إلامَ تمتد الأيدي خِلسة؟!
حسين شريعتمداري
1ـ "ما رامه أمير المؤمنين عليه السلام في مقولته الشهيرة (ما رايت نعمة موفورة إلا وفي جانبها حق مضيَّع)، يتطابق وحال رجال الدولة والمسؤولين في الحكومات عندما يستغلون مواقعهم الادارية ونفوذهم في مراكز القرار، ليستفيدوا من الامكانات العامة بيسر؛ فيحصلوا على قروض مصرفية، ووظائف متعددة، وحصر الاستفادة من الارض والماء والهواء، والقبض على المتاجر ما هو للتصدير او الاستيراد ، واذا نجد، من كان خالي الوفاض من حظوظ الدنيا، تمتلئ جيوبه بثروة طائلة". [جانبا من توجيهات سماحة قائد الثورة في 21 اكتوبر 2002].
وليس يقتصر الامر على ما افاد به امير المؤمنين عليه السلام بان تكديس الثروات مرهون باضاعة حقوق الاخرين، بل ان التفاتة لمضان الثروات غير الشرعية تكشف لنا انه اذا لم يهدر حق لا تتكدس الثروات.
2 ـ وتمر علينا اليوم ظروف صعبة لتشمل مشاكل السكن، والبطالة، والغلاء المستفحل، وارتفاع اسعار السلع والخدمات ومشاكل اخرى معيشية، فهي ليست تعصر الطبقة الضعيفة من المجتمع وحسب، بل تفاقمت الامور لتنسحب على ذوي الدخل المتوسط ليعانوا كما تعاني الطبقة المتدنية من المجتمع، ومع ذلك نشهد انتفاخ سوق المفسدين اقتصاديا الذين اعتاشوا على قوت الشعب كمصاصي الدماء.
ونستمع لعبارات حكيمة لسماحة قائد الثورة: "لقد قلت مرارا للمسؤولين، واكدت عليهم، واقولها مرة اخرى وانا عند اثر كلمتي؛ ينبغي مواجهة الفساد في مرافق الحكومة وسائر دوائر الدولة. وان يتصدى مسؤولو السلطات المختلفة لهذه المواجهة. ففي الوهلة الاولى لابد من القضاء على الفساد في الحكومة من قبل نفس المسؤولين الحكوميين والوزراء والمدراء رفيعي المستوى، بان لا يسمحوا بتفشي الفساد في دوائرهم. فان اراد هؤلاء ان يخوضوا المعركة ويتصدوا بجدية للفساد، فانهم افضل من اي شخص آخر في تشخيص الداء، وبالطبع ينبغي ان يلتفتوا الى طهارة حواشيهم".
3 ـ حقائق تستحق التمعن؛ ان ايران هي البلد الثاني عالميا بتمكنه صنع صمامات القلب. وهي ثاني بلد في معالجة الثلاسميه بطريقة استبدال مخ العظام، وثالث دولة في انتاج اعمدة نقل الكهرباء، والعاشر عالميا في تقنية الليزر. والدولة الثانية عالميا في انتاج العلاج بالنانو، والرابعة في انتاج الاتانول، والثالثة في تاسيس السدود، والتاسعة عالميا في امتلاك دورة كاملة لتقنية الفضاء. والثانية في امتلاك تقنية انتاج الطائرات المسيرة التي لا تصيدها الرادارات. والاولى عالميا في انتاج الزرع البايولوجي. رابع دولة عالميا بامتلاك الصواريخ المتطورة. وان ايران من ضمن عشر دول تصنع الغواصات في العالم. والمنتجة لاسرع غواصة لا يرصدها الرادار.
وتمتلك المنظومة الستراتيجية للاكتفاء الذاتي في انتاج البنزين. والخامسة في صنع الروبات الشبيه بالانسان. والدولة الرابعة في العالم التي تمتلك تقنية صنع محطات شمسية. والاولى في غرب آسيا بصناعة مفتاح تشغيل الطائرات، ورابع دولة في العالم في الاقتدار البحري و... وهذه الارقام جزء من مكتسبات محيرة امضاها شبابنا ومفكري ايران الاسلامية، وقد احرزت رغم العقوبات المفروضة من قبل الاعداء ضد شعبنا والنظام الاسلامي.
4 ـ والان نلفت الانتباه الى سؤال يتم تداوله هذه الايام بين الناس ولكنه بقي دون اجابة واضحة. والسؤال هو؛ هل ان دولة بهذه المكتسبات العلمية المحيرة والتي اصبحت مضرب مثل، وشعب مضح يجعل كل ما هو مستحيل ممكنا، لا يستطيع ان يواجه ثلة من المفسدين الذين اعتادوا على الاكل الحرام؟! وهل ان شعبا وضع روحه على الاكف خلال 41 عاما للدفاع عن كيان الاسلام ومواجهة الظالمين المتنمرين في العالم، ومرغوا انوف اكابرهم بالتراب، لا يتمكن من وضع حد لاشخاص تلاعبوا بمقدرات الناس؟!
5 ـ ان محاكمة حيتان الفساد الاقتصادي لم يترك شكا بان نظام الجمهورية الاسلامية في ايران يتمتع بسلامة منظومته وله قدرات تضرب بها المثل في مواجهة قطاعي الطرق الذين ينهبون اموال الناس كما ان السلطة القضائية لا تفرق بين من هو اخ للمسؤول الفلاني رفيع المستوى او مسؤولي هذه المؤسسة او تلك او هذه الوزارة وغيرها، ولا يختلف عند الدولة هذا المسؤول عن سائر السراق وعصابات السلب.
الا ان الامر يتعلق في ضرورة ان تتحرك عجلات العربة بشكل منسجم، وان نشهد الحزم والاقدام بعدالة للجهاز القضائي في تغطية لجميع المراكز والاجهزة، وهو ما لا يتعمم للاسف الشديد.
اذ يتم التعاطي مع حيتان المفسدين الا انه في الجانب الاخر للمسألة نرى الغلاء المستشري بينما نرى ان جميع البائعين بالجملة والمفرد مشخصون. اذ يملك بعض المتمولين المنتفعين ملايين الوحدات السكنية الفارغة مما ينعكس على بدل الايجار كبيرا. كما وعمدت ثلة من الجشعين مصاصي الدماء لخفض سعر قيمة الريال الوطني ولا من يتعرض لهم، و...
6 ـ وكذلك هذه العبارات من كلام سماحة القائد؛ "ان المشاكل الاقتصادية وطرق حلها معلومة، وليس هناك ما لا علاج له في البلاد، وعلى المسؤولين في السلطات الثلاث ان يبذلوا جهودهم سوية وباعمال آراء الخبراء ليرفعوا عن كاهل الشعب جميع المشاكل والضغوط...
وان كل من يعلن اننا وصلنا الى طريق مسدود، اما جاهل او هو يتعمد في ذلك خيانة... فمشاكل البلد الاقتصادية لها سبل حل، وهي ليست بحيث يقدم الاعداء وبعض الذيليين في الداخل وعلى منصات الاعلام بالدعاية بخبث بان البلد قد وصل الى طريق مسدود، وان لا سبيل سوى اللجوء الى الشيطان الفلاني او الشيطان الاكبر".
وبالتالي يمكن اعتماد افواج التعبويين المنخرطين في مختلف صنوف المجتمع لمواجهة المفسدين المتغطرسين، وبدل ان نسمح لهذه الجراثيم الخبيثة بتلويث حياة الناس، لابد ان نضيق الخناق على هذه الثلة المفسدة ويتم القضاء عليها نهائيا.