ماذا دار في المحادثة بين بايدن ونتنياهو؟ الأولوية للملف الإيراني قبل «إسرائيل» والسعودية
عمر عبد القادر غندور
أخيراً رنّ جرس التلفون لدى رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو بعد أربعة اسابيع ثقيلة من الإهمال المتعمّد من جانب الرئيس الأميركي الجديد (الديمقراطي) جو بايدن الذي يعرف الكثير عن نتنياهو الذي وصف دونالد ترامب في يوم من الأيام بأنه «أعظم صديق لـ «إسرائيل» في البيت الأبيض»…
وأيّ لقب يطلقه نتنياهو على ساكن البيت الأبيض اليوم؟
المهمّ انّ جرس الهاتف رنّ في مكتب نتنياهو وكان على الخط الآخر الرئيس جو بايدن، وكانت محادثة لا طويلة ولا مختصرة، قال عنها البيت الأبيض إنها «ودية دافئة»، وقال التلفزيون «الإسرائيلي» قبل ثلاثة أيام من هذه المحادثة «الودية الدافئة» انّ هناك خلافات بين نتنياهو والرئيس الاميركي الجديد حول ملفي إيران والقضية الفلسطينية.
وبالرغم من انّ البيت الأبيض قال انّ تأخير إجراء المحادثة بين بايدن ونتنياهو «لم يكن إهانة متعمّدة»، إلا أنّ ذلك لم ينطلِ على «الإسرائيليين» اذ يرى الديبلوماسي «الإسرائيلي» داني دايان المعروف بمعارضته لنتنياهو، انّ التأخير يمثل إشارة لا لبس فيها إلى أنّ بايدن لا يرى في نتنياهو إلا قناصاً يبحث عن صيد يساعده على تخطي أزماته داخل «الكيان الغاصب».
ولوحظ أنّ بايدن أجرى خلال الأسابيع الأربعة الأولى من ولايته مكالمات هاتفية مع قادة حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين ومع الرئيسين الروسي والصيني، وأرجأ الاتصال بنتنياهو حتى الأربعاء الماضي، تعبيراً عن استيائه من هذا القناص المغالي بموالاته مع سيناتورات الحزب الجمهوري دون الديمقراطي. ولا ينسى بايدن انّ رئيس وزراء العدو قصد واشنطن مع بدء الحملة الانتخابية طالباً من الهيئات الصهيونية تأييد دونالد ترامب لإيصال خطته في الشرق الاوسط في صورة «صفقة القرن» التي لم يُكتب لها النجاح، وهو بالتالي اعترف للتلفزيون «الإسرائيلي» بأنّ هناك خلافات بينه وبين الرئيس بايدن.
كلّ هذه النقاط الخلافية، يبدو ان الرئيس بايدن لم يركز عليها في محادثته مع نتنياهو في الوقت الحاضر ربما لانه ينتظر مصير الصراع الداخلي بين القوى السياسية في الكنيست وما ستؤول اليه هذه الخلافات.
وتؤكد «واشنطن بوست» انّ بايدن يدرك تماماً خبث نتنياهو وإقامة مئات الوحدات السكنية الجديدة في الضفة الغربية خلال فترة نقل السلطة مما يدلّ على محاولة واضحة وخبيثة لاستباق السياسات المحتملة للإدارة الجديدة ووضعها أمام الأمر الواقع.
أما الرفض «الإسرائيلي» لخطة بايدن للعودة الى اتفاق دولي يحدّ من برنامج إيران النووي فهو واضح على كلّ المستويات في دولة الاحتلال.
وربما هذه النقطة بالذات كانت عنوان المحادثة الهاتفية يوم الأربعاء الماضي، ونتصوّر انّ بايدن كان مستمعاً أكثر منه متكلّماً، وهذا ما تنمّ عنه شخصيته الهادئة والدافئة والتي تجعل محدّثه مطمئناً من غير تأكيد.
