من يعادي آل علي بناره يصطلي
حسين شريعتمداري
انفعل الرئيس الاميركي "دونالد ترامب" خلال حديث اذاعي مع "راش ليمبو" يوم الجمعة الماضية فاستخدم الفاظا بذيئة غير مسبوقة وخارج حدود الخطاب السياسي التقليدي، موجها كلامه لايران بالقول؛ "ان ايران تعرف ذلك، وقد تم إخطارهم اذا (الفاظ بذيئة)، وفعلتم شيئا سيئا لنا، فسنفعل اشياء لم تفعل من قبل"!
ولنا تعليق حول الموضوع:
1 ـ يقول ترامب اذا فعلت ايران شيئا سيئا لنا... اي هو مرعوب من تهديد ايران بالانتقام.
ولذا فان تهديده في الظاهر لدليل خوفه من تهديد ايران بانتقامها من قتلة الشهيد سليماني وابو مهدي، انتقاما قاسيا، وان ترامب يعلم ان تهديد ايران يختلف عن التهديد الاميركي الاجوف.
2 ـ إن الالفاظ البذيئة التي استخدمها ترامب والتي استرعت اهتمام الاعلام الاميركي والاوروبي، مما تعكس حالة الانفعال الاميركي في مواجهة ايران. فليس خافياً حتى على المسؤولين رفيعي المستوى الاميركيين والخبراء المرموقين الظروف الحالية التي تمر بها والازمات الحادة التي تواجه اميركا،، مما يدلل على اندراجها في قوس نزولي.
3 ـ ان اميركا تمر اليوم بازمات متراكمة ومعقدة بدءا بانتشار وباء كورونا، ومرورا بالديون الثقيلة بعشرات الترليونات من الدولارات، وكارثة اقتصادية ـ حسب مركز معلومات المكتب التحقيقي الاقتصادي الاميركي ـ لم يسبق لها مثيل خلال تسعين عاما مضت.
فمن تراجع معدل الانتاج القومي بمستوى 33%، الى الجوع والبطالة، والعصيان العام ضد النظام الرأسمالي والعنصرية، والاشد هو احتمال نشوب حرب داخلية بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية، وهو ما اتفق عليه المراقبون. حتى ان لجنة العلاقات الخارجية الاميركية قد اعلنت قبل ايام بان خطر الحرب الداخلية تزداد ارجحيته. وعشرات الحالات الاخرى... رفع الله من مكانة سماحة الامام الخميني(ره)، فقد شبّه اميركا بالاسد العجوز الذي تساقطت مخالبه وانيابه فيما زئيره المكرر دليل خوفه لا قدرته!
4 ـ ما يقرب من 41 عاما وتمضي اميركا وحلفاؤها الغربيون والعبريون والعرب في بذل كل السعي لمواجهة الجمهورية الاسلامية في ايران، ووظفت لهذا الهدف جميع قدراتها العسكرية والسياسية والاقتصادية. وان لم تكن هذه المواجهة دون خسائر بالنسبة لايران إلا انه خلال 41 عاما تعاظمت قدرات الجمهورية الاسلامية فيما تراجعت قدرات اميركا، اذ حسب الخبير الاقتصادي واستاذ جامعة ماساجوست، "ريتشارد وولف" فان اميركا قد فشلت امام ايران، الا ان المسؤولين الاميركيين لا يجرأون الاعتراف بهذه الحقيقة.
