جرائم العنصرية في الولايات المتحدة..ما دور ترامب؟
حسين موسوي
لا يمكن القول ان العنصرية في الولايات المتحدة هي نتيجة وجود دونالد ترامب في البيت الابيض، فهذه الظاهرة البشعة يعاني منها المجتمع الاميركي منذ عقود كثيرة. بل يمكن القول ان نشوء الولايات المتحدة كان في جزء كبير منه قائما على العنصرية التي تمثلت بالابادة الجماعية للسكان الاصليين والتي اودت بحياة الملايين منهم.
لكن مع وصول ترامب الى البيت الابيض وفي ظل التطورات والاحداث والتطور التكنولوجي الذي يشهده العالم، فان العنصرية تأخذ منحى اخر لاسيما واننا نعيش في القرن الحادي والعشرين حيث من المفترض ان تحظى حقوق الانسان برعاية وضمانات اكبر.
حادثا اطلاق النار في اوهايو وال باسو ليسا الاخيرين، لكن لهما دلالات كثيرة يمكن وضعها في خانة الغطاء الرسمي للعنصرية وهو ما لم يكن يجرؤ اي من الرؤساء الاميركيين في العقود الاخيرة على تبنيه.
يمكن الحديث هنا عن بداية الأحداث في عهد ترامب وهي هجوم "شارلوتسفيل" عام 2017 والذي اخرج ما يعرف باليمين المتطرف واصحاب نظرية تفوق العرق الابيض الى العلن دون اي تبعات سلبية او ملاحقات. وما ساهم في اعطاء احساس الأمان لإصحاب هذه النظرية موقف ترامب من احداث اب اغسطس ذلك العام، ووصفه لانصار اليمين المتطرف بالناس الجيدين. وهنا بدأت تتطور نشاطات اليمين المتطرف بعد حصوله على الحماية الضمنية من اعلى منصب في البلاد.
ومرورا بأحداث عديدة من هذا النوع، يمكن القول ان العنف العنصري في الولايات المتحدة بدأ يأخذ منحى تصاعديا متسلحا بمواقف مؤيدة من ترامب وفريقه، وبقرارات يتخذها الرئيس الاميركي تشجع على العنف. وهذه القرارات تسمح للعنصريين بالاقدام على اعمال قد تصل الى اكثر من هجومي اوهايو وال باسو، ومن يتابع المواقع الاميركية والصفحات الاميركية على مواقع التواصل الاجتماعي يكتشف تزايد حوادث العنف بخلفيات عنصرية. وهذه العنصرية لا تطال مكونا واحدا، بل هي موجهة ضد ذوي البشرة السمراء، واللاتينيين والاسيويين والعرب.
ومن دلائل وصول هذه العنصرية الى مراحل متقدمة هو اتساع نطاقها لتشمل ايضا مسؤوليين رسميين واعضاء في الكونغرس، من قبيل الديمقراطية الهان عمر وزميلتها رشيدة طليب والكساندريا اوكاسيو كورتيز. والهان عمر تلقت تهديدات بالقتل والسبب ليس فقط شعور العنصرية والكراهية لدى اصحاب نظرية التفوق الابيض بل كانت الى حد بعيد نتيجة مواقف وتصريحات وتغريدات لترامب ضد الهان عمر وزميلاتها، وهذا يكشف الدور الذي يلعبه ترامب في تغذية هذه الظاهرة التي من المؤكد ان تبعاتها لن تقتصر على حادثة اطلاق نار هنا او تهديدات بالقتل هناك.
ومن مؤشرات تنامي هذه الظاهرة، اعتماد ترامب عليها للحصول على الاصوات في الانتخابات، وهو الذي حصل على اصوات انصار اليمين المتطرف بسبب مواقفه المناهضة للاجانب والمتبنية للكراهية ضد الاجنبي في الولايات المتحدة، اضافة الى قراراته التي تستهدف المهاجرين من الدول اللاتينية الجارة.
لكن ما يمكن تصوره من الان هو ان اعطاء الغطاء الرسمي والسياسي للعنصرية في الولايات المتحدة سيفتح الباب واسعا امام احتمال عودة البلاد الى بدايات القرن الماضي، وهذه المرة لن يقتصر الامر على العنصرية ضد ذوي البشرة السمراء، بل سيشمل كل من يعتبره اليمين المتطرف اجنبيا، ولن يكون مستغربا ان نشهد نظرية مكارثية عرقية اثنية، تقوم على قاعدة ان كل من يعتبره هؤلاء اجنبيا يصبح هدفا مشروعا لعنصريتهم. وهذا السيناريو سيضع الولايات المتحدة امام مشهد سوداوي من الطبيعي ان ترامب لم يؤسس له لكنه ساهم في تقويته بشكل كبير.