وربما تناولت المحادثة شأناً مستجداً إذ تخشى «إسرائيل» هجوماً الكترونياً يستهدف تسميم مجمعات المياه فيها في ظلّ ضعف الحماية لديها فيما تُجري مناورات عسكرية تحاكي حرباً مع إيران، على وقع التوتر مع إيران ولا تزال «إسرائيل» تحشد طاقاتها الديبلوماسية والسياسية لمزيد من المناكفات مع الإدارة الأميركية الجديدة التي تخشى العودة الأميركية الى الاتفاق النووي بذريعة انّ الاتفاق سيدعم موقف إيران ولن يجعلها تتخلى عن برنامجها النووي العسكري، على حدّ زعمها.
وتُرجح صحيفة «هارتس» العبرية ان تشرع الولايات المتحدة بدراسة العلاقات مع إيران، فيما لم يُخفِ نتنياهو مساعيه لإجهاض العودة الى الاتفاق النووي وهو ما صارح به الرئيس الأميركي.
ومع كلّ هذه التباينات بين بايدن ونتنياهو على حدتها، وخاصة في العودة الى الاتفاق النووي مع إيران، نرجح ان يتمّ ضبط الأمور الأميركية ـ «الإسرائيلية» في ضوء التوتر في «الشرق الأوسط» وفي العراق خاصة حيث قال ضابط كبير في حلف الناتو «نحتاج الى ثمانية أضعاف القوة الموجودة في العراق خاصة بعد الهجمات الصاروخية التي استهدفت محافظة أربيل الكردية وكذلك قاعدة أميركية عسكرية في كردستان، إضافة الى الغموض الذي يسود العلاقات الأميركية ـ السعودية في الوقت الحاضر.
ويؤكد الصحافي الفلسطيني عبد الباري عطوان انّ وقف مبيعات صفقات الأسلحة الأميركية الى السعودية من شأنه ان يميل الكفة لصالح أعداء السعودية في اليمن، بالإضافة الى إلغاء تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية؟»
لذلك، ينبغي حالياً تأجيل الحساب الأميركي «الإسرائيلي» في الوقت الحاضر والتفرّغ للاتفاق النووي ووقف الحرب في اليمن ومراجعة الملف السعودي الأميركي.
وفي الساعات القليلة الماضية ألغت الولايات المتحدة العقوبات التي فرضها دونالد ترامب على إيران المعروفة باسم «سناب باك» وأبلغت مجلس الأمن بذلك فيما تستعدّ واشنطن لاستئناف المفاوضات مع إيران حال التزامها الاتفاق النووي. وذكر نائب المندوبة الأميركية الدائمة لدى الامم المتحدة ريتشارد ميلز انّ الولايات المتحدة سحبت خطابيها الموجّهين إلى مجلس الامن بتاريخ ٢١ آب و ٢١ أيلول الماضيين بخصوص تفعيل آلية «سناب باك».
وكانت هذه العقوبات التي فرضها ترامب تستهدف خنق الاقتصاد الإيراني والحدّ من نفوذ إيران الإقليمي.
وفي العشرين من الشهر الماضي بدأت إدارة بايدن باتخاذ خطوات ملموسة للعودة الى الاتفاق النووي. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنها ستقبل دعوة الممثل الأعلى للسياسات الخارجية والأمن في الاتحاد الاوروبي للمشاركة في اجتماع دول مجموعة ٥+١ بحضور إيران لمناقشة الخطوات الديبلوماسية المتعلقة ببرنامج طهران النووي، وان الولايات المتحدة جاهزة للمشاركة في هذا الاجتماع لتكون الخطوة الأولى من قبلنا على أن تكون الخطوة التالية على إيران. وفهم انّ الرئيس بايدن لم يبلغ نتنياهو مباشرة بمثل هذه الخطوة.
وأوردت وكالة فارس الإيرانية صباح الجمعة تغريدة لوزير الخارجية محمد جواد ظريف قال فيها: بدلاً من التفلسف وإلقاء المسؤولية على إيران ينبغي على الترويكا الأوروبية تنفيذ التزاماتها وان يطلبوا إنهاء إرث الإرهاب الاقتصادي لترامب ضدّ إيران، وانّ إجراءات إيران التعويضية هي ردّ على انتهاكات الولايات المتحدة وان كنتم تخشون المعلول فاحذفوا العلة وإيران ستردّ على كلّ خطوة ايجابية بخطوة مثلها.