kayhan.ir

رمز الخبر: 89682
تأريخ النشر : 2019January30 - 19:48

انقلاب واشنطن في كاراكاس وسبل المواجهة البوليفارية..!


محمد صادق الحسيني

انها هي لغة كنعان الانجليزية واساليب اسرائيل الاولى اي الولايات المتحدة في نظرتها للعالم الاخر وضرورة ابادة شعوبة سيما سكان امريكا الاصليين تتكرر ولا جديد فيها مهما حاولت التستر على حقيقتها الدموية...!

ان مخططات الولايات المتحدة العدوانية ، وتصعيد التآمر المفتوح والمفضوح والمناقض لكافة القوانين والأعراف الدولية ، تجاة فنزويلا ورئيسها. ونظامها السياسي ، ليس بجديد على السياسة الخارجية الاميركية ولا هو من اختراع الرئيس الاميركي الحالي ، دونالد ترامب . اذ ان المؤامرات ، التي تقوم بتنفيذها ادارة ترامب الحاليّة ، تعود في الحقيقة الى بدايات القرن التاسع عشر وتعتبر امتدادا " لعقيدة مونروي " ( Monroe Doctrine )، التي اطلقها الرئيس الاميركي انذاك ، جيمس مونروي James Monroe وذلك عبر خطاب القاة امام الكونغرس الاميركي ، بتاريخ ٢/١٢ ١٩٢٣ ، والذي حدد فية الخطوط العريضة للسياسة الخارجية الاميركية ، والتي تتمحور حول النقاط التالية :

1. وجود منطقتي نفوذ في العالم ( Two Spheres ) . وتمثلت عندئذ في منطقة النفوذ الاميركية ومنطقة النفوذ الاوروبية .

2. عدم تدخل الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية الاوروبية ، وسمي هذا المبدأ بالانجليزية : ‏Non- Intervention، الا في حال تجاهلت الدول الاوروبية هذه المبادئ .

3. انهاءً اطماع الاستعمار ، في منطقة النفوذ الغربية / اَي الامريكيين / بمعنى وقف محاولات اعادة السيطرة على الدول التي نالت استقلالها حديثا في تلك الحقبة . وقد سمي هذا المبدأ بالانجليزية : Non - Colonization .

٤)وعلى قاعدة ما ذكر اعلاة قام الرئيس الاميركي ، في خطابة المذكور ، باطلاق شعار أميركا للأمريكيين .... وهو ليس بعيد ا ، في جوهرة ، عن شعار دونالد ترامب القائل : أميركا اولا .

اما في ظل الصراع الدولي القائم حاليا على مناطق النفوذ ، الذي تغذية عدوانية الولايات المتحدة باشكال وأساليب مختلفة ، فان صراع الولايات المتحدة الاميركية لم يعد مقتصرا على القوى الاستعمارية الاوروبية ، للسيطرة على أميركا الجنوبية ، كما كان الوضع في بداية القرن التاسع عشر ، وانما انتقل هذا الصراع الى دائرة اوسع وصلت الى روسيا والصين وإيران، نتيجة للتحولات الجيوسياسية التي شهدها العالم .

وعلية فقد عمدت الادارة الاميركية الى توظيف وسائل وأساليب جديدة ، بهدف مواصلة سيطرتها على مقدرات شعوب أميركا الجنوبية ، والتي تعتمد على القوة العسكرية والنشاط المخابراتي التخريبي ، الذي يهدف الى تحقيق سيطرة الولايات المتحدة المطلقة على كل قارة اميركا الجنوبية . وهو ما يعني محاربة اَي حكومة او قوة سياسية ، في تلك القارة تحاول ان تعارض سياسات الولايات المتحدة او حتى المطالبة بهامش اوسع من الاستقلالية ، كما كان الوضع في البرازيل والأرجنتين وتشيلي في العقدين الماضيين ، وصولا الى صعود حركة اليسار البوليفارية في فنزويلا الى السلطة قبل حوالي عقدين من الزمن ، وعبر انتخابات حرة ونزيهة .الامر الذي دفع بالولايات المتحدة للعودة الى أساليب تغيير الحكومات الوطنية بالقوة ، كما فعلت عام ١٩٧٣ عندما دعمت مجموعة انقلابية تشيلية في تنفيذ انقلاب عسكري في تشيلي ، ادى الى قتل الرئيس الشرعي للبلاد ، سلفادور الليِنْدي ، واستيلاء عملاء الولايات المتحدة من الجنرالات على الحكم وإقامة نظام حكم عسكري قتل عشرات الاف الأبرياء من الشعب التشيلي .

