في ظل التحريض الإسرائيلي الأمريكي.. هل ستنجح إيران بإبرام اتفاق "عدم الاعتداء" مع دول الخليج الفارسي؟
عرفت الآونة الأخيرة، تحركات إيرانية متواصلة، مع العديد من الدول الخليجية،
في ظل التوتر المتصاعد في بحر الخليج الفارسي، وعرضت عقد اتفاقية "عدم
اعتداء"، وجددت استعدادها لفتح علاقات بناءة مع "دول الجوار".
وفي 26 أيار/ مايو الماضي، وأثناء زيارته للعراق، جدد وزير الخارجية الإيراني محمد
جواد ظريف، عرض بلاده بعقد اتفاق "عدم الاعتداء" مع الدول الخليجية،
وبناء علاقات متوازنة معها.والشهر الماضي، أعلن ظريف استعداد بلاده للحوار مع
السعودية، في حال كانت الأخيرة جاهزة لذلك.
وأضاف ظريف أنه "في حال غيرت السعودية والبحرين والإمارات سياساتها، وتوقفت
عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، فإننا مستعدون لإقامة علاقات جيدة معها".
والأحد الماضي، جدد رجل الدبلوماسية الإيرانية، خلال زيارته للكويت، دعوته لإجراء مفاوضات إقليمية وتوقيع معاهدة عدم اعتداء مع دول الجوار.
وتثار التساؤلات حول جدوى المقترح الإيراني، ومدى جديته، مع الدول الخليجية، التي تشهد العلاقات معها أزمة ثقة مستمرة منذ عقود.
وفي هذا السياق، قالت أستاذة العلوم السياسية في جامعة واشنطن، عبير الكايد، إن إيران تحاول ترميم العلاقات مع دول الخليج الفارسي، بسبب الارتباط الجغرافي والتاريخي بينهما، والذي يفرض عليها التقارب معهاأكثر.وأضافت في حديثها لـ"عربي21"، أن زيارة ظريف الأخيرة للكويت، جاءت لتعزيز التعاون العسكري والأمني والتجاري، والسعي لاحتواء التوتر في المنطقة، مشيرة إلى أن سياسة إيران الحالية تعتمد على التهدئة مع دول الخليج الفارسي والتصعيد مع الولايات المتحدة بذات الوقت.وأوضحت، أن إيران اتبعت سياسة الاحتواء لردات الفعل الخليجية المتذبذبة، والتي تأتي بحسب ما تمليه الإدارة الامريكية لها، فيما تسعى طهران لمحاولة العمل على السيطرة الشاملة على أي قرار خارجي يصدر لتلك الدول فيما يخص التوتر في مضيق هرمز.وأشارت إلى أن إيران تمكنت من القفز على الاستفزازات الأمريكية لها، من خلال إبقاء قنوات الحوار مع أوروبا، واحتوائها لدول الخليج الفارسي، وهذا تجلى في إبرامها اتفاقيات مع الإمارات للحفاظ على الأمن الملاحي في مضيق هرمز وبحر العرب.ورأت الكايد، أن السعودية والإمارات خسرتا المرهنة على العقوبات الأمريكية على طهران، وإرغامها للخضوع للموافقة على الجلوس على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة، والانصياع لشروطها.
واعتبرت أن أي تقارب خليجي مع إيران، قد ينهي الصراع بينهما، إلا أن ذلك لا
تريده الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتان تسعيان لإشعال وقود التوتر إلى ما
لانهاية، واستخدام إيران كفزاعة في المنطقة.
وأضافت، أن أي مصالحة بين دول الخليج الفارسي وإيران، تعد كارثة استراتيجية كبرى
للجانب الأمريكي الذي يحاول إشعال حرب خليجية ثالثة، بغرض تمكين دخول إسرائيل إلى
مياه الخليج الفارسي بحجة إنشاء التحالف الدولي لحماية الملاحة البحرية.
ولفتت إلى أن دول الخليج الفارسي لا ترغب لأي حرب أو مواجهة عسكرية مع طهران، في
ظل النفوذ الإيراني في سوريا والعراق واليمن، مضيفة أن اتفاقية عدم الاعتداء، تصب
في مصلحة الدول الخليجية.
بدوره قال المختص بالشأن الإيراني، عدنان زماني، أن التحركات التي يقودها ظريف،
تأتي كمحاولة لتحقيق غايتين أساسيتين؛ الأولى: موجهة إلى الدول الإقليمية مفادها
بأن التفاهم وإبرام الاتفاقيات بين الدول المتجاورة ممكن رغم وجود الخلافات
السياسية، ذلك أن مثل هذه الاتفاقية من شأنها تخفيف حدة التوترات والتجاذبات
الإقليمية وتحقيق أمن كل الأطراف.أما الغاية الثانية، فإن طهران من خلال طرح هذه
الاتفاقية، تخاطب الدول الغربية التي ترفض حضورها غير المشروع في الخليج الفارسي.
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أنه على الدول الأجنبية المتواجدة في الخليج
الفارسي، تدارك أن إيران وجيرانها، هم وحدهم من يستطيعون حماية المنطقة ومنع أي
اعتداء أو صدام عسكري فيها، ولا حاجة لأي أطراف غربية في بحر الخليج الفارسي.
وحول التحرك الإيراني الدبلوماسي في منطقة الخليج الفارسي، وآخره بالكويت، رأى
زماني، أن طهران، لم تحقق بعد نجاحا كبيرا على مستوى علاقتها مع دول الجوار
الخليجي، لافتا إلى أن علاقاتها مع عمان وقطر والكويت جيدة، وأن تطبيع العلاقات مع
دول الخليج الفارسي لا يتم عمليا إلا من خلال بوابة السعودية التي لديها علاقات
متشنجة مع إيران.وأكد على أنه في ظل عدم إحراز أي تقدم في العلاقات السعودية
الإيرانية، يبطل الحديث عن علاقات إيرانية خليجية.ورأى الكاتب الإيراني، أن إحراز
تقدم في العلاقات الخليجية الإيرانية، يؤثر بشكل سلبي على الخطط الأمريكية والدول
الفاعلة في الملفات الإقليمية.
واستطرد بأن إحراز أي تقدم بالعلاقات، يصعب مهمة واشنطن التي تسعى لإبعاد الأطراف
الإقليمية عن أي مصالحة، لأنها تجد نفسها عندئذ مع جيران متصالحين ليسوا بحاجة إلى
السلاح أو الحضور العسكري الأمريكي في المنطقة، بحجة مواجهة التهديد الإيراني
لحلفاء واشنطن في الخليج الفارسي.
واستبعد زماني، عقد اتفاق "عدم الاعتداء" بين إيران والدول الخليجية،
بسبب فقدان الثقة بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة، وإيران التي تعاني من
ذات المعضلة بعد عقود من الصدام، وبالتالي فإن التراكمات السلبية في العلاقات،
ستضاعف من صعوبة تطبيع العلاقات وإبرام الاتفاقيات بينهم.