5 ـ وكما تفضل سماحة قائد الثورة خلال مراسم تخرج طلبة الكلية العسكرية، بالقول: "وبالطبع ينبغي عدم التغافل عن المخططات الخبيثة لاميركا. فالعقوبات الخبيثة المفروضة علينا هي من الجرائم الحقيقية. وبدورنا سنقاوم ونصمد، وان شاء الله تستبدل الضغوط القصوى الى حسرات اقصى بالنسبة لاميركا، سنفعل نحن ذلك بفضل الله وسنجعلها تندم على افعالها، ولكنها ماضية على نهجها الاجرامي، فما يفعلونه هو الجرم بعينه. فالرئيس الاميركي يعلوه السرور بان عمد الى فرض عقوبات قصوى واحرج الاقتصاد الايراني. فهذا العمل جريمة ولا يفتخر بهذه الجرائم سوى الاشخاص الحقيرين، فهذا ليس من موارد الفخر، حين ترتكب جريمة ضد شعب بكامله! هذا اولا وثانيا، ان وضعكم سيئ جدا، اذ ان اميركا تعاني من عجز بالميزانية تقدر بآلاف المليارات الدولارات، اضافة الى عشرات الملايين من الجوعى والمشردين والعوائل الاميركية التي تعاني الامرين وتعيش تحت خط الفقر ـ إذ أن إحصاءاتهم تدل على ذلك ـ ومع مرور الايام يسوء الوضع الاقتصادي أكثر فاكثر، وتزداد المديونية. ثالثا، وسنتغلب ان شاء الله على المشاكل رغماً على المسؤولين الاميركيين الحقراء الخونة المجرمين، ونعمل على معالجة الاوضاع بقدرة ايماننا وعزم وطني شامل".
6 ـ ان الحسابات السياسية المطروحة رغم ضرورتها وعدم امكان الاستغناء عنها، الا انه في عالم الخلقة والنظام التكويني هنالك معادلات اخرى هي الاخرى عقلائية رغم عدم دركها بالجوارح الظاهرية، مع ان الشعب الايراني قد خبرها خلال 41 عاما الماضية ليس لمرة ومرتين بل اعتاد عليها كل يوم، بان الحضور المستدام للثورة الاسلامية هي اجلى الامثلة على ذلك بالرغم من مسلسل العداء والاحقاد التي تصب من القوى الصغيرة والكبيرة في العالم. وما خطاب سماحة القائد خلال استقباله لاعضاء مجلس القيادة عام 2016، إلا لب هذا المعنى حين قال:
"انها قضية هامة جدا، ان يشعر الانسان ان الله معه، بان الله يحيط به، ومن ورائه، وان الله يتفقده، انه لامر مهم للغاية! فالله هو مركز القدرة ومركز العزة. فحين يكون الله مع كتلة معينة فان هذه الكتلة منتصرة دون ادنى شك".
وعلى اعتاب ذكرى شهادة الامام الرضا(ع) نعرج على ذكر حادثة تعج بالعبر وقعت عام 1912 نشير اليها!
7 ـ في مارس 1912 /1330 هجرية، قصف الجيش الروسي المرقد الرضوي المقدس، واصبحت مدينة مشهد ميدانا لتدخلهم السافر بذريعة الحفاظ على ارواح الرعايا الروس واعادة الامن للمدينة، فاصابت الضريح المقدس وبعض الابنية العائدة له، فاستشهد مائة من الزوار واصيب العديد بجروح بليغة.
السيد اشرف الدين الحسيني (مسؤول نشرة نسيم الشمال) نظم هذه الابيات في تلك الايام مخاطبا نيكولاي:
سرحتُ بخيالي أمس دون درايه
فنظمت شعراً بالبداهة عن الولايه
فطرت نحو خراسان لأنعم بزياره
رمقت عيناي ضريح إمام الهدايه
فمن يعادي آل علي بناره يصطلي
من عادى هذه السلاله
سيكون مصيره سقر لامحاله
ولم تمض على الحادثة الفجيعة إلا ايام معدودة، حتى اصطلم البلاء الالهي القائد الروسي نيكولاي وسبعمائة من مجنديه الذين شاركوا في قصف الضريح المقدس بالمدفعية، فكان هلاكهم بشكل مروع عبرة لمن اعتبر ودرسا بليغا لكل معتد اثيم.
ومن يعلم لربما يساق ترامب الى جهنم قبل ان يشارك في الانتخابات الرئاسية الاميركية المرتقبة، اذ ان تبجحه باصدار امر قتل الشهيدين الحاج قاسم سليماني وابو مهدي المهندس، ستكون دائرة السوء التي تدور عليه وعلى كل ظالم جبار؟