مَن قتل لقمان سليم؟
يجب أن تكون التجارب قد علّمتنا أن لا نقابل الاتهام السياسي بمثله، فهو الذي يستثمر على الدماء بارتكاب جريمة لا تقلّ عن جريمة القتل نفسها لتحقيق أهداف ربما تكون الجريمة مصمّمة لتحقيقها، ويكمل عبرها أصحاب الاتهام العمل الإجراميّ بتحقيق أهدافه، وأن نسعى للتعلم بأن الإجماع المطلوب يجب أن يبقى تحت عنوان رفض الجريمة وإدانتها ودعم التحقيق لكشف الحقيقة.
– يجب أن نتعلم أن شعور مؤيدي الناشط لقمان سليم في عدائه لحزب الله بأنهم أهل الدم، لا يعطيهم أي تفوق على مؤيدي حزب الله في إدانة الجريمة ولا يخوّلهم باسم ولاية الدم السياسية الحق بتوجيه الاتهامات، والكلام عن أن سليم حمل مسؤولية ما يصيبه لحزب الله كلام سياسيّ لا قيمة له إلا إذا رأى التحقيق عكس ذلك، وقد جرب اللبنانيون في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وفعل أهل الدم عائلياً وسياسياً سقف ما يمكن فعله في الاستثمار السياسي، فضاعت حقيقة الاغتيال في شهود الزور، ونقل الاتهام من جهة إلى جهة غب الطلب، مقابل الحصول بقوة استثمار الدم على مكاسب في السلطة، ولكن ماذا بقي منها اليوم؟
– يجب أن نتعلم أيضاً أن شعور جمهور حزب الله بظلم الاتهام لا يمنحه تفوقاً يبيح الشماتة أو توجيه اتهامات موازية في مَن يقف وراء الجريمة، فالمنطقة ولبنان في حالة سيولة وخلط أوراق، ما يتيح استنتاجات سياسية حول وجود فريق مأزوم من متغيرات مقبلة، وقد تدفعه حال الشعور بالاختناق الى ارتكاب حماقات منها جرائم اغتيال لمن كان يسميهم حلفاء، لكن هذه الحالة تفتح الطريق لأطراف ثالثة اعتبارات أمنية أو جرمية لارتكاب جرائم يتبادل الخصوم فيها الاتهامات.
– إدانة الجريمة واستنكارها واجب، لأن الحق المقدس للجميع هو حرية التعبير مهما أساء بعضهم استعمالها، وطريق الحقيقة والعدالة يجب أن يكون مطلباً جامعاً والقضاء هو الجهة الوحيدة المخوّلة بتوجيه الاتهامات، وأصحاب نظريات التدويل يجب ان يدركوا أن أحداً في العالم لا يبني خطواته على غير المصالح، وقد جرّبنا التحقيق الدولي والمحكمة الدولية وآن الأوان أن نكون قد تعلمنا.
– في اغتيال الرئيس الحريري ساعدت حالة الذهول التي رافقت الجريمة لدى فريق المقاومة وحلفائه إلى نجاح خصومه بالإمساك بزمام المبادرة ووضعه في موقع تقديم التنازلات لإثبات البراءة وحسن النية، لكن يجب أن نكون قد تعلمنا بأن الفجور عملية تمثيلية مصطنعة وليس حزناً وتفجعاً على الضحية، كما أن نتعلم بأن حسن النيات له ترجمة واحدة، مطالبة القضاء بوضع اليد سريعاً على القضية وبالتوازي دعوته إلى إسكات كل متبرّع بتوجيه الاتهام بصفته متدخلاً للتأثير على التحقيق.