وثائقيّ يفضح تجسس السعودية على حسابات المعارضين.. إلى متى يستمر جبروت آل سعود؟
لا يخفى على أحد أنّ ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، قد تفرغ إلى ناشطي المعارضة، بعد أن تخلص من أبرز منافسيه، من خلال حملات الاعتقالات التي شملت أهم وأبرز الأمراء وكبار المسؤولين في البلاد، إضافة إلى مجموعة من الوزراء الحاليين والسابقين وبعض رجال الأعمال، كما وسعت سلطات آل سعود حملة الاعتقالات، لتشمل دعاة وعلماء وسياسيين وتجار.
ولم تستثن الأقرباء المنافسين لولي العهد كأبناء عمومته وأبنائهم وأسرهم، ولأن العائلة المالكة في السعودية ترتعب من أدنى انتقاد لها على مواقع التواصل الاجتماعيّ، لا توفر جهداً في التجسس على حسابات المستخدمين، ومؤخراً نقلت مواقع إخباريّة أنّ نشطاء سعوديين يعتزمون نشر فيلم وثائقيّ حول تجسس السلطات السعودية على موقع التواصل الاجتماعيّ "تويتر"، واختراق حسابات لمعارضين، وكانت الرياض عبر عملاء لها داخل شركة تويتر، تمكنت من كشف آلاف الحسابات التي تنتقد النظام السعوديّ وأفراداً في عائلة آل سعود، وهو ما دفع العديد من النشطاء إلى رفع دعاوى ضد الانقلابيّ محمد بن سلمان، ومسؤولين استخباراتيين في المحاكم الأمريكيّة.
دعوى ضد تويتر
بالتزامن مع إصرار سلطات البلاد على الاستمرار بنهج الاعتقالات التعسفيّة والانتهاكات ضد النشطاء المعارضين ودعاة الإصلاح، وما يرافقها من سلوك قمعيّ بأوامر من محمد بن سلمان ضد المواطنين، كشف موقع "بيزنيس إنسايدر"، عن دعاوى قضائيّة رفعها المعارض السعوديّ، علي الأحمد، في محكمة بولاية نيويورك الأمريكيّة على شركة تويتر، مطالباً بتعويضات على خلفية تسريب بيانات من الشركة عام 2016 تسببت في مقتل عدد من الناشطين واعتقال آخرين في بلاد الحرمين.
واعتبر المعارض السعوديّ المقيم في الولايات المتحدة والذي نجى من محاولات اغتيال عدة من قبل النظام السعوديّ، أنّ عدم حفاظ شركة تويتر على خصوصيّة مستخدميها أدى إلى مقتل وتعذيب نشطاء ومستخدمين داخل السعودية، وأكّد علي الأحمد في الدعوى القضائيّة أنّه يعرف بعض الضحايا الذين لقوا حتفهم في المملكة، بعد الكشف عن بياناتهم، وأنّ عدداً منهم تعرض للتعذيب، في حين يقبع آخرون في السجون منذ ذلك الحين.
ويشير المعارض السعوديّ إلى إنّ عدم كفاءة منصة تويتر، سمح بعمليات اختراق لحسابات بعض المغردين السعوديين المعارضين للنظام الحاكم، ما تسبب في الكشف عن أرقام هواتفهم وعناوين بريدهم الإلكترونيّة، الشيء الذي مكن السلطات السعودية من التعرف عليهم لإسكات أصواتهم للأبد.
ووفق مواقع إخباريّة نقلاً عن منظمات حقوقيّة، فإنّ السلطات السعودية اعتقلت 6 مواطنين كانوا يديرون حسابات عبر تويتر بهويات مخفيّة، وكشفت النقاب عن أنّ المستشار السابق في الديوان الملكيّ السعودي، سعود القحطاني، هدد المعارضين بأنّ حكومة المملكة لديها طرقها للوصول إلى أصحاب الحسابات الوهميّة.
ومن الجدير بالذكر، أنّ المحاكم الأمريكيّة ستحاكم الموظف السابق في تويتر، أحمد أبو عمو، مع شخصين آخرين هما "علي آل زبارة وأحمد الجبرين"، بتهمة التجسس على الشركة، حيث وجهت وزارة العدل الأمريكية اتهامات إلى أبو عمو منها العمل لمصلحة حكومة أجنبيّة بشكل غير مشروع، وغسل الأموال، والتخريب، والتملك غير القانونيّ، وتغيير أو تزوير السجلات أثناء تحقيق فدراليّ.
