kayhan.ir

رمز الخبر: 101829
تأريخ النشر : 2019September30 - 20:12

تجارة إيرانية- روسية بلا "سويفت".. هل تُغني العملات المحلية عن الدولار؟


زكريا ابو سليسل

دخول النظام الجديد حيّز التنفيذ سيؤدي مباشرة إلى رفع نسبة الصادرات الإيرانية للأسواق الروسية (من الويب)

رغم اشتداد قساوة الحرب الاقتصادية التي تشنّها واشنطن على طهران، إلا أن الأخيرة لم تتوقف عن السعي إلى تخفيف آثار تلك الحرب، فضلاً عن أنها بدأت باستغلال الضغط الأميركي لإجراء تغييرات في بنية الاقتصاد الإيراني، تُحرّره تدريجياً من التبعية للدولار الأميركي. أُولى خطوات هذا المسار جاءت عبر نظام مصرفي جديد بين روسيا وإيران، الأمر الذي يفتح الباب أمام السؤال عن مصير الدولار، في حال تعدّدت هذه الأنظمة الثنائية إقليمياً ودولياً.

لم تقتصر نقاشات قمة أنقرة التي استضاف فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نظيرَيه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني الشيخ حسن روحاني، على الشأن السوري. فاللقاءات الثنائية التي جمعت الرؤساء الثلاثة الأسبوع الماضي مثّلت فرصة لبحث ملفات مختلفة. الرئيس الإيراني لم يتأخر كثيراً في الكشف عن شيء من مباحثاته مع نظيره الروسي، إذ أعلن خلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء الإيراني الذي عُقد بعد يومين من لقاءات أنقرة استحداث طهران وموسكو نظاماً مالياً بديلاً من نظام «سويفت» العالمي. وتوقّع روحاني أن يُساهم هذا النظام في تسهيل العلاقات التجارية بين البلدين. ورأى أن التعاون الروسي - الإيراني يفتح المجال لمعركة جادّة في مواجهة الدولار الأميركي، إلى جانب مساهمته في تقويض هيمنة واشنطن على الأسواق المالية، والأنظمة المصرفية حول العالم. بَيد أن تحقيق هذا الأمر «يحتاج إلى بديل قوي يتمثل في عملة تستند إلى نظام سياسي واقتصادي قوي يتمتع بحضور عالمي»، وفق ما يعتقد الباحث الاقتصادي، مازن العجلة، الذي أشار في حديث إلى «الأخبار» إلى أن «حصة الدولار في احتياطيّات 146 بنكاً مركزياً على مستوى العالم بلغت 73% عام 2000، فيما تبلغ حالياً 64% من مجموع احتياطي العملات لتلك البنوك».

وعليه، فإن العجلة يخلص إلى أن «إقامة مؤسسات مالية إقليمية ودولية تُنهي نظام الهيمنة، إلى جانب التخفيف التدريجي والهادئ من احتياطيّات الدولار لصالح بدائل أخرى، قد يكونان أحد أنسب السبل نحو بناء نظام نقدي دولي جديد يُشكل الدولار إحدى ركائزه بدلاً من أن يكون المتحكّم به».النظام المالي بين البلدين يُعتبر مقدمة ضرورية للدخول في النظام المصرفي الأوراسي

الاتفاق الإيراني - الروسي أظهر وجود توجّهات لدى بعض الأطراف الإقليمية والدولية لتدشين تلك المؤسسات المذكورة ضمن هذه الرؤية، حيث تسعى موسكو وطهران لـ«إزالة الدولار من تعاملاتهما التجارية، والاستعاضة عنه بالعملات المحلية بين البلدين»، بحسب الخبير الاقتصادي الإيراني، صباح زنغنة، الذي يؤكد إلى«الأخبار» أن «هذا النظام المالي يشتمل على آلية للمقاصّة بحسب الفترة الزمنية المتفق عليها، فضلاً عن أنه يُراعي تقلّبات أسعار العملة». كما أن فوائده لا تقتصر على المستوى الاستراتيجي الهادف إلى خلق بدائل عالمية من الدولار، بل إن «دخول النظام الجديد حيز التنفيذ سيؤدي مباشرة إلى رفع نسبة الصادرات الإيرانية إلى الأسواق الروسية الكبيرة، خاصةً في المواد الغذائية والزراعية»، بحسب زنغنة، الأمر الذي سيُمكّن المُصدّرين الإيرانيين من جني عوائد أكبر قد تصل إلى الضعف خلال السنة الأولى. ويؤيد رئيس الغرفة التجارية المشتركة لإيران وروسيا، هادي تيزهوش تابان، في مقابلة مع صحيفة «آرمان ملي» الإصلاحية، ما يذهب إليه زنغنة، لافتاً إلى أن «إيران تُصدّر إلى روسيا سلعاً بقيمة 533 مليون دولار من إجمالي مليار و800 مليون معاملات تجارية بين البلدين، فيما تبلغ الواردات الروسية 282 مليار دولار، ما يُشكل فرصة لإيران كي ترفع حصتها في هذه السوق إلى أعلى من الحصة الحالية البالغة أقل من 1%».

من جانب آخر، يشير صباح زنغنة إلى أن هذا النظام المالي بين روسيا وإيران «يعتبر مقدمة ضرورية للدخول في النظام المصرفي الأوراسي، الذي يجمع بلدان أوراسيا التي أوضح الرئيس روحاني أن بإمكانها الانضمام مستقبلاً إلى هذا النظام المستحدَث». الإفصاح الإيراني عن التوجه إلى الانفتاح الاقتصادي على البلدان الأوراسية سُبق هذه المرة بإجراءات فعلية لزيادة حصة طهران في أسواق تلك البلدان، من خلال التوقيع أخيراً على اتفاقات للتجارة الحرة مع بعض دول أوراسيا. صحيفة «إيران» الحكومية، التي تحدثت عن هذه الإجراءات، كشفت بالأرقام كذلك نسب الحضور الإيراني في الأسواق المذكورة، حيث «تحوز صادرات إيران على 37% من السوق العراقية، و12.3% من السوق الأفغانية، و5.2% من السوق الباكستانية، و9.9% من السوق التركية، و3% من السوق العمانية، و1.7% من السوق الأذربيجانية، و0.7% من السوق الأرمينية، و25% من السوق الإماراتية، و0.05% من السوق البحرينية، و1.7% من السوق التركمانية، و0.5% من السوق الكازاخستانية، و0.9% من السوق القطرية، و1% من السوق الكويتية، مقابل 0% من السوق السعودية التي كانت تحوز فيها على 0.003% فقط قبل قطع العلاقات في عام 2016».

والجدير ذكره، أيضاً، أن تيزهوش تابان ربط نجاح المشروع الروسي - الإيراني بموقف البنك المركزي الإيراني، الذي لم يتأخر عن التعليق على هذا المستجدّ. إذ تُبع إعلان روحاني عن المشروع بتصريحات لمحافظ البنك، عبد الناصر همتي، تطابقت في مضمونها مع كلام روحاني، ما أدى إلى زيادة جرعة التفاؤل بنجاح هذا النظام، رغم العقوبات الأميركية التي طاولت البنك المركزي قبل أيام، والتي «ليست جديدة، كما أنها لا تستطيع التأثير على الترتيبات المتخذة بين روسيا وإيران»، وفق ما يرى زنغنة.