صنعاء لن تتراجع عن معركة مأرب مقابل التهديدات الأميركية
صعدت الولايات المتحدة سقف تهديداتها في ظل مواصلة الجيش اليمني واللجان الشعبية معركتهما لتحرير ما تبقى من محافظة مأرب خارج سيطرتهما.
وكتبت صحيفة الاخبار اليوم انه على رغم مساعي واشنطن الحثيثة إلى وقف أي تقدم في المدينة من شأنه أن يضعف موقع حلفائها التفاوضي، وفرضها عقوبات على أبرز قيادات صنعاء العسكرية، فضلا عن تلويحها بإعادة النظر في قرارها تجميد إدراج "أنصار الله" في قائمة المنظمات الإرهابية، إلا أن صنعاء تبدو مصرة على استكمال معركة القضم التدريجي وصولا إلى السيطرة الكاملة على المحافظة.
صنعاء لم توقف التهديدات التي أطلقها المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، أواخر الأسبوع الماضي، الجيش اليمني واللجان الشعبية عن مواصلة معركتهما لتحرير ما تبقى من محافظة مأرب خارج سيطرتهما.
كما لم تفلح عقوبات وزارة الخزانة الأميركية التي طالت أبرز قيادات صنعاء العسكرية، في خفض حدة المواجهات أو تغيير المعادلة العسكرية في مختلف جبهات مأرب.
وبخلاف التوقعات الأميركية، رد الجيش واللجان على العقوبات التي طالت رئيس هيئة الأركان العامة لقوات صنعاء، اللواء محمد عبد الكريم الغماري، وقائد المنطقة العسكرية الخامسة، اللواء يوسف المداني، تحت مبرر قيادتهما للهجوم على مأرب، عبر تصعيد عملياتهما في الجبهتين الغربية والشمالية الغربية للمدينة، بعد ساعات من دخول العقوبات حيز التنفيذ.
وتمكنا، من خلال تنفيذهما عدة هجمات على مواقع قوات الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، وميليشيات حزب "الإصلاح"، وعناصر تنظيمي "القاعدة" و"داعش"، من تحقيق تقدم واسع في جبهة الدشوش الواقعة بالقرب من قاعدة صحن الجن العسكرية غربي المدينة، وتكبيد قوات هادي خسائر فادحة في المواجهات التي امتدت من محيط تلة ذات الراء غرب مأرب، وصولا إلى أطراف وادي نخلا وقرن القاعد وحمتي الصيد والديرة الواقعتين إلى الشمال الغربي من المدينة.
هذا الرد الميداني الذي حذرت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، السبت، إزاءه من التداعيات الإنسانية لاقتحام المدينة بزعم أنه سيتسبب في تشريد مليون يمني، دفع دول التحالف السعودي - الإماراتي إلى شن عشرات الغارات الجوية في محيط مدينة مأرب.
لكن ذلك لم يوقف، على أي حال، المواجهات التي تخوضها قوات صنعاء على مختلف خطوط النار، كما لم يؤثر في المسار العملياتي الممتد من أطراف الطلعة الحمراء الشرقية ومحيط تباب الدحلي والبس والمصارية غربا، حتى المواقع المتقدمة شمال غرب مدينة مأرب.
وفي هذا الإطار، توقع مراقبون استمرار المواجهات بوتيرة عالية كرد فعل على الضغوط الأميركية. وتزامن وصول رئيس استخبارات صنعاء، اللواء عبد الله الحاكم، الملقب بـ"أبي علي الحاكم"، إلى جبهات مأرب وظهوره في الخطوط المتقدمة عند تخوم المدينة، مع تصريحات أميركية أطلقها ليندركينع، الأربعاء الماضي، وقال فيها إن "مأرب محال أن تسقط ولن تسقط"، مشيرا إلى أن واشنطن ستعمل على إفشال محاولات صنعاء اقتحام المدينة، وستتخذ العديد من أوراق الضغط التي قال إن الولايات المتحدة تمتلكها لإيقاف تقدم الجيش واللجان الشعبية نحو مأرب.
ليندركينع الذي اتهم حركة "أنصار الله" بإفشال المساعي الأممية والأميركية الهادفة إلى فرض تسوية سياسية في اليمن، لوح بإعادة النظر في قرار بلاده تجميد إدراج الحركة في قائمة المنظمات الإرهابية.
