كوفيد-19 إندمج بكوفيد-20، فاهتزّت أميركا ...
علي عبادي
هل أصيب دونالد ترامب بفيروس كوفيد- 19، أم انه تكتيك لجأ اليه قبل اسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية الاميركية للتهرب من بقية المناظرات التي تجمعه بمنافسه جو بايدن ولاستعطاف ناخبيه المحبطين من أدائه في أزمة الفيروس؟
المناظرة الأولى بين الرجلين أضرّت بترامب، وفق استطلاعات رأي أعقبتها، والرئيس الأميركي المتشبث بالسلطة يخشى مناظرة جديدة، خاصة إذا كان موضوعها المقبل طريقة تعامل إدارته مع فيروس كورونا. والإعلان عن إصابة ترامب سيلغي على الأرجح برنامج المناظرات الرئاسية، وهذا ما فُهم من كلام زوجته عن إلغاء جميع النشاطات في فترة الحجر. وبحسب معلومات صحفية أميركية، فإن اللجنة المنظّمة للمناظرات قررت إحداث تغييرات على طريقة إدارتها بعد الفوضى التي شهدتها الجولة الأولى، الأمر الذي يعترض ترامب عليه، وهو الذي أظهر شراسة في مواجهة بايدن، محاولاً السيطرة على المسرح وعدم إفساح المجال أمام الأخير للتحدث.
كوفيد-19 إندمج بكوفيد-20، فاهتزّت أميركا ...
في وسع ترامب "المصاب" أن يثير الآن نوعاً من الغموض وربما الإستعطاف في ما تبقى من أسابيع فاصلة، بعدما اكتسب صفات القساوة والصلافة طوال ولايته الأولى، لاسيما خلال هبوب وباء كوفيد 19 على بلاده، حيث بدا عديم العاطفة وغير متفاعل مع معاناة شعبه، وكان جلّ همّه دفع التهمة عن نفسه ورميها على الصين بالتسبب بالفيروس، وعلى حكام الولايات الديمقراطيين بالتقصير.
الغريب ان الإعلان عن اصابة ترامب جاء قبل أسابيع قليلة فقط من الانتخابات، علماً انه قضى أشهراً من هذه السنة وهو يتجول بين الناس بدون قناع حماية، الأمر الذي أثار التساؤلات في حينه حول اسباب عدم إصابته وثقته الزائدة بنفسه.
إحتمال أن يكون ترامب "يُتكتك" إنتخابياً ويستغل حتى الفيروس للبقاء في السلطة وارد، لكن اذا كان ترامب قد أصيب فعلاً بفيروس كورونا فقد يكون ذلك مخرجاً مناسباً (وربما مقصوداً؟) للتخلص من عبئه الثقيل على أميركا كـ "دولة قائدة" ومجتمع منقسم على نفسه. من الواضح أن سيئات ترامب أضحت أكثر من حسناته في ميزان كثير من الأميركيين، وقسم منهم جمهوريون يرون فيه مجرد وُصولي مشبع بتعظيم نفسه واحتقار الآخرين، ويشكل خطراً داهماً على المؤسسات الأميركية الناظمة للعلاقات بين السلطات ويحاول استخدام كل الطرق للبقاء في منصبه وبأي ثمن، حتى لو تطلب ذلك إشعال حرب أهلية عن طريق الإستعانة بالمليشيات المسلحة من البيض المتطرفين.
ترامب أصبح فيروساً حقيقياً في قلب النظام الاميركي، بعدما نما وتوسع في أحشاء تناقضاته والحسابات الحزبية والعرقية الضيقة. وإصابة ترامب بالفيروس هي بمثابة اتحاد بين كوفيد-19 وكوفيد-20 (ترامب)، والأخير هو الفيروس الأشد خطورة على أميركا، كما يعتقد الكثير من الأميركيين الذين يتوجسون من انتخابات 3 تشرين الثاني/ نوفمبر. فهل يكون الفيروس الذي استخف به ترامب في فترة ظهوره الأولى سبباً لإزاحته من المشهد السياسي، وهل يكون ذلك بفعل فاعل تلافياً لمزيد من التصدع في قوة أميركا داخلياً وخارجياً، أم ان ترامب يعرف كيف يستغل الفيروس لإنعاش حظوظه الانتخابية؟