الرئيس الاسد وتطور خطابه خلال الحرب على سوريا..
ابراهيم شير
على مدار سنوات الحرب على سوريا كان الرئيس بشار الاسد، دائما ما يخرج سواء بخطاب مباشر الى الشعب او في مقابلة صحفية ليوضح خريطة ما يجري في البلاد، ودائما كانت كلماته تواكب اي تطور ميداني سواء كان عسكريا او سياسيا، ولكن دائما هناك خطوط حمراء يؤكد عليها بل ويشدد على عدم التفريط بها، اولها سيادة الدولة على كل اراضيها وهو ما يحتم عليها محاربة الارهاب وتجفيف منابعه. وثانيا التأكيد على ان القرار الاول والاخير للشعب السوري في اي قرار استراتيجي ومصيري للبلاد. ثالثا الحفاظ على علمانية الدولة وعدم الخلط بين السياسة والدين، وذلك حفاظا على الدين وجوهره من لعب السياسة.
بتاريخ 30/3/ 2011 كان اول خطاب للرئيس الاسد، بعد اندلاع الازمة في البلاد، ووقتها كانت كلمته واضحة وصريحة بان هناك مطالب شعبية ولكن بالمقابل هناك غرب يسعى لامتطاء هذه المطالب لتنفيذ اجندته الخاصة، وقال الرئيس الاسد "اليوم هناك صرعة جديدة هي ثورات بالنسبة لهم ونحن لا نسميها كذلك فهي ليست كذلك هي حالة شعبية بمعظمها، ولكن بالنسبة لهم إذا كان هناك شيء يحصل فيكون الغطاء موجودا" الرئيس الاسد اكد على ان الغرب ركز على الخلط بين الفتنة والاصلاح والحاجات اليومية، وذلك لتمرير اجندته، وهو اول من نبه للمؤامرة التي تحاك حول سوريا. مشددا في الوقت نفسه على ان البوصلة هي القضية الفلسطينية.
وبعد نحو عام تقريبا او عشرة اشهر تحديدا من اندلاع الازمة في البلاد وفي 10/1/2012 القى الرئيس السوري خطابه من جامعة دمشق، وبدأه بجملة "أحييكم تحية العروبة التي ستبقى عنواناً لانتمائنا وملاذاً لنا في الملمات كما سنبقى قلبها النابض بالمحبة والعنفوان.." وهنا اختار هذه الكلمات تحديدا ليوجه رسالة للداخل قبل الخارج بأن سوريا جزء من النسيج العربي ولن تستطيع ان تخرج من محيطها العربي مهما اشتدت الحرب والخلافات..
اما النقطة الاخرى الجوهرية كانت شخص رئيس الجمهورية، فخلال الاشهر التي سبقت الخطاب كان الحديث دائما بان الرئيس هرب من البلاد. فخرج الرئيس الاسد ليؤكد انه يشرف على ما يجري في البلاد شخصيا، وانه لن يتنازل عن مهامه الرئاسية خصوصا في ظل الحرب الكبيرة التي فرضت على البلاد. وانه لا يسعى الى منصب ولا يتهرب من مسؤولية.
في ثالث سنوات الحرب القى الرئيس الاسد خطابه وسط العاصمة في 30/6/2013 واللافت ان الصورة خلفه كانت جدارية للشهداء الذين سقطوا خلال الحرب. وهم وذويهم كانوا المحور الاساسي لبداية حديثه، اضافة الى دور المواطن في جميع مفاصل البلاد لابقاء سوريا على قيد الحياة. داعيا المواطنين لعدم السلبية خصوصا في تلك الفترة التي تفاجئ فيها الشعب السوري باصوات الرصاص والمدافع والقذائف والصواريخ، وكثيرا منهم تعرضوا لازمات نفسية نتيجة ذلك..
الرئيس الاسد خلال خطابه تحدث للمرة الاولى عن قضية تقسيم سوريا وان دمشق ستقف سدا منيعا بوجهها وانها ستحارب الارهاب الذي جله اجنبي. وطرح ايضا مبادرات الحل وتحدث عن الاصلاح الذي تقوم به الدولة السورية.
في خطاب القسم عقب الانتخابات الرئاسية في 16/7/2014 كان الرئيس الاسد واضحا فيه واكد إن الغرب ومن معه من الحكومات العربية قد فشلوا فيما خططوا له، لكنهم لن يتوقفوا عن استنزاف سوريا وذلك كهدف بديل لحربهم، وفعلا من ينظر لما جرى منذ ذلك الوقت يرى ان هذا الامر حدث فعلا. ولفت الرئيس الاسد الى ان الازمة اثبتت حقيقة العيش المشترك وان لا حرب اهلية في البلاد. وان مكافحة الفساد هي اولوية الدولة.
في الشهر الاخير من عام 2015 اجرى الرئيس الاسد مقابلة مع وكالة الانباء الاسبانية، وتحدث فيها عن الحوار مع الجماعات المسلحة مؤكدا على ان الحوار معها يكون كمجموعات وليس كتنظيمات والهدف من ذلك التوصل إلى وضع تتخلى فيه عن سلاحها. وبخصوص محاربة "داعش" كان سباقا للحديث عن ضرورة محاربة الأيديولوجيا التي زرعت في عقول الناس أو المجتمع في العالم العربي على مدى عقود وادت لخروج هذه الجماعة. مؤكدا ان ذلك حصل بسبب المؤسسات الوهابية والأموال السعودية التي دفعت وتدفع لدعم هذا النوع من الأيديولوجيا الظلامية. وان دون التعامل مع هذه الأيديولوجيا سيكون من قبيل إضاعة الوقت.
في عام 2016 اكد الرئيس الأسد في مقابلة مع وكالتي ريا نوفوستي وسبوتنيك الروسيتين أن المحورين الأساسيين اللذين يمكن أن يؤديا لنتائج تحمي سوريا ومواطنيها هما مكافحة الإرهاب أولاً والعمل السياسي لحل الأزمة ثانياً. وهنا نلاحظ ان دمشق ايقنت بان جميع مساعيها للحوار وجذب الاطراف للحل ستفشل بسبب دعم الارهاب المستمر من الخارج.
في عام 2017 خرج الرئيس الاسد ليؤكد لوسائل الاعلام الفرنسية أن كل شيء في العالم يتغير الآن فيما يتعلق في سوريا وعلى كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية. وان مهمة دمشق الرئيسية طبقا للدستور والقوانين تحرير كل شبر من أرضي البلاد.
اما في عام 2018 اكد الرئيس الاسد ام أي إصلاح دستوري أمر يتعلق بالشعب السوري فقط. وان الوطن يفتح حضنه لاي مواطن يريد العودة اليه. لكنه مشددا على ان من يصر على العمل وفق الاجندات الخارجية خصوصا في شرق البلاد، فانه لا حوار معه حتى يتخلى عن هذه الاجندات.
وخلال العامين الماضيين تحدث الرئيس الاسد صراحة عن اعادة الاعمار وان هذه المرحلة ستكون بايدي سورية واموال سورية وبمساعدة الحلفاء فقط.. نلاحظ ان الخطابات تطورت وفقا للاحداث وكانت جميعها صريحة وواضحة دون تزييف او تزوير من جانب الرئيس الاسد، وكانت جميعها تحمل املا بان انتهاء الحرب ليس ببعيد، ولكن دون ان تساوم دمشق على مبادئها الاساسية. وكان الرئيس الاسد هو اول من تحدث عن الاصلاح والمطالب المشروعة للشعب والمصالحات الوطنية وهو اول من قدم مبادرات حقيقية لحل الازمة في البلاد.