اذن ، فقد عمدت الولايات المتحدة الى اعادة تفعيل سياسة اسقاط الحكومات والدول الوطنية في تلك القارة ، وذلك من خلال :

أ)اقامة ٧٦ قاعدة عسكرية في دول عدة من دول امريكا الجنوبية والبحر الكاريبي ، التي من بينها : بنما / بورتو ريكو / كولومبيا / البيرو /.

ب)اقامة قواعد تجسس وحرب إلكترونية / اعلامية /حرب نفسيه/في اميركا الجنوبية ، للتأثير في الرأي العام هناك وتأليبة على الحكومات الوطنية .

ج)ومن اجل ذلك اقامت الولايات المتحدة قبل فترة وجيزة ، بالتعاون مع الأرجنتين وعلى أراضٍ أرجنتينية ، قاعدة تجسس رئيسية او اقليمية ، اطلقوا عليها اسم مركز الامن الإقليمي، وذلك عند المثلث الحدودي بين الأرجنتين والبرازيل والبراغواي .

د)توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين البنتاغون ووزارة الدفاع البرازيلية ، في شهر ١١/٢٠١٧ ، تقوم جيوش الدولتين بموجبها بتنفيذ تدريبات عسكرية مشتركة في غابات الامازون .

اذن فهو نشاط عسكري امني دعائي تخريبي واسع النطاق ، يشمل المساحة الممتدة من حدود المكسيك مع الولايات المتحدة شمالا، وحتى القطب المتجمد الجنوبي ،في اقصى جنوب قارة اميركا الجنوبية . وهذا الامر يستدعي ادارة العمليات في هذا المسرح الشامل بشكل منهجي ومخطط ومدروس ومن قبل جهات مختصة عالية الكفاءة ، خاصة وان معركة السيطرة على هذه القارة ليست مقتصرة على المواجهة مع فنزويلا وكوبا ، كما ذكرنا سالفا .

ومن اجل تحقيق ذلك قامت الولايات المتحدة بما يلي :

اولا : توسيع صلاحيات القيادة الجنوبية ( South COM ) في الجيوش الاميركية بحيث تشمل تنسيق وإدارة كافة عمليات الجيوش الاميركية في امريكا الجنوبية .

ثانيا : توثيق العلاقة والتعاون بين هذه القيادة وبين وكالة الاستخبارات الجوفضائية الامريكية ( National Geospatial-intelligegence Agency ) . علما ان هذه الوكالة هي اهم وكالة تجسس عسكرية امريكية يشمل عملها الجانبين العسكري والتجاري بالاضافة الى الاستطلاع الميداني واعدد الخرائط .

ثالثا : اقامة ثلاث غرف عمليات ، للإشراف على ادارة الميدان في امريكا الجنوبية ، حيث توجد الغرفة الاولى في ولاية فلوريدا الاميركية والثانية في سوتو كانو Soto Cano في هندوراس . اما الثالثة فتوجد في القاعدة الاميركية ، المقامة على اراضٍ كوبية محتلة ، في غوانتانامو Guantánamo .

ولعلة من الجدير بالذكر التنوية الى ان قائد القيادة الجنوبية في الجيوش الاميركية ، الأدميرال كورت تيد Kurt Tidd ، قد لخص التحديات والأهداف الاميركية وخططة الاستراتيجية ، في امريكا الجنوبية لفترة السنوات العشر القادمة ، وخلال حديث لة امام الكونغرس الاميركي في شهر شباط ٢٠١٨ ، بالنقاط التالية :

أ) انة وبالنظر الى القرب الجغرافي ، بين الولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية ، وبسبب العلاقات التجارية والمواضيع المتعلقة بالهجرة ، فان تأثير هذه القارة في الحياة اليومية للولايات المتحدة اكبر من تأثير اَي منطقة اخرى في العالم .

ب)اما التحدي الأهم ، حسب ترتيب الأولويات من قبله ، فيتمثل في محاربة الاتجار بالمخدرات وأعمال العصابات الاجرامية ، المحلية - في دول امريكا الجنوبية - او تلك العابرة للحدود .