هذه اللغة "غير المألوفة دبلوماسيا" تكرس، بحسب عضو المجلس السياسي الأعلى في "أنصار الله"، محمد على الحوثي، مشاركة أميركا في العدوان المستمر منذ سبع سنوات.
ووصف الحوثي تصريحات وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في شأن "الحل الشامل"، بـ"الجوفاء"، نظرا إلى عدم تضمنها وقفا للعدوان والحصار.
ورأى الحوثي، في تغريده له عبر حسابه في "تويتر"، أن الخطوات الأميركية تفضح توجه واشنطن الرافض للسلام والحل منذ تقديمه من قبل المبعوث الأممي الأسبق، جمال بن عمر، حتى الآن، لافتا إلى أن الولايات المتحدة لا تمتلك أي خطة للسلام في اليمن.
تشارك مسقط والكويت وطهران وبروكسل ولندن وواشنطن في الدفع قدما نحو تسوية سياسية في اليمن
وفي ظل تأكيدات عن حراك دبلوماسي إقليمي ودولي نشط، تشارك فيه كل من سلطنة عمان والكويت وإيران ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة للدفع قدما نحو تسوية سياسية في اليمن، جددت صنعاء ترحيبها بمساعي سلام لا تتجاوز استقلال البلاد وسيادها.
وأكدت صنعاء، على لسان رئيس المجلس السياسي الأعلى في "أنصار الله"، مهدي المشاط، استعدادها التام للإسهام بفاعلية في تحقيق السلام العادل والشامل من خلال المشاركة في أي مفاوضات جادة تفضي إلى وقف الحرب العسكرية والاقتصادية المفروضة على الشعب اليمني من قبل دول تحالف العدوان، وتنهي الوجود الأجنبي في الأراضي والمياه اليمنية، مكررة رفضها أي حلول لا تنهي معاناة الشعب اليمني وترفع الظلم عنه.
ودعا المشاط، في خطاب ألقاه لمناسبة العيد الـ31 للوحدة اليمنية، مساء الجمعة، قيادة "التحالف" ممثلة بالسعودية إلى رفع الحصار والانخراط في مباحثات لوقف العدوان العسكري والعمل المشترك على وقف جميع الأعمال العدائية من كل الأطراف ومعالجة آثار الحرب وتداعياتها، وصولا إلى استئناف العلاقات على قاعدة الإخاء وحسن الجوار والاحترام المتبادل والتعاون المشترك وصون أمن البلدين وسيادتهما ومصالحهما.
وردا على اتهامات أميركية لحكومة صنعاء والوفد المفاوض بعرقلة مساعي السلام الأممية، قال المشاط إن "الإصرار على الربط بين الملف الإنساني والملفين العسكري والسياسي عمل غير مبرر يعيق طريق تحقيق السلام"، محملا من "يصر على كل ذلك أو يشرعن الاستمرار في فرض الحصار على الشعب اليمني، المسؤولية كاملة.
وجدد رفض المجلس السياسي الأعلى، المساعي الأممية والأميركية الأخيرة الهادفة إلى تحويل الاستحقاقات الإنسانية للشعب اليمني الممثلة بفتح المطارات والموانئ وإنهاء الحصار، إلى سلاح من أسلحة الحرب لانتزاع مكاسب تفاوضية في الجانبين السياسي والعسكري.
في هذا الوقت، جدد الناطق باسم "أنصار الله"، رئيس وفدها المفاوض محمد عبد السلام، رفضه عروض السلام المجتزأة، مؤكدا في تصريح، الخميس الماضي، أن "أي دعوات إلى السلام ستظل غير جادة ما لم تتضمن رفعا كاملا للحصار".
ولفت عبد السلام إلى أن "الدعوات الصادرة من بعض الجهات الدولية في هذا الشأن، تقدم تصورا انتقائيا عن السلام بمنحه لدول العدوان ومنعه عن اليمن، فيما السلام للجميع أو لا سلام".
وكثفت واشنطن والرياض، في الأيام الماضية، جهودهما الدبلوماسية واتصالاتهما مع عدد من الدول لحشد المزيد من المواقف المؤيدة للمقترحات الأميركية المنسجمة مع المبادرة السعودية التي أعلنت منتصف آذار/ مارس الماضي، لكونها تنطلق من قاعدة وقف معركة مأرب، وتربط الملف الإنساني بالملفات الأخرى.
العالم