التي تمثل ابو ظبي، وستعمل عضوا غير دائم في الهيئة لمدة عامين، وهي في هذه الحالة السفيرة لانا نسيبة، الحاصلة مؤخرًا على ترقية إلى منصب وزير.
عند بحثه في تاريخ نسيبة، وجد هذا اللوبي أن عائلتها، ترتبط بصلات بالقدس تعود إلى ألف عام، وكان والدها وجدّها من بين أفراد عائلتها الذين دعموا القضية الفلسطينية، لكن ما يبعث على الاطمئنان بالنسبة لـ"اسرائيل"، أن ممثلة الامارات، كانت لعبت دورًا كبيرًا ومؤثرًا في أعقاب "اتفاقات ابراهام"، حيث أشادت مرارًا بمبادرات "إسرائيل" في السعي "لتحقيق سلام" أوسع في منطقتها.
السفيرة نسيبة، التي شددت على أن الإمارات ستتطلع إلى تولي أدوار قيادية في بعض الملفات الأوسع لمجلس الأمن، مثل المرأة والسلام والأمن والإرهاب والصحة العالمية وتغير المناخ، ستجلس بين السفيرين الروسي والبريطاني في قاعة مجلس الأمن.
عمليًا، سينضم الممثلون الخمسة الجدد غير الدائمين وهم: ألبانيا والبرازيل وغابون وغانا والإمارات إلى كل من ممثلي الهند، وايرلندا، وكينيا، والمكسيك، والنرويج الذين سيكملون فترة عضويتهم هذ العام (الحالي)، وإلى الأعضاء الخمسة الدائمين. تنطلق الحسابات الاسرائيلية من الاتي: ان علاقة تل ابيب مع جميع دول الاعضاء الخمسة الجدد، ايجابية، وتربطها معهم علاقات دبلوماسية.
أما الأعضاء الباقون الخمسة فالنظرة الاسرائيلية اليهم تقوم على الآتي: تتخذ إيرلندا عمومًا مواقف مناهضة لـ"إسرائيل"، المكسيك تبدي القليل من الاهتمام بشؤون الشرق الأوسط. أما النرويج، فهي "صاحبة القلم" في الملف الإسرائيلي ــ الفلسطيني، فيما أظهرت الهند وكينيا ودًا أكثر تجاه "إسرائيل" في السنوات الأخيرة. وبالنتيجة فإن غالبية أصوات الأعضاء غير الدائمين، قد تصب في مصلحة "اسرائيل" عند أي استحقاق مقبل.
ماذا عن الموقف الرسمي الاسرائيلي؟
في حين لم تقدم البعثة الإسرائيلية لدى الأمم المتحدة تعليقًا عندما سئلت عما إذا كانت قد طلبت توضيحات من الإمارات حول مواقفها في المجلس أو أنها أجرت أي مناقشات مع بعثة ابو ظبي حول أولوياتها، اكتفى السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد ردان، بالتغريد عبر "تويتر"، متوجهًا بالتهنئة لجميع الأعضاء الجدد بعد انتخابهم، وقال إنه يأمل في أن يعملوا على إنهاء ما أسماه "التحيز ضد إسرائيل في الهيئة الدولية".
ولمعرفة خلفية تغريدة السفير، فلنتابع الاتي:
تمارس الولايات المتحدة حق النقض بشكل منتظم لحماية حليفتها "اسرائيل" في مجلس الأمن من أي قرارات ملزمة قد تكون ضارة.
في تشرين الأول الماضي، وجهت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد اللوم إلى مجلس الأمن لما أسمته "تركيزه غير المتناسب على الصراع الإسرائيلي ــ الفلسطيني".
وبناء على ذلك، عبر السفير الاسرائيلي جلعاد ردان عن استيائه مما يجري في المجلس قائلا "يقضي هذا المجلس وقتًا طويلاً في مناقشة الصراع الإسرائيلي ـــ الفلسطيني، وهو أمر مفهوم ومتسق مع جدول الأعمال. ولكن في كثير من الأحيان، يتركز جوهر هذه المناقشات بشكل شبه كامل حول انتقاد "إسرائيل" والهجمات المضادة". واضاف ردان "آمل بصدق أن يبذل أعضاء المجلس قصارى جهدهم في المستقبل لاتخاذ نهج أكثر توازنًا".
في المحصلة، الامتحان الاسرائيلي للامارات سيكون في 19 كانون الثاني الحالي، حينها سيعقد مجلس الأمن مناقشته الفصلية المفتوحة حول الملف الإسرائيلي ـــ الفلسطيني، وهذه الجلسة ستعطي إشارة مبكرة حول الكيفية التي تنوي الإمارات التعامل معها. لكن عند النظر في الغرام الاماراتي ــ الاسرائيلي القائم، فإن ابو ظبي ستحصل من دون شك، على علامة امتياز اسرائيلية.