ج)محاربة الوجود ( او النفوذ ) المتزايد لكل من الصين وروسيا وإيران في امريكا الجنوبية .

من هنا فان مواجهة الحملة التي بدأتها واشنطن ، ضد الدولة الوطنية في فنزويلا ورئيسها البوليفاري ، لن تكون سهلة ولا جولة صراع قصيرة وسريعة ، وانما ستكون مواجهة طويلة ومتجذرة وشاملة ، تستخدم فيها الولايات المتحدة كافة الاسلحة والأدوات التي في حوزتها وهي كثيرة . مما يعني ان الولايات المتحدة لن تعمد الى تنفيذ محاولة غزو فاشلة ، كتلك التي نفذتها في خليج الخنازير في كوبا بتاريخ ١٧/٤/١٩٦٢ ، وانما ستقوم بمواصلة الضغط الاقتصادي والمالي والحصار الخانق ، الى جانب تنفيذ عمليات تخريبية واسعة ضد اهداف اقتصادية / نفطية / وكذلك ضد مراكز عسكرية وأمنية ، معتمدة في ذلك على الامكانيات اللوجستية لقواعدها العسكرية ، الموجودة في كل من كولومبيا والبيرو المجاورتين لفنزويلا ، وذلك لإشاعة الفوضى الشاملة في البلاد ، تمهيدا لاستيلاء عملاء الولايات المتحدة في المعارضة الفنزويلية - المنقسمة على نفسها - على الحكم واعادة سيطرة شركات النفط والتعدين الاميركية على ثروات فنزويلا وتكريس كون اميركا الجنوبية حديقة للولايات المتحدة الاميركية ، وبالتالي التسبب في عرقلة التعاون البناء والمثمر بين الثلاثي الصيني الروسي الإيراني ودوّل تلك القارة في الحد الأدنى .

وهذا امر يستدعي :

–تعميق وتوثيق التعاون بين الدول الثلاث ،لإيجاد استراتيجية مشتركة لمواجهة المشروع الاميركي القاضي باسقاط قارة اميركا الجنوبية ، وبشكل سريع جدا ، ينطلق من ضرورة تعزيز الصمود الاقتصادي لحكومة فنزويلا الوطنيه.

–الأخذ بعين الاعتبار ان الدور الاوروبي ، في هذه الازمة ، هو دور الذيل التابع والذي ظهر واضحا في المواقف التي اتخذتها الدول الاوروبية من الانقلاب واعتراف معظمها بمنفذ الانقلاب الاميركي الفاشل . هذا الموقف الذي يتساوق تماما مع عقيدة الرئيس الاميركي السابق ، جيمس مونروي ١٩٢٣ ، الذي أعلن فية ان الغرب ( امريكا الشمالية والجنوبية) هو منطقة نفوذ ( للولايات المتحدة ) .

-تعزيز دعم التنظيمات والمجموعات والاحزاب اليسارية والتقدمية في عموم القارة ، حتى لو كانت تبدو غير فاعلة حاليا ، وذلك لان ما يجري هناك هو حلقة من حلقات الصراع الجيوسياسي الدولي التي يجب ان تعطى حقها ، والتي ان تمكنت الولايات المتحدة بنتيجتها من تثبيت سيطرتها على امريكا الجنوبية ، فان ذلك سيعني توسيع السيطرة البحرية الاميركية في المحيطين الأطلسي والهادئ الامر الذي سيلحق ضررا استراتيجيا كبيرا بالنشاط البحري الصيني والروسي كما الإيراني ايضا .

-لذا فان المطلوب الان ، الى جانب الدعم الاقتصادي الواسع لحكومة الرئيس مادورو ، هو البدء بالحشد السياسي الاستراتيجي ، في قارة اميركا الجنوبية ، تمهيدا لاستعادة المراكز القيادية ، التي سقطت في أيدي الولايات المتحدة ، في عدد من دول القارة ، وهو امر ليس مستحيلا وانما يحتاج الى قراءة دقيقة ،للظروف الموضوعية في تلك الدول ،والاستفادة من الإمكانيات المتوفرة ،لدى الثلاثي الصيني الروسي الإيراني ،واستثمارها سياسيا على المدى البعيد ، وباقصى درجات الكفاءة لضمان تحقيق النجاح على المدى المتوسط والبعيد .

وما ذلك على اللة بعزيز.

بعدنا طيبين قولوا الله