سورية ومشروع الحرب التركي – الأمريكي... المنطقة الآمنة لماذا الآن!؟
تزامناً مع استمرار حالة الغموض حول الانسحاب الأمريكي من منطقة شمال شرق وشرق سورية ،وتصاعد حدّة التهديدات والتحذيرات بين جميع الاطراف حول مستقبل المنطقة التي سيخليها المحتل الأمريكي ، أعلن في شكل مفاجئ من أنقرة وواشنطن عن خطط لتحويل هذه المنطقة لـ منطقة” آمنة ”.
وحسب الأعلان التركي – الأمريكي ، وحسب وسائل إعلام تركية فإن المنطقة الآمنة تشمل مدنا وبلدات من محافظات حلب والرقة والحسكة، وتمتد على طول 460 كيلومترا، على طول الحدود التركية السورية، وبعمق 20 ميلا (32 كيلومترا). وأبرز المناطق المشمولة في المنطقة الآمنة، المناطق الواقعة شمالي الخط الواصل بين قريتي صرّين (محافظة حلب)، وعين عيسى (محافظة الرقة). كما تضم المنطقة الآمنة مدينة القامشلي، وبلدات رأس العين، وتل تمر، والدرباسية، وعامودا، ووردية، وتل حميس، والقحطانية، واليعربية، والمالكية (محافظة الحسكة). وكذلك ستضم المنطقة كلا من عين العرب (محافظة حلب)، وتل أبيض (الرقة).
وهنا نستطيع أن نقرأ بوضوح وخصوصاً بعد الأعلان التركي – الأمريكي هذا ،أنّ القوى الاقليمية والدولية وخصوصاً أمريكا وتركيا، قد عادت من جديد لتمارس دورها في إعادة صياغة ورسم ملامح جديدة لأهدافها واستراتيجياتها المستقبلية بهذه الحرب المفروضة على الدولة السورية بكلّ أركانها، وما هذا التطور إلا جزء من فصول سابقة، عملت عليها الاستخبارات التركية والأمريكية ، منذ سنوات عدة ولليوم، فهي عملت على إنشاء خطط بديلة ، بحال تعثر خططها العسكرية ،والعودة للحديث الآن عن المناطق الآمنة ، يؤكد حقيقة تبني مشروع الحرب على سورية من قبل تركيا وأمريكا ، ووضع كل السيناريوهات اللازمة لانجاح واشنطن في مايو / أيار 2013، والعودة لتبنيها اليوم يؤكد حقيقة ،ان مشروع الحرب على سورية لم ينته لليوم ،ومازالت دوائر الاستخبارات العالمية المنخرطة بالحرب على سورية ،تضع كل خططها البديلة موضع التنفيذ والتفعيل حال الحاجة لها .
ما وراء الكواليس لما يجري في أنقرة وواشنطن اليوم يظهر انّ هناك مشروعاً تركياً – أمريكياً قد اقر يستهدف البدء بانشاء هذه المنطقة ، وما مغازلة الأكراد الاخيرة لانقرة وبضغط من واشنطن ،ما هو الا دليل يؤكد ، ان الظروف على الارض قد باتت مهيأة لانشاء هذه المنطقة وبحجج واهية، وهذه الحجج حسب مراقبين تدخل ضمن إطار الدخول المحتمل للجيش التركي أو أي قوات اخرى إلى الأراضي السورية، وإقامة مناطق "آمنة ” ستتحول لمناطق حظر جوي بأقصى الشمال والشمال الشرقي السوري، وكلّ هذا سيتمّ بحجج إعادة اللاجئين السوريين الى وطنهم وتوفير مناطق آمنة لهم، وهنا وفي شق آخر يبدو واضحاً انّ هذا المسعى التركي- الأمريكي المدعوم بأجندة إقليمية ودولية لإقامة مناطق "آمنة "بشمال سورية، سيصطدم بمجموعة «لاءات» روسية – ايرانية، فهذا المسعى يحتاج الى قرار أممي لتمريره والفيتو الروسي – الصيني حاضر دائماً، إضافة الى «لاءات» إيران المعارضة لأيّ تدخل خارجي بسورية تحت أيّ عناوين، وعلينا هنا الا ننسى انّ الجمهورية العربية السورية ما زالت بما تملكه من قدرات عسكرية قادرة على إسقاط أيّ مشروع علني لتدخل خارجي مباشر أو غير مباشر بسورية.
ختاماً، نقرأ أنّ أنقرة وواشنطن قد بعثت بكلّ رسائلها لكلّ الاطراف وخصوصاً للدولة السورية والروسية ولإيران، بأنّ هناك تغيرات كبرى منتظرة على الارض السورية، وهذا ما ترفضه في شكل قاطع كلّ من روسيا وإيران، وحتى بعض الدول المحايدة في الملف السوري نوعاً ما، وهذا ما قد يحتم على الدولة السورية وبدعم من حلفائها في الآتي من الأيام للردّ المباشر على تركيا وأمريكا إنْ اقتربت من الخطوط الحمر بالشمال والشمال الشرقي السوري ، ومن هنا فإنّ المرحلة المقبلة تحمل العديد من التكهّنات والتساؤلات حول تطور الأحداث على الجبهة الشمالية السورية، التي أصبحت ساحة مفتوحة لكلّ الاحتمالات، والآتي من الأيام من الأرجح سوف يحمل المزيد من الأحداث المتوقعة وغير المتوقعة ميدانياً وعسكرياً على هذه الجبهة تحديداً.
وكالة اوقات الشام