نهج سعوديّ
لم تترك المنظمات الدوليّة المعنيّة بحقوق الإنسان، كلمة تنديد إلا واستخدمتها في بياناتها المتعلقة بحقوق الإنسان وحريّة الرأي والتعبير في مملكة آل سعود، ومع ذلك تصر سلطات البلاد على الاستمرار بنهج الاعتقالات التعسفيّة والانتهاكات ضد النشطاء المعارضين ودعاة الإصلاح، وقد ملّت المنظمات من كثرة ما انتقدت السلوك القمعيّ لسلطات محمد بن سلمان ضد المواطنين، فيما أكّد ناشطون سعوديون أنّ الأوامر التي تتلقاها الأجهزة الأمنيّة تأتي بشكل مباشر من ولي العهد.
وفي هذا الصدد، اعتبرت المنظمات الدوليّة، أنّ الاعتقالات داخل مملكة آل سعود تتم دون التقيد بالإجراءات القانونيّة والقضائيّة، ناهيك عن منع المعتقلين من أبسط حقوقهم في العلاج والرعاية الصحيّة مع غياب كامل لتقديمهم إلى محاكم عادلة، وقد أشارت المنظمة الأوروبيّة السعوديّة لحقوق الإنسان، في وقت سابق، إلى أنّ السلطات السعودية تواصل احتجاز جثامين عشرات المواطنين الذين جرى قتلهم دون محاكمات قضائيّة أو نفذت في حقِّهم عمليات إعدام تعسفيّة، ودعت المنظمة سلطات البلاد إلى الاستجابة لمطالب أسرهم وتسليمهم جثامين أبنائهم بشكل فوريّ.
إضافة إلى ذلك، مراراً أوضحت صفحة "معتقلي الرأي" السعوديّة، عبر تويتر، أنّ السلطات السعوديّة نفذت حملة اعتقالات واسعة بحق أهالي النشطاء المعارضين في البلاد، مؤكّدة أنّ الأجهزة القمعيّة التابعة لولي العهد، نفذت عمليات اعتقال ضد أفراد من عائلات الناشطين الذين يقطنون خارج البلاد، وبيّنت الصفحة أنّه تم فصل العديد من الأشخاص من عملهم بسبب صلة القرابة بينهم وبين أولئك الناشطين، موضحة أنّ بعض الأشخاص الآخرين قد تلقوا تهديدات بالفصل من العمل بشكل قريب، لوجود أقارب لهم خارج المملكة، رغم عدم وجود أيّ صلة لهم بنشاطات المعارضة.
وما ينبغي ذكره، أنّ الصفحات المعنيّة بحريات الرأي والتعبير السعوديّة، وجهت نداءً لكل الذين تعرضوا للابتزاز من قبل الأجهزة الأمنيّة إما من خلال التحقيق أو عند الاعتقال أو من تم فصلهم من وظائفهم، أن يكشفوا بشكل عاجل عما جرى معهم، لأنّ الصمت عن القمع والاستبداد والانتهاكات سيعمق المسألة ويزيد طينها بلة، وفق وصفهم.
أكثر من ذلك؛ نشرت وكالة "بلومبيرغ"، في وقت سابق، تقريراً مفصلاً حول تورط سلطات آل سعود بعمليات الاختراق التي تعرض لها موقع "تويتر"، قبل عدة سنوات، ووصول الأجهزة الأمنيّة إلى بيانات خصوصية تتعلق بالمواطنين، استخدمتها لاعتقال أشخاص منتقدين لنظامها الحاكم، وعلى هذا الأساس تمكن سعوديان اثنان من موظفي موقع تويتر، من اختراق أكثر من 6000 حساب شخصيّ، أثناء عملهم التجسسيّ لمصلحة محمد بن سلمان.
ومن الجدير بالذكر، أنّ سلطات محمد بن سلمان صعدت من حملات الاعتقال ضد النشطاء في بلاد الحرمين، وخاصة بعد الغضب الشعبيّ على مواقع التواصل الاجتماعيّ، حيث اعتبر بعض الناشطين والمغردين أنّ سلطات آل سعود لا تفهم إلا لغة القوة، مؤكّدين على أنّ الوصول لهدفهم يكون من خلال توحيد الكلمة وأن يكونوا يداً واحدة، معتبرين أنّ الوقت قد حان لتغيير أساليب المناشدة والمطالبة، لأنّ النظام السعوديّ يستند في قوته وعناده على خوف الناس الوهميّ.
